في قلب ميناء «كان» القديم، يرسو يخت باللون الأخضر الداكن، ليثير فضول الكثير من الزائرين والمتخصصين، لمعرض كان الدولي لليخوت.

ولعل أول ما يلفت الانتباه لهذا اليخت هي حروف «إتش في أو» المرسومة عليه بجوار شعار عملاق الطاقة الإيطالي «إيني»، وتعني تلك الحروف أن هذا اليخت يستخدم الوقود الحيوي للإبحار.

«ماجيلانو 60» هو أول يخت يعمل بالوقود الحيوي من إنتاج مجموعة «أزيموت-بينيتي» الإيطالية، الشهيرة ببناء اليخوت الفارهة، وهو ما يدفع العديد من العملاء المحتملين والمهتمين بالصناعة إلى التعرف عليه.

تقليل الانبعاثات

أُطلق «ماجيلانو» في معرض كان الدولي لليخوت بعد أن جاب اليخت البالغ طوله 60 قدماً شواطئ غرب المتوسط طوال صيف العام الحالي بهدف اختباره والتأكد من قدرته على الإبحار بالوقود الحيوي دون تأثير على المحركات التي لم تُدخل عليها «أزيموت» أي تعديلات، ويقلل اليخت الجديد الانبعاثات بنسبة 80 في المئة مقارنة بنظرائه الذين يبحرون باستخدام الديزل.

أول يخت من «أزيموت» الإيطالية يعمل بالوقود الحيوي
حروف «إتش في أو» على اليخت تعني أنه يستخدم الوقود الحيوي للإبحار (تصويركريم حسام الدين)

«أزيموت-بينيتي» التي تتخذ من مدينة لاسباتزيا الإيطالية مقراً، خصصت جزءاً كبيراً من مؤتمرها الصحفي السنوي للحديث عن مشاريعها الخاصة بالاستدامة، أو «الوعي» كما يحلو لجيوفانا فيتيللي، رئيسة الشركة العملاقة، أن تسمي المشروع، وقالت فيتيللي «نفضل استخدام كلمة الوعي على كلمة الاستدامة».

ماركو فالي، الرئيس التنفيذي للشركة، قال في لقاء مع «CNN الاقتصادية» في ميناء كان القديم «نحن نلتزم بالبعد البيئي، وندرك جيداً أننا إنْ لم نعمل على هذا الجانب فسيتم دفعنا للعمل عليه لاحقاً. لا أعرف متى تحديداً سنصل إلى بصمة كربونية صفرية، لكننا مستمرون في العمل من أجل ذلك».

الميثانول والهيدروجين كبدائل

أجرت المجموعة الإيطالية دراسات خلال الأعوام الماضية لاختيار أفضل وقود بديل يمكن استخدامه للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وقال ماسيمو سانتريلي، أستاذ نظم الطاقة المتطورة في كلية الهندسة بجامعة بوليتكنيكو، في مؤتمر صحفي نظمته المجموعة الإيطالية بمدينة كان الفرنسية «وقع الاختيار على الوقود الحيوي والميثانول والهيدروجين لإجراء الدراسة ومعرفة أيهما سيكون واقعياً للاستخدام، وخلصت إلى أنه لا يمكن استخدام الميثانول في المدى القريب بسبب القضايا الحرجة المتعلقة بالإنتاج والتوزيع، لكن يمكن أن يكون بديلاً واعداً على المدى البعيد. أما الهيدروجين، فيعد بديلاً بعيداً جداً نظراً لصعوبة تخزينه على متن اليخوت وبسبب الإدارة الآمنة له، وبالتالي تم تبني حل الوقود الحيوي الذي لا يستدعي أي تعديل على المحركات، ولا يشكل تهديداً فيما يخص السلامة».

وأضاف سانتريلي «اليوم، يعد الوقود الحيوي البديل الوحيد القابل للتطبيق بدلاً من الوقود الأحفوري، وفي الوقت الحاضر هو الأكثر فاعلية للمساهمة في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من صناعة اليخوت».

انتقادات بيئية لصناعة اليخوت

تتعرض صناعة اليخوت للكثير من الانتقادات بسبب نهم محركاتها للوقود، ما يرفع بصمتها الكربونية، لكن مجموعة «أزيموت» تسعى منذ ما يقرب من عقدين إلى تقليل استهلاك الوقود على متن يخوتها، فأطلقت في عام 2006 أول يخت هجين يعمل بالكهرباء إلى جانب الديزل، كما دشنت عام 2015 سلسلتها ذات الانبعاثات المنخفضة لفئة اليخوت التي يتراوح طولها بين 15 و40 متراً، وأعلنت مجموعة «أزيموت» مراراً في الآونة الأخيرة أن يخوتها تسبب انبعاثات أقل بمقدار 30 في المئة مقارنةً بمنتجات منافسيها.

يأسف ماركو فالي بسبب عدم الوضوح الكافي بخصوص استهلاك اليخوت للطاقة، ويقول «عندما نشتري سيارة نعرف جيداً كم ستستهلك من الوقود، لكن هذه البيانات غير متاحة بدقة في عالم اليخوت، ولهذا قررنا الكشف بدقة عن نتائج أبحاثنا لاستهلاك اليخوت الخاصة بنا ولزملائنا في الصناعة، وسنتيح المعلومات والأبحاث لتصبح في متناول جميع العاملين في الصناعة والمهتمين باليخوت، وذلك للمساهمة في تقليل الاحتباس الحراري وزيادة الوعي به».