مطبات هوائية تعرضت لها طائرة تابعة لل خطوط الجوية السنغافورية يوم الثلاثاء خلال رحلتها من لندن إلى سنغافورة، أدّت إلى وفاة أحد ركابها وإصابة 30 آخرين واضطرار الطائرة من طراز بوينغ 777-300ER إلى تحويل مسارها إلى بانكوك.
وأثارت هذه الحادثة مخاوف العديد من محبي السفر بشأن مدى خطورة المطبات الهوائية، ولكن الخبراء يؤكدون أن فهم أسباب المطبات الهوائية قد يساعد طاقم الطيران والركاب على التخفيف من تأثيرها بشكلٍ كبير.
وإليكم دليلاً تفصيلياً عن المطبات الهوائية يوضّح لكم أسبابها ومدى خطورتها والطريقة الأمثل للاستجابة لها.
ما هي المطبات الهوائية وما أسبابها؟
المطبات الهوائية هي حالة عدم استقرار في الهواء المحيط بالطائرة، وهناك عدة أسباب تؤدي إلى حدوثها، ومن أبرز هذه الأسباب هي أنماط الطقس غير المستقرة التي تؤدي إلى العواصف، وفقاً لشركة إيرباص.
وبحسب بيان نشره بول ويليامز، أستاذ علوم الغلاف الجوي بجامعة ريدينغ بالمملكة المتحدة «يمكن أن يكون سبب المطبات الهوائية في أثناء الرحلات الجوية هو العواصف والجبال والتيارات الهوائية القوية التي تسمى التيارات النفاثة»، وأضاف «في هذه الحالة الأخيرة، يُطلق عليه مطب الهواء النقي، وقد يكون من الصعب تجنبه لأنه لا يظهر على رادار الطقس في مقصورة القيادة».
وفي مطبات الهواء النقي، يتحرك الهواء في تيارات تشبه الأنهار، وتسمى التيارات النفاثة؛ وهذه التيارات عبارة عن ممرات هوائية سريعة توجد في الارتفاعات العالية، خصيصاً بين الأماكن ذات الهواء الدافئ والبارد.
وعادة ما يحاول الطيارون إما الاستفادة من تلك التيارات وإما تفاديها، وذلك لتوفير الوقود، ولكن أحياناً يضطرون إلى عبور أحد تلك التيارات، ويسبب ذلك بعض المطبات الهوائية.
ويتم تحذير الطيارين أحياناً من المطبات الهوائية من قِبل إدارة الطيران الفيدرالية أو فِرق الأرصاد الجوية في شركات الطيران أو حتى الطيارين الآخرين الذين حلقوا في مناطق تعرضت للمطبات، ومع ذلك يمكن للمطبات الهوائية أن تحدث دون سابق إنذار.
ما مدى شيوع وخطورة المطبات الهوائية؟
تُعدّ الحوادث المرتبطة بالمطبات الهوائية شائعة، وفقاً لدراسة أجراها المجلس الوطني لسلامة النقل الأميركي عام 2021.
وفي الفترة من عام 2009 حتى عام 2018، شكّلت المطبات الهوائية أكثر من ثُلث الحوادث المبلغ عنها، وأدّى معظمها إلى إصابة خطيرة واحدة أو أكثر، ولكن لم تحدث أضرار بالطائرات.
ووفقاً لإدارة الطيران الفيدرالية، أصيب 30 راكباً و116 من أفراد الطاقم بجروح خطيرة بسبب الاضطرابات الجوية في الفترة من 2009 إلى 2021.
ويُقدّر عدد ركاب الخطوط الجوية حالياً بنحو أربعة مليارات مسافر سنوياً، لذلك من الواضح أن مثل هذه الحوادث لا تزال نادرة.
وبحسب مجموعة بيانات الطيران سيريوم أسند (Cirium Ascend) البريطانية، فإن آخر حادث مميت متعلق بالمطبات الهوائية كان في ديسمبر كانون الأول عام 1997، عندما تعرضت طائرة بوينغ 747 التابعة لشركة يونايتد إيرلاينز لمطبات هوائية أدّت إلى مقتل أحد ركابها خلال رحلتها من طوكيو إلى هونولولو.
ما الطائرات الأفضل للمطبات الهوائية؟
وفي ما يتعلق ببنيتها، فإن جميع الطائرات التجارية الحديثة مصممة للتعامل مع قوى أكبر بكثير من تلك التي تواجهها في أثناء الطيران، بحسب مدير السلامة في سيريوم أسند، بول هايز.
ولكن وفقاً لموقع توربلي السويدي للتنبؤ بالاضطرابات الجوية، فإن الشعور الذي يشعر به الركاب يختلف من طائرة إلى أخرى ومن مقعد إلى آخر.
ويمكن أن يكون الجزء الخلفي من الطائرات الطويلة أكثر عرضة للمطبات الهوائية، والمكان المثالي هو حول مركز الجاذبية، والذي عادةً ما يكون أمام الأجنحة مباشرة.
وتحتل طائرة بوينغ 787-9 عالية التقنية، والمزودة «بنظام تخفيف الرياح» من شركة هانيويل، المرتبة الأولى في التعامل مع المطبات الهوائية، وفقاً لتوربلي، تليها إيرباص A340-500/600، على الرغم من أن الطراز ذا المحركات الأربعة لم يعد مستخدماً على نطاق واسع بسبب تكاليف الوقود.
ويُنظر إلى عائلة طائرات بوينغ 777 على نطاق واسع على أنها تتمتّع بسجل قوي في مجال السلامة، باستثناء الخطوط الجوية الماليزية MH17 التي أسقطها صاروخ فوق أوكرانيا والاختفاء الغامض للطائرة MH370، وكانت الحادثتان قد حصلتا عام 2014.
كيف يستجيب الطيارون والمسافرون للمطبات الهوائية؟
يحاول طاقم الطيران التخطيط مسبقاً لتفادي المطبات الهوائية من خلال دراستها والتنبؤات الجوية الأخرى، والتي تحسنت على مر السنين، وتحميل وقود إضافي عند الحاجة ومراقبة رادار الطقس في أثناء الرحلة.
لكن في بعض الأحيان تصعب الاستجابة السريعة في حال تعرض الطائرة إلى مطبات الهواء النقي العنيفة.
أمّا بالنسبة للركاب، فعليهم اتباع تعليمات الطاقم وارتداء أحزمة الأمان عند الجلوس.
ومن بين الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، أفراد الطاقم الذين يجب عليهم القيام بجولة في المقصورة للتحقق من ربط أحزمة الأمان عند ظهور اللافتات.
هل هناك أي تكنولوجيا جديدة تحول من التعرض للمطبات الهوائية؟
تقول وكالة ناسا إنها تعمل على تطوير نظام للإنذار المبكر يعتمد على ميكروفونات مثبتة على الأرض تعمل بالموجات فوق الصوتية للكشف عن مطبات الهواء النقي على بُعد مئات الأميال.
وتقول شركة تربلنس سوليوشنز (Turbulence Solutions) الناشئة في مجال التكنولوجيا ومقرها النمسا، إنها تعمل على تطوير تقنيات للقضاء على ما يصل إلى 80 في المئة من الاضطرابات الجوية.
لكن خبراء الصناعة يحذّرون من أن أي أنظمة طائرات جديدة يجب أن تثبت أنها تعمل بمستوى عالٍ من الموثوقية، ويستغرق الأمر سنوات من الاختبارات الصارمة قبل التحقق من صحة التكنولوجيا.
هل التغيّر المناخي مسؤول عن المطبات الهوائية؟
أثارت سلسلة من التقارير عن الاضطرابات جدلاً حول ما إذا كان تغيّر المناخ قد يسبب المزيد من الاضطرابات.
وأشار تقرير صادر عن جامعة ريدينغ العام الماضي إلى أن الاضطرابات قد تتفاقم مع تغيّر المناخ.
وفي حديثه مع شبكة فوكس نيوز، قال بول ويليامز إنه على الرغم من وجود علاقة قوية، فإن هناك حاجة إلى مزيد من البحث.
وأضاف ويليامز: «من السابق لأوانه إلقاء اللوم بشكل قاطع على تغيّر المناخ في الزيادات الواضحة الأخيرة في عدد المطبات الهوائية»، وأشار إلى أن الزيادة الملحوظة قد يكون سببها التغطية الإعلامية المتزايدة، ولقطات الفيديو التي ينشرها الركاب على وسائل التواصل الاجتماعي.