شهدت دبي نمواً سكانياً غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع عدد سكان المدينة من نحو 1.86 مليون نسمة في عام 2010 إلى ما يقارب 3.77 مليون نسمة بحلول نهاية عام 2024.

وتُعد دبي اليوم نموذجاً رائداً في مواجهة التحديات الناجمة عن النمو السكاني من خلال الابتكار والتخطيط الاستراتيجي، سواء عبر التوسع في نظام سالك، تعزيز شبكة المترو، أو اعتماد حلول ذكية مثل خدمات هلا تاكسي، تسعى المدينة لتحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والراحة الحضرية لسكانها وزوارها.

ويمثل هذا النمو السريع تحدياً للبنية التحتية، خاصةً قطاع النقل، الذي يعاني من ضغط متزايد لتلبية احتياجات التنقل اليومية لسكان المدينة وزوارها.

لمواجهة هذه التحديات، تبنت دبي حلولاً مبتكرة على عدة مستويات، شملت التوسع في نظام «سالك»، وتعزيز خدمات النقل الذكية مثل «هلا تاكسي»، والتوسع في شبكة المترو.

توسع نظام سالك: خطوة نحو تنظيم الحركة المرورية

أحد الحلول الرئيسية التي نفذتها دبي مؤخراً هو التوسع في نظام «سالك»، الذي يُعد أداة رئيسية لتنظيم تدفق حركة المرور في المدينة، في نوفمبر 2024، أعلنت هيئة الطرق والمواصلات عن إطلاق بوابتين جديدتين للنظام، وتهدف هذه الإضافات إلى تخفيف الازدحام في المناطق الحيوية وتعزيز تدفق حركة المرور.

إلى جانب ذلك، تمت مراجعة رسوم المرور في بعض البوابات لتشجيع السائقين على استخدام الطرق البديلة الأقل ازدحاماً، ووفقاً لرؤية دبي الحضرية 2040، تسعى المدينة إلى تحسين استدامة التنقل من خلال تقليل الاعتماد على السيارات الخاصة وتشجيع استخدام وسائل النقل العام.

حلول النقل الذكية: هلا تاكسي نموذجاً

إلى جانب التوسع في البنية التحتية، برزت شركات النقل الخاصة كشريك رئيسي في توفير حلول ذكية ومبتكرة، «هلا تاكسي»، وهي شراكة بين هيئة الطرق والمواصلات ومنصة «كريم»، تعد مثالاً بارزاً على كيفية دمج التكنولوجيا لتلبية الطلب المتزايد على النقل.

قال خالد نسيبة، الرئيس التنفيذي لشركة هلا تاكسي لـCNN الاقتصادية: “نعمل على استخدام التكنولوجيا لتحليل أنماط الطلب وتوجيه أسطولنا بكفاءة، على سبيل المثال، خلال الفعاليات الكبيرة أو في المراكز التجارية المزدحمة، نستخدم تقنية المواقع عالية الكثافة لضمان توفر عدد كافٍ من السيارات وتقليل أوقات الانتظار.”

علاوة على ذلك، تركز هلا تاكسي على تقديم خدمات بأسعار معقولة، أطلقت الشركة مبادرات موجهة لمستخدمي وسائل النقل العام، بما في ذلك خصومات للرحلات من وإلى محطات المترو، بالإضافة إلى تنفيذ أكثر من 400 حملة سنوية تستهدف الركاب ذوي الحساسية للأسعار.

وأوضح نسيبة أن النمو السكاني والاقتصادي في دبي أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب على خدمات النقل، وذكر أن الشركة شهدت ارتفاعاً سنوياً بنسبة 20% في عدد المستخدمين، و19% في عدد الرحلات، وهو مؤشر واضح على توسع قاعدة العملاء.

وأضاف: «الطلب المتزايد لا يعني فقط توفير المزيد من السيارات، بل أيضاً تحسين الكفاءة، لقد تمكنّا من زيادة مستوى الموثوقية بنسبة 11% خلال العام الماضي، ما يعكس التزامنا بتقديم خدمات عالية الجودة تلبي احتياجات السكان في جميع أنحاء دبي»، هذا النمو يعكس أهمية الدور الذي تلعبه التكنولوجيا والتحليل الذكي للبيانات في تمكين الشركة من مواكبة هذا الطلب المتزايد مع الحفاظ على جودة الخدمة.

التوسع في شبكة المترو: مشروع الخط الأزرق

إدراكاً للحاجة إلى تعزيز البنية التحتية للنقل العام، أعلنت هيئة الطرق والمواصلات عن مشروع «الخط الأزرق» ل مترو دبي، يمتد هذا الخط على طول 30 كيلومتراً ويشمل 14 محطة، ومن المقرر أن يبدأ تشغيله في سبتمبر 2029، بالتزامن مع الذكرى العشرين لإطلاق مترو دبي.

ويهدف المشروع إلى ربط مناطق حيوية في الإمارة، مثل رأس الخور الصناعية، والورقاء، ومردف، وواحة دبي للسيليكون، والمدينة الأكاديمية، ما يسهم في تسهيل التنقل اليومي للسكان والزوار.

ومن المتوقع أن يخدم الخط الأزرق نحو 200,000 راكب يومياً بحلول عام 2030، مع زيادة هذا العدد إلى 320,000 بحلول عام 2040.

سيسهم هذا التوسع في تقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، ما يخفف من الازدحام المروري ويقلل من الانبعاثات الكربونية، دعماً لرؤية دبي الحضرية 2040

التاكسي الطائر

يعد التاكسي الطائر أحد أبرز ملامح مستقبل النقل في دبي في إطار خططها الطموحة لتصبح المدينة الأكثر تقدماً في مجال النقل المستدام والمبتكر، تستعد دبي لإطلاق خدمة التاكسي الطائر بحلول عام 2026، وهي خطوة تعكس التزام المدينة بتقديم حلول ذكية لتلبية احتياجات التنقل المتزايدة.

هذه الخدمة، التي ستعتمد على مركبات كهربائية ذاتية القيادة قادرة على الإقلاع والهبوط عمودياً، تهدف إلى تقديم وسيلة نقل سريعة وفعّالة لتقليل وقت التنقل داخل المدينة بشكل جذري، من المتوقع أن تلعب هذه الخدمة دوراً مهماً في تخفيف الضغط على الطرق المزدحمة، خاصة في المناطق الحيوية مثل وسط المدينة ونخلة جميرا.

وعلى سبيل المثال، رحلة تستغرق عادةً 40 دقيقة بالسيارة في ساعات الذروة يمكن أن تُنجز في أقل من 10 دقائق عبر التاكسي الطائر.

هذا التحول لا يساعد فقط في تقليل الازدحام، بل يسهم أيضا في تقليل انبعاثات الكربون بفضل الاعتماد على تقنية الدفع الكهربائي.