حققت صناعة الساعات السويسرية من أرقاما قياسية في القيمة والكمية مقارنة بأعوام سابقة، على الرغم من التداعيات السلبية لجائحة كورونا على الاقتصاد العالمي ثم تبعات الحرب في أوكرانيا وتوقف صادرات ساعاتها تمامًا إلى روسيا وتراجع الطلب في الصين.
وحافظت المبيعات على خط نمو متصاعد ثابت تخطى عتبة العشرة في المئة خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2022. إذ بلغت قيمة الصادرات، وفق تقرير اتحاد صناعة الساعات السويسرية لشهر أكتوبر/تشرين الأول، 2.3 مليار فرنك سويسري، وذلك بزيادة قدرها 6,7 في المئة من الفترة عينها من عام 2021.
وقفزت قيمة الصادرات إلى 20.4 مليار فرنك سويسري في أول عشرة أشهر من عام 2022، بارتفاع بلغت نسبته 11.9 في المئة عن العام الماضي. وتوقعت البيانات المتوفرة أن تواصل الصادرات طريقها صعوداً حتى نهاية العام الجاري.
ومن ناحية أخرى، توقعت شركة Deloitte الاستشارية المالية في تقرير استطلعت فيه آراء المستهلكين ومدراء تنفيذيين لكبرى شركات الساعات، أن تقفز المبيعات السنوية للساعات المستعملة من 20 مليار فرنك الآن إلى 35 مليار فرنك سويسري (35 مليار دولار) بحلول عام 2030.
أدى تزايد الطلب على الساعات المستعملة المتطورة إلى قيام صانعي الساعات مثل Richemont بالتوسع في هذا القطاع من خلال استحواذها على منصة Watchfinder. وتتوقع Deloitte أن تطلق المزيد من العلامات التجارية قنوات البيع الخاصة بها في السوق الثانوية.
وكانت «رولكس» أعلنت أخيراً أنها ستبدأ إصدار شهادات الأصالة للتجار المعتمدين الذين يبيعون ساعاتها المستعملة في خطوة ستمنح الشركة السويسرية مزيداً من الرقابة على منتجاتها.
كما أعلنت «رولكس» على موقعها الإلكتروني أنَّ متجر التجزئة السويسري «بوخرير»«سيكون أول من يبدأ ببيع ساعات»رولكس«المستعملة والمصدّق عليها بأنَّها أصلية من الشركة في المتاجر المنتشرة في جميع أنحاء أوروبا. ويمكن لوكلاء»رولكس” المعتمدين الآخرين المشاركة في البرنامج في ربيع عام 2023.
تزايد الطلب خلال أزمة كورونا
ارتفع الطلب على الساعات الراقية بشكل جنوني خلال جائحة كورونا، فبينما كان الملايين يفقدون وظائفهم، حققت مجموعات من المستثمرين الشبان بالعملات الرقمية المشفرة أرباحاً طائلة. وسرعان ما توجه اهتمام البعض منهم لشراء الساعات الفاخرة الأمر الذي أحدث انتعاشاً غير متوقع في السوق.
لكن صانعي الساعات الراقية لم يتمكنوا في ذلك الحين من تلبية الطلبات المتزايدة لأسباب تتعلق بطبيعة هذه الصناعة الحرفية التي تشمل صناعة وجمع مئات الأجزاء الدقيقة ما يتطلب الكثير من الوقت.
أدى هذا الأمر إلى تضخم قوائم الانتظار في شركات مثل «باتيك فيليب» و«رولكس» و«روجيه دوبوي» و«أوديمار بيغيه». وانسحب ذلك على صانعين مستقلين آخرين مثل «إف بي جورن» و«فوتيلينن» وغيرهم.
وبالنتيجة اتجه مستثمرو العملات الرقمية للبحث عن مبتغاهم في الأسواق الرديفة الأمر الذي أدى بدوره إلى انتعاش غير مسبوق هناك. وبدأت أسعار الساعات المستعملة بالارتفاع، فبيعت طرازات مشهورة منها بأضعاف مضاعفة لسعرها الأصلي.
تدني الأسعار
بعد هذه الطفرة هوت أسعار العملات الرقمية وتراجع الطلب على الساعات الفاخرة بسوقيها الرئيسي والثانوي فهبطت الأسعار.
وبحسب تقرير صادر عن مورغان ستانلي باستخدام بيانات من WatchCharts – التي تتعقب مبيعات سوق الساعات في الوقت الفعلي – انخفضت أسعار الساعات الأكثر رواجًا من العلامات التجارية الفاخرة بشكل كبير.
فشهدت طرازات «رولكس» الأكثر شهرة انخفاضًا في أسعارها بنسبة 21% منذ الذروة في شهر أبريل الماضي. في حين انخفضت أسعار ساعات «باتيك فيليب» في السوق الموازية بنسبة 19%.
ولاحظ التقرير أيضاً زيادة كبيرة في مخزون سوق الساعات الثانوية العامة بسبب إفراغ تجار الساعات المستعملة والمستثمرين الأفراد مخزونهم.
إلا أن انخفاض الأسعار هذا لم يعدها الى حدود المنطق، فمازالت هذه الساعات تباع بأسعار أعلى بكثير من سعرها الأول عند شرائها من الصانع أو الوكيل.