ليست الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تضع سقفاً للديون، أو مقدار الأموال التي يُسمح لحكومتها باقتراضها، لكنها الوحيدة التي تتجه بانتظام إلى حافة أزمة سياسية واقتصادية نتيجة لذلك.

وحذرت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، من أنه إذا لم يتوصل أعضاء الكونغرس إلى اتفاق قريب بشأن سقف الديون، فقد ينفد النقد لدى الولايات المتحدة، وتتخلف عن دفع فواتيرها بحلول الأول من يونيو حزيران.

هل تعاني الدول الأخرى المشكلة نفسها؟

قال مساعد مدير مركز أبحاث «أتلانتيك كونسيل»، مروجانك بوشاري، «قلة من الدول تضع قيوداً رسمية على اقتراض الحكومة اللازم للوفاء بالالتزامات القانونية، ومن النادر أن تشكل هذه القيود تهديدات حقيقية للاستقرار الاقتصادي في بلد ما».

والدنمارك هي الاقتصاد المتقدم الآخر والوحيد الذي يضع سقفاً للديون الحكومية، ومع ذلك فإن المشرعين في الدولة الاسكندنافية لا يجدون أنفسهم عالقين في مواجهات سياسية دائمة بسبب سقف الديون.

وأقرت الدنمارك زيادة سقف الديون مرة واحدة فقط، بهدف التعامل مع التداعيات الاقتصادية للأزمة المالية لعام 2008، لكن الزيادة لم تكن ضرورية في نهاية المطاف، إذ بقي الاقتراض أقل بكثير من حد الديون.

الأزمة الأميركية ذات طابع خاص

فرض الكونغرس الأميركي لأول مرة سقفاً قدره 45 مليار دولار على إجمالي اقتراض الحكومة في عام 1939، وكان هذا أعلى بنحو عشرة في المئة من إجمالي الدين الفيدرالي حينئذ.

منذ ذلك الحين، توسع اقتصاد البلاد بشكل كبير، كما توسعت مستويات الاقتراض، إذ ارتفع الدين الفيدرالي للولايات المتحدة إلى 30.9 تريليون دولار في عام 2022 (من 870 مليار دولار في عام 1939، بالقيمة الحالية للدولار).

وبلغت نسبة الدين الحكومي العام إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 128 في المئة في عام 2021، بحسب بيانات «صندوق النقد» الدولي.

وهذا يعني أن الكونغرس كان عليه التدخل على نحو متكرر لتجنب الأزمة المالية، ومنذ عام 1960، قرر المشرعون رفع أو تعديل سقف ديون الولايات المتحدة بواقع 78 مرة.

على الجانب الآخر، تميل البلدان التي اختارت تحديد سقف للاقتراض إلى هيكلة ديونها كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، حتى تتمكن الحكومة من الاستمرار في سداد فواتيرها، بحسب بوشاري.

وأوضح أن ماليزيا وناميبيا وباكستان من ضمن البلدان التي تفعل ذلك، كما يطلب الاتحاد الأوروبي من الدول الأعضاء قصر الدين على 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، رغم أن العديد يخالفون هذه القاعدة باستمرار.

لذا، فإنها مشكلة تنفرد بها الولايات المتحدة، وقال بوشاري، «لا أحد يعرف تماماً ما سيحدث، وهذا يثير الكثير من عدم اليقين».

وتوقع الاقتصاديون في البيت الأبيض أنه إذا كانت الولايات المتحدة غير قادرة على الدفع لدائنيها لفترة طويلة، فقد تنهار قيمة أسواق الأسهم، مع احتمالية أن تعاني البلاد ركوداً عميقاً، مع فقدان أكثر من 8 ملايين وظيفة.

(جوليا هورويتز – CNN).