اشتعل في السودان صراع جديد تسبب حتى الآن في مقتل 270 شخصاً وإصابة أكثر من 2600 آخرين، لكن الخطر الاقتصادي لا يقل شدة على ثروات السودان الطبيعية الهائلة والمتفلتة من سلطة الدولة التي تقوضها النزاعات، وعلى رأسها الذهب وتصدير النفط.

الحرب الحالية لم تخلق أزمة السودان الاقتصادية التي تتفاقم منذ سنوات من دون أي أفق للحل ومع معدل تضخم سجل 422.78 في المئة في يوليو تموز 2021، لكنها باتت تهدد بتأجيجها.

خريطة توضح مناطق ثروات السودان تحت نفوذ الجيش  السوداني

ذهب السودان

قال السياسي والخبير في الشؤون السودانية محمد فاروق لـ«CNN الاقتصادية» إن الثروات في السودان، ومن أبرزها الذهب والنفط والإنتاج الزراعي والحيواني، «في خطر شديد» جراء الأحداث الأخيرة التي تشهدها البلاد.

تتركز مناجم الذهب في منطقة قبقبة في شمال البلاد بالإضافة إلى جبل عامر الغني بالذهب في منطقة دارفور في الشمال الغربي ويسيطر عليها الجيش الوطني، لكن موارد تعدينية أخرى أصبحت خارجة عن سيطرة الدولة، ما يسهل النشاطات غير الشرعية.

كان الذهب أعلى صادرات السودان في 2021، وبلغ 2.85 مليار دولار، وجاء بعده النفط خام الذي بلغت قيمة صادراته 395 مليون دولار، بحسب Economic complexity Index.

ولفت فاروق إلى أن المعارك «تؤثر أيضاً على الصادرات المستوردة عبر الميناء البحري الوطني، المتدهور أساساً بسبب ضعف البنية التحتية في المرافق، والتي قد تتدهور أكثر بسبب الاشتباكات الحالية».

وشدّد الخبير السوداني على أن الإنتاج المحلي والإمدادات الطبية توقفا أيضاً مع غياب للعمليات البنكية.

وقال فاروق «العمليات اللوجستية في السودان توقفت عن العمل، والإمدادات في السودان تعتبر واسعة بسبب مساحة البلاد الهائلة وأهمها المواد الطبية التي تعرقلت إمداداتها بسبب الاشتباكات».

نفط الشمال والجنوب

وأشار مصطفى إلى أن تصدير النفط الخام وقع أيضاً تحت ضغوط النزاعات الحالية.

ينتج السودان نحو 60 ألف برميل يومياً من النفط، بينما ينتج جنوب السودان 125 ألف برميل يومياً، ويصدر الجنوب نفطه عبر خطي أنابيب يمران عبر الشمال.

وأوضح الخبير في الشؤون السودانية، أحمد مصطفى، لـ«CNN الاقتصادية» أن «مواقع حقول النفط في السودان وبنيتها التحتية هي من المواقع الاستراتيجية التي يسعى طرفا الحرب للسيطرة عليها، ما يجعلها هدفاً استراتيجياً» للأطراف المتنازعة.

أما لوجستياً، فأوضح مصطفى أن «الحرب قطعت كل الطرق البرية والجوية تماماً بين الحقول في الجنوب والخرطوم وميناء بورتسودان، والإمدادات متوقفة تماماً الآن بسبب الحرب، وما تمتلكه الشركات في مخازنها قد لا يكفي العمل في الحقول لأمد طويل، ما يقرع ناقوس الخطر».

ولفت إلى أن توقف تصدير النفط بسبب الحرب قد يخل بالميزان التجاري للاقتصاد السوداني المترنح في الأساس، مسبباً مزيداً من العجز التجاري، ما سيؤدي لعواقب وخيمة أخرى كارتفاع معدلات التضخم والبطالة.