زيادة ما بين 30 و50 في المئة في الأسعار هو ما يطالب به مصنعو الأسمدة الكيمياوية في مصر، وحتى إذا لم ترفع الحكومة المصرية أسعار المادة التي يعتمد عليها أغلب المزارعين في وادي النيل والدلتا، إلّا أن العاملين في النشاط الزراعي في مصر متوجسون من تطبيقه؛ إذ سيرفع عليهم تكلفة زراعة كل فدان.
جلال عباس فلاح في قرية قها الواقعة نحو 25 كم إلى الشمال من العاصمة القاهرة، يقوم بزراعة 5 أفدنة بالذرة والسمسم.
قال عباس في لقاء مع CNN الاقتصادية إن «عملية تغذية الأرض بالأسمدة تكلف في بعض النباتات حتى 25 في المئة من إجمالي النفقات المخصصة لكل فدان، وإن زيادة أسعار الأسمدة -أو الأملاح كما يسميها- ستؤثّر بشكلٍ كبير في مجموع الإنفاق المخصص لكل فدان، كما قد تؤدي إلى رفع أجور العمالة والنقل».
احتياج تاريخي للأسمدة
والحاجة إلى الأسمدة مسألة مركبة، يجتمع فيها التاريخ وأسعار الغذاء واستيراد الغاز وحجم الصادرات.
بدأت الحاجة للأسمدة في مصر في منتصف السبعينيات مع ظهور تأثير حجب السد العالي للطمي المنقول من أراضي دول منابع النيل خاصة منابع النيل الأزرق في إثيوبيا، فغياب هذا الطمي حرم الأراضي الزراعية الواقعة شمال السد من المغذيات الطبيعية.
فبدأ الفلاحون باستخدام الأسمدة للتعويض عن المغذيات الطبيعية الغائبة، ومع مرور السنوات أصبحت مصر من أهم منتجي ومصدري الأسمدة الكيميائية في العالم.
ويوجه 55 في المئة من الأسمدة إلى السوق المحلية بالسعر المدعم الذي يبلغ 4800 جنيه للطن مقابل حصول المصانع على الغاز اللازم للصناعة بسعر تفضيلي يبلغ 5.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بحسب بيانات جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز، وهو هيئة حكومية مصرية، ولكن المزارعين لا يحصلون من الجمعيات الزراعية على الكمية الكافية للزراعة فيقومون بشراء جزء من السوق الحرة التي تحصل على 10 في المئة من الإنتاج لمتطلباتها.
ويسميه عباس «السوق السوداء مع وصول سعر الطن فيها إلى 20 ألف جنيه، وهو ما يشكّل عبئاً كبيراً علينا، ومع زيادة سعر السماد المدعم في الجمعيات الزراعية من المؤكد أن السعر خارج الجمعيات سيشهد كذلك ارتفاعاً».
تحديات في تحديد الأسعار
تختلف حاجة كل فدان من الأسمدة حسب طبيعة التربة وحسب طبيعة النبات الذي تنثر بذوره أو تغرس شتلاته في الأرض، ولكن بحسب عباس في المتوسط يحتاج الفدان إلى ضعف الكمية التي يحصل عليها من الجمعيات الزراعية فيقوم بشراء ما يتيح نمو النبات بشكل سليم من السوق الموازية للأسمدة.
ولم يحدد رئيس المجلس التصديري للمواد الكيميائية والأسمدة الذي يعمل كلوبي أو تجمع لحماية مصالح منتجي السماد في مصر خالد أبو المكارم نسبة زيادة الأسعار التي يرغب المنتجون في الوصول إليها واكتفى بالقول في اتصال مع CNN الاقتصادية إن «هناك رغبة بين منتجي السماد في مصر للوصول إلى أسعار تعكس التكاليف الفعلية للإنتاج وتتيح لهم نسبة أرباح معقولة، وكي نصل إلى هذا يجب إحداث توازن بين سياسات الدعم الحكومي والقدرة الشرائية للمزارعين».
تقوم الحكومة في مصر بتحديد سعر توريد المحاصيل الزراعية الاستراتيجية مثل القمح.
تحتاج زراعة فدان القمح إلى نحو 350 كيلوغراماً من الأسمدة بحسب حسين أبو صدام نقيب الفلاحين في مصر.
وأضاف أبو صدام في اتصالٍ مع CNN الاقتصادية، أن «تعطل مصانع السماد في بدايات فصل الصيف بسبب نقص الغاز تسبب في توقف الإنتاج وانخفاض المعروض، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار في السوق الحرة».
ورفع سعر السماد قد يدفع الفلاحين إلى زراعة أصناف غير نهمة في امتصاص السماد، ما يساعدهم على تقليل التكلفة وامتصاصها.
والواقع اليوم يتنبأ برفع جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز للسعر، حيث أعلنت مصر استيراد 18 سفينة غاز مسال لسد العجز الذي تحتاج إليه وهو ما كلف الميزانية نحو مليار ونصف دولار أميركي، أما عباس فسيقوم ربما بزراعة «أصناف أخرى تكتفي بما تقدمه الجمعيات الزراعية كالسمسم الذي يستهلك 150 كيلوغراماً فقط من السماد بدلاً من زراعة القمح الذي يحتاج إلى 350 أو سبعة أجولة».
وأنتجت مصر نحو 12 مليون طن من الأسمدة عام 2023 بحسب بيانات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء في مصر، ليدر إجمالي صادراتها من السماد 3.4 مليار دولار أميركي، ويتوقع أبو المكارم زيادة النسبة في نهاية العام الحالي.