ازدهر طرح الشركات الحكومية أو التابعة لصناديق استثمار حكومية في بعض البورصات الخليجية خلال الأعوام الماضية، ما ضاعف القيمة السوقية لهذه الأسواق وأسهم في جذب استثمارات أجنبية جديدة.
وبينما تزداد وتيرة الطروحات الحكومية في دول مثل الإمارات والسعودية وعُمان، مستفيدة من خطط حكومية طموحة تهدف لتنويع الاقتصاد وجذب استثمارات جديدة ودعم السوق المالي المحلي، تخفت هذه الوتيرة في دول مثل الكويت وقطر.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وخلال الأعوام الماضية شهدت بورصات الإمارات والسعودية وعُمان طرح شركات حكومية عملاقة على رأسها عدة شركات تابعة لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وشركة تاكسي دبي وباركن وشركة الزيت العربية السعودية أرامكو وشركة أوكيو العمانية، وغيرها.
ودفعت هذه الطروحات القيمة السوقية لهذه البورصات الخليجية إلى تحقيق قفزات كبيرة مستفيدة من رؤوس الأموال الضخمة لهذه الشركات.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
فورة في الطروحات الحكومية في الإمارات
تعد الإمارات عبر سوقي أبوظبي ودبي الماليين من أنشط دول الخليج في الطروحات الحكومية خلال السنوات القليلة الماضية، ضمن خطط حكومية تهدف لتنشيط البورصة المحلية وجذب استثمارات جديدة.
ففي أبوظبي أسهم صندوق أبوظبي للاكتتاب -والذي يعمل تحت إدارة دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي- في تشجيع ودعم شركات القطاع الخاص على الإدراج في السوق المالية، عن طريق تحفيز عمليات الإدراج الحكومية والتعاون في عمليات الاكتتابات.
"بدأت الطروحات في أبوظبي عن طريق طرح شركات تابعة لشركة أدنوك العملاقة للنفط، وهو ما أسهم في استقطاب صناديق استثمار أجنبية كبرى إلى سوق أبوظبي المالي"، حسب ما يقول شادي بطاينة، رئيس الأبحاث في الشارقة الإسلامي لتداول الأوراق المالية، لـ CNN الاقتصادية.
ويضيف أن أغلب الطروحات الخاصة بأدنوك حققت زيادة في سعر السهم بين 40 و60 في المئة بعد طرحها، ما أسهم وحفز المستثمرين على الإقبال على بقية الطروحات الحكومية.
ولدى شركة أدنوك أكثر من شركة تابعة مدرجة بسوق أبوظبي المالي، مثل أدنوك للغاز وأدنوك للإمدادات والخدمات وأدنوك للحفر.
وأسهم إدراج هذه الشركات برؤوس أموالها الكبيرة في مضاعفة القيمة السوقية للسوق الرئيسي لأبوظبي إلى 2.88 تريليون درهم في نهاية 2024 مقابل 728 مليار درهم في 2020، وفقاً لبيانات سوق أبوظبي المالي.
بينما في دبي أعلنت الحكومة في عام 2020 عن خطة طموحة لطرح 10 شركات حكومية لتعزيز النشاط في البورصة المحلية.
وتنوعت هذه الطروحات خلال الأعوام الماضية، وكانت لشركات مثل سالك وتاكسي دبي وباركن وهيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا).
ويقول شادي بطاينة إن حكومة دبي كانت على درب أبوظبي نفسه، إذ أسهمت هذه الطروحات الحكومية في دبي في جذب مستثمرين، الذين استفادوا من تحقيق أرباحاً مغرية مع ارتفاع قيمة أسهم هذه الشركات المدرجة.
وتظهر بيانات سوق دبي المالي أن سوق دبي المالي كانت قيمته السوقية تبلغ في 2020 نحو 340 مليار درهم، إلا أن هذه القيمة قفزت لتسجل نحو 906.9 مليار درهم بنهاية 2024.
وبحسب رئيس الأبحاث في الشارقة الإسلامي لتداول الأوراق المالية، فإن طرح هذه الشركات الحكومية برؤوس أموالها الكبيرة زاد من حجم رأس المال السوقي، كما رفع من حجم السيولة بالسوق وأسهم في استقطاب مستثمرين جدد، سواء محليون أو أجانب.
ويضيف: "إذ نظرنا إلى حجم رأس المال المدرج لسوقي أبوظبي ودبي الماليين قبل 4 سنوات من الآن فسنجده الآن الضعف نتيجة طرح شركات حكومية ضخمة لها استراتيجية واضحة، ولديها فرصة في النمو والتوسع.
وأسهم الوضع الاقتصادي القوي لدولة الإمارات ووجود صناديق استثمار كبرى بها في نجاح هذه الطروحات الحكومية، لأن "الحكومات القوية اقتصادياً لديها سوق مالي قوي" حسب ما يقول بطاينة.
ويتوقع أن تستمر الطروحات الحكومية في كل من سوقي أبوظبي ودبي الماليين، إذ لا يزال هناك العديد من الشركات الكبيرة الناجحة التي من الممكن طرح جزء منها في السوقين.
السعودية.. التنوع الاقتصادي يبدأ من أرامكو
بدأت السعودية في اتخاذ إجراءات تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة وعدم اعتماده على النفط في السنوات المقبلة ضمن رؤية 2030، عبر طرح حصة من عملاق النفط العالمي شركة أرامكو.
وفي 2019 طرحت السعودية 1.5 في المئة من شركة أرامكو في البورصة السعودية (تداول) في طرح تاريخي جمع 25.6 مليار دولار.
وبحسب بيانات تداول، فإن القيمة السوقية للبورصة السعودية بعد الطرح تضاعفت نحو 6 مرات بعد طرح أرامكو، إذ كانت تبلغ في 2018 نحو 1.86 تريليون ريال سعودي لتسجل في عام الطرح 9.03 تريليون ريال سعودي في 2019.
واستمرت القيمة السوقية للبورصة في الصعود لتبلغ في 2024 نحو 10.2 تريليون ريال سعودي.
وتقول فرح مراد، محللة أولى للأسواق المالية لدى مجموعة إكويتي، لـ CNNالاقتصادية إن السعودية تشهد تحولاً استراتيجياً هائلاً نحو تقليل الاعتماد على النفط وتنويع الاقتصاد من خلال بيع حصص في شركات القطاع العام، واستخدام هذه الأموال لتوجيهها نحو قطاعات المستقبل، مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
وتهدف هذه الخطوة إلى بناء اقتصاد أكثر مرونة بعيداً عن تقلبات النفط، إذ إن الطرح الضخم لأرامكو كان رسالة واضحة عن استعداد المملكة لمستقبل ما بعد النفط، وفتح الطريق لتمويل مشاريع ضخمة في مجالات متنوعة، حسب ما تقول فرح مراد.
وتضيف أن الطروحات الحكومية سواء كانت في السعودية أو الإمارات نجحت في زيادة السيولة بالأسواق الخليجية، كما ساعدت في زيادة حضور أسواق الخليج في المؤشرات العالمية، ما جذب استثمارات محلية ودولية.
كما أسهمت هذه الطروحات في تحسين الحوكمة داخل الشركات الحكومية، ما دفعها إلى تبني ممارسات أفضل في مجال الشفافية والإفصاح المالي، وفقاً لقولها.
شح في الطروحات الحكومية بالكويت
على نقيض الإمارات والسعودية تعاني بورصة الكويت من شح كبير في الطروحات عامة والحكومية خاصة، ويكفي أن البورصة الكويت لم تستقبل شركة جديدة لمدة نحو عامين ونصف العام، قبل إدراج شركة مجموعة البيوت الاستثمارية القابضة في يونيو حزيران 2024.
وتشير بيانات البورصة الكويتية إلى أن القيمة السوقية للسوق الرئيسي تراجعت منذ 2022 حتى 2024، إذ بلغت العام الماضي 43.57 مليار دينار كويتي مقابل 46.72 مليار دينار كويتي في 2022.
ويقول محمد رمضان، مستشار سابق لوزير المالية الكويتي لـ CNNالاقتصادية، إن التوجه في الكويت مختلف عن بقية اقتصادات الخليج، إذ إن الحكومة الكويتية لا تضع النمو الاقتصاد المحلي نصب أعينها، إذ تعتمد فقط على الإيرادات النفطية الكبيرة واستثمارات الصندوق السيادي الكويتي الخارجية.
ويعزو رمضان عدم إدراج الشركات الحكومية بالبورصة الكويتية إلى سوء إدارة هذه الشركات وعدم ثقة الحكومة بإداراتها، لذا فهي شركات غير مؤهلة للإدراج.
ويضيف أن المستثمرين في السوق الكويتي متعطشون للشركات الحكومية، لكنهم يخشون أيضاً من خروج الحكومة السريع من هذه الشركات، وبالتالي خسارة استثماراتهم نظراً لضعف نموذج الأعمال لهذه الشركات.
ولدى الحكومة الكويتية شركات عملاقة، مثل مؤسسة البترول الوطنية الكويتية، لكن إدراج مثل هذه الشركات في البورصة قد لا ترغب فيه الحكومة، نظراً لملاءتها المالية المرتفعة، فضلاً عن ضرورة خضوع هذه الشركات للرقابة والإفصاح المعمول بهما في البورصة، وفقاً لرمضان.
ويقول إن الاقتصاد الكويتي يحتاج إلى مشروعات كبيرة تُطرح على المستثمرين الأجانب، ثم ينشأ لها شركات في ما بعد تكون جاهزة للطرح في البورصة.