وارن بافيت الملياردير الفقير.. عراف وول ستريت الذي لا يملك شاشة في مكتبه

وارن بافيت الملياردير الفقير.. عراف وول ستريت الذي لا يملك شاشة في مكتبه

كثيراً ما يقع على مسامعنا المثل الشعبي الذي يقول "طباخ السم بيدوقه"، إنما وارن بافيت يختلف عن الآخرين، فعراف شاشات وول ستريت لا يمتلك شاشة بل تلفازاً بسيطاً في مكتب متواضع غير مبالٍ بمَا يملكه من مليارات الدولارات كأحد أغنى رجال الاستثمار في العالم.

إذا حاولت الدخول لمكتب وارن بافيت مالك شركة بيركشاير هاثاواي، الذي في الأصل يرجع لوالده، سترى على اليمين تلفازاً بسيطاً كما الذي ستجده في منزل الأجداد، فهو لا يزال يعيش حياة بسيطة للغاية، لا تمتّ للترف بصلة، حتى إنه لا يملك هاتفاً أو حاسوباً.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

هل وارن بافت بخيل؟

ولكن لتفهم من أين جاء بافيت بهذه الشخصية المقتصدة للغاية، فعليك قبل أن تدخل مكتبه أن تمر ببطء في الممر الذي يسبقه لتجد السر.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

سترى مقالاً من صحيفة نيويورك تايمز معلقاً على حائط ممر مكتبه ويبلغ عمره نحو 123 عاماً منذ عام 1901، يروي كاتبه قصة مستثمر انتحر بسبب خسارة مفاجئة في أسهمه.

تقول نيويورك تايمز إنه تم العثور على جثة صموئيل بولتون جونيور، صانع الجعة البارز ورجل الأعمال، في وعاء من البيرة الساخنة، بعدما قام ببيع أسهم توقع أن سعرها سينخفض وتفاجأ أن السهم الذي باعه بنحو 170 دولاراً أصبح بألف دولار في ليلة واحدة، فخسر خسارة مالية شديدة فانتحر.

"ربما لم يفهم هذا الزميل أنه يمكن أن ينتقل السهم في يوم واحد من 170 دولاراً إلى ألف دولار، فانتهى به المطاف في وعاء البيرة الساخنة، ولم أرغب أبداً في أن ينتهي بي الأمر في وعاء من البيرة الساخنة"، قال بافيت.

وأثناء عرضه لمقال الصحيفة المعلق على حائط ممر مكتبه في لقاء على شبكة سي إن إن، قال: "إن هذا المقال يعلمني درساً؛ وهو طالما لدينا مال كثير فلن نقترض أبداً"، وتعني تلك الكلمات أنه إذا كنت تحافظ على أموالك بشكل كافٍ فلن تفتقر للمال يوماً ما أو تحتاج إلى طلبه من أي شخص أو جهة.

من شابه أباه ما ظلم

أغسطس من عام 1930، شهد ميلاد عبقري الاستثمار وارن إدوارد بافيت في مدينة أوماها في الولايات المتحدة، من أم تدعى ليلى ستال بافيت، وأب عمل كوسيط في البورصة وعضو في الكونغرس الأميركي، ليكون هو مصدر جينات العقلية الذرية لهذا الصغير الذي سيغير منظومة الاستثمار ويصبح من الأثرياء.

غالباً ما كان بافيت يزور متجر والده عندما كان طفلاً، وفي سن الحادية عشرة التقط أسهمه الأولى، كان سعر الواحد 38 دولاراً، وباعها بنحو 40 دولاراً ليربح ربحاً صغيراً ندم عليه لاحقاً لارتفاع سعر الأسهم هذه إلى 200 دولار للواحد، ليكون هذا أول درس للصبر في الاستثمار يتلقاه المستثمر الصغير.

من بائع جرائد للعالمية.. كيف كوّن وارن بافيت ثروته؟

المحاولات لجمع المال مستمرة، ففي سن الثالثة عشرة، باع الجرائد والكوكاكولا والعلكة، وخلال فترة دراسته الثانوية، اشترى هو وصديقه لعبة "بينبول" مستعملة مقابل 25 دولاراً وأعادوا بيعها، وفي غضون بضعة أشهر، مكنتهم الأرباح من شراء لعب أخرى، لتكبر شركة المراهق الصغير قبل أن يبيعها بنحو 1200 دولار.

نقطة تحول في حياة وارن بافيت.. "أبو الاستثمار" والعراف

جامعة كولومبيا كانت وجهته لدراسة إدارة الأعمال، وهنا توقف الزمن قليلاً، عندما التقى بافيت مع مَن سقاه من علمه الغزير بنيامين غراهام، الملقب بـ"أبي الاستثمار"، ومؤلف العديد من الكتب من بينها كتاب "المستثمر الذكي"، الذي يعتبر بوصلة للمستثمرين.

فأصبح مرشداً له وعمل معه في نيويورك وبعدها أتيحت الفرصة لبافيت للبناء على نظريات الاستثمار التي تعلمها من غراهام في كولومبيا، وكان يتبنى أبو الاستثمار نظرية تنص على أن شراء السهم ينبغي أن يكون وفقاً للقيمة الجوهرية أو الحقيقية للسهم وليس على تحركات الأسهم اليومية.

تعد القيمة الجوهرية مفهوماً أساسياً يستخدمه مستثمرو القيمة للكشف عن فرص الاستثمار الخفية، فإذا كانت هذه القيمة أكبر من السعر الحالي للسهم، يجب على المستثمر الشراء والاحتفاظ به حتى يرجع لسعره الحقيقي.

لكن بافيت أراد أن يضع لمسته ليستكمل مسيرة معلمه، فلم يكتفِ بالأرقام عند تقييم السهم، إنما نظر إلى ما هو أبعد، مركّزاً على فريق إدارة الشركة والميزة التنافسية لمنتجها في السوق عند التفكير في الاستثمار في سهمها، لتبدأ شخصية العراف في اكتمال نموها وخلق قلعة "بيركشاير هاثاواي".

قلعة العراف.. كيف تأسست بيركشاير هاثاواي؟

كانت قلعة العراف شركة "بيركشاير هاثاواي" في بدايتها عبارة عن مجموعة من مصانع المنسوجات تدعى "نيو إنجلاند"، وفي عام 1965 سيطر عليها بافيت لتنمو واحدة من أكبر الشركات القابضة في العالم من حيث القيمة السوقية، التي تخطت تريليون دولار بنهاية نوفمبر الماضي لأول مرة على الإطلاق.

تحتل شركة بيركشاير هاثاواي المرتبة الحادية عشرة بين أكبر الشركات العالمية من حيث القيمة السوقية، التي تبلغ الآن نحو 989.5 مليار دولار، وفقاً لموقع ماركت كاب، كما يعد سهم الشركة من ضمن أغلى الأسهم في بورصة نيويورك، إذ ارتفع خلال عام بنسبة 26.7 بالمئة ليتخطى سعره 687 دولاراً مع إغلاق 25 ديسمبر 2024.

وحققت الشركة خلال الفترة بين 2 أكتوبر من العام الماضي ونهاية سبتمبر من العام الجاري أعلى إيرادات في تاريخها بنحو 453 مليار دولار، وأعلى مستوى قياسي للأرباح تجاوز 138 مليار دولار قبل الضرائب.

وارن بافيت.. الملياردير الفقير

في 2006، قرر العجوز صاحب الـ94 عاماً، التبرع بكامل ثروته تقريباً للجمعيات الخيرية، ليصل إجمالي ما تبرع به حتى الآن 57 مليار دولار، وفقاً لرويترز.

وكان آخر ما تبرع به مبلغاً قدره 5.3 مليار دولار لمؤسسة بيل وميليندا غيتس وأربع جمعيات خيرية أخرى، وهو أكبر تبرع له منذ أن بدأ حملته الخيرية هذه.

تبلغ ثروة العراف 143.2 مليار دولار، جعلته يحتل المرتبة الثامنة عالمياً، بين أغني الأثرياء في العالم، بحسب فوربس.