فقد نيك أرنزين منزله بسبب حرائق الغابات في لوس أنجلوس وتحول بين يوم وليلة، مثل عشرات الآلاف، إلى نازح "نصفنا لن يكون لديه منزل ليعود إليه" قال أرنزين، الذي يخدم في مجلس مدينة ألتادينا التابعة للوس أنجلوس.
تعد حرائق الغابات التي أحرقت أحياء بأكملها في جميع أنحاء لوس أنجلوس من بين أكثر الحرائق تدميراً وتكلفةً في تاريخ كاليفورنيا، حيث دمرت أكثر من 60 ميلاً مربعاً وقتلت ما لا يقل عن 27 شخصاً.
ويواجه النازحون مثل أرنزين سؤالاً ملحاً: ماذا سنفعل الآن؟ البقاء وإعادة بناء المنازل أم المغادرة إلى مكان أكثر أماناً؟
يقول جيسي كينان، الأستاذ المشارك في العقارات المستدامة والتخطيط الحضري في جامعة تولين، إن القرارات التي يتخذها الناس بشأن مكان إقامتهم "معقدة للغاية" وتستند إلى مجموعة من العوامل.
قالت كايتلين ترودو، الباحثة البارزة في مركز المناخ، وهو مجموعة بحثية غير ربحية، لشبكة CNN "سلوك الحرائق يتغير ويتفاقم بسبب أزمة المناخ".
انفجرت حرائق لوس أنجلوس مع هبوب رياح سانتا آنا القوية عبر منطقة جافة فاحترقت النباتات بشكل أسرع، أما سبب الانتشار فهو الكمية الهائلة من النباتات التي انتعشت بعد شتاء ممطر غير معتاد في العام الماضي.
ويعد التأرجح الشديد في المنطقة من الأجواء الممطرة إلى الجفاف الحارق جزءاً من ظاهرة "التقلبات الجوية"، والتي أصبحت أكثر شيوعاً مع ارتفاع درجة حرارة العالم.
هذه التقلبات، بالإضافة إلى امتداد المدينة إلى الأراضي البرية الأكثر تعرضاً للحرائق، مهدت الطريق لتدمير هائل.
في أعقاب كارثة مثل هذه مباشرة، يقيم العديد من النازحين مع العائلة والأصدقاء ويميلون إلى البقاء بالقرب من منازلهم المحروقة، كما قال جيسي كينان، من جامعة تولين، لشبكة CNN، أما ما يحدث على المدى الأبعد فيعتمد على عدد من العوامل.
وتشير الأدلة السابقة إلى أن معظم النازحين سيعودون في نهاية المطاف إلى (مجتمعاتهم ولكن ليس إلى مساكنهم)، مقيدين بروابط قوية مع الأسرة والأصدقاء والوظائف.
قال جيريمي بورتر، رئيس قسم الآثار المناخية في مؤسسة فيرست ستريت غير الربحية "من المرجح أن يبحث لاجئو المناخ من لوس أنجلوس عن مساكن في نفس المنطقة"، لكن هذا لا يعني أنهم سيكونون قادرين على العودة إلى السكن الذي كانوا يعيشون فيه بالضبط.
وقال جيسي كينان إن هذا سيكون "شبه مستحيل بالنسبة للمستأجرين"، حيث كانت أسعار سوق الإسكان في كاليفورنيا بالفعل مرتفعة للغاية، وستضيف الحرائق "مطالب سعرية مرتفعة جداً"، مما يؤدي إلى تفاقم أزمة الإسكان.
وبالنسبة لأصحاب المنازل، فإن الأمر محفوف بالمخاطر أيضاً، فمن المرجح أن ينتظر أولئك طويلاً حتى تقوم شركات التأمين بتلبية متطلباتهم، وقد تكون المدفوعات أقل بكثير من تكاليف إعادة البناء.
قال جيسي كينان "ببساطة ليس لدينا ما يكفي من الناس والعمال لإعادة بناء المساكن على نطاق هذه الدمار، هذا إذا حدثت (إعادة البناء) من الأساس"، ففي بعض المناطق تتدخل الدولة لإنشاء مناطق عازلة لتكون بمثابة فواصل تمنع انتقال الحرائق.
هناك أيضاً تكاليف تنظيف البيئة من التلوث السام الناتج عن خليط المواد الكيميائية الناتجة عن الحرائق التي التهمت الأجهزة الإلكترونية والمعادن والبلاستيك والدهانات.
وستضيف الحرائق بعداً جديداً لأزمة التأمين المتفاقمة بالفعل في الولاية، حيث كانت شركات التأمين ترفض بالفعل تجديد التأمين على المنشأت في المناطق المعرضة لخطر حرائق الغابات قبل هذه الكارثة.
قال جيريمي بورتر "سنرى الآن زيادات هائلة في تكلفة التأمين على المنازل"، في تصريحاته لشبكة CNN "إن العديد من أصحاب المنازل لن يتمكنوا بعد الآن من تحمل تكلفة تملك المنازل".
في الوقت نفسه، كما هو الحال مع كل كارثة، سيكون هناك "مشترون مفترسون للعقارات يأتون للمدينة"، كما قال جيسي كينان، ومن المرجح أن تكون المنازل الجديدة أكثر تكلفة بكثير من تلك التي احترقت "إنها دورة مألوفة: يبدأ إسكان الطبقة المتوسطة في التبخر وتصبح هذه المناطق مخصصة للأكثر ثراءً".
وتبدأ دورة أخرى وهي "التجديد المناخي" حيث ينتقل الناس إلى مساكن أقل سعراً وأقل عُرضة لخطر الحرائق والفيضانات، وبالتالي سيحلون محل السكان القدامي، الذين سيتشردون بحثاً عن سكن أقل تكلفة أيضاً"
حتى قبل الحرائق المدمرة، كانت المخاوف من تغير المناخ تدفع البعض إلى المغادرة.
بيتر كالماس، عالم المناخ، غادر ألتادينا بلوس أنجلوس منذ عامين بعد أن عاش هناك لمدة 14 عاماً، وقال لشبكة CNN "شعرنا وكأن موجات الحر أصبحت أكثر شدة، والجفاف كان يزداد سوءاً، والحرائق أيضاً كانت تزداد سوءاً"، وعن توقعاته المستقبلية "لن تزداد إلا حرارة وجفافاً ونيراناً".
وهناك أقلية صغيرة من الناس بعد حرائق لوس أنجلوس الذين يسلكون هذا الطريق أيضاً، أولئك "المصدومون أو المصابون بصدمة نفسية كافية" لدرجة أنهم يقررون الانتقال إلى مكان أبعد، إلى مكان يعتبرونه أكثر أماناً، كما قال أليكس دي شيربينين، عالم الجغرافيا في مدرسة كولومبيا للمناخ.
غالباً ما يعتبر الناس مناطق مثل بوفالو ونيويورك وديترويت وأوهايو أقل خطورة، كما قالت كيلسي بيست، الأستاذة المساعدة في جامعة ولاية أوهايو، التي تبحث في كيفية تكيف الناس مع تغير المناخ.
تتمتع هذه المناطق بموارد مائية وفيرة وهي أقل عرضة للحرائق والأعاصير والحرارة الشديدة، لكن بيست أضافت "لا يوجد مكان في الولايات المتحدة آمن من مخاطر المناخ تماماً".
وقد تم الكشف عن هذا بشكل صارخ في سبتمبر أيلول الماضي عندما دمر إعصار هيلين مدينة آشيفيل في غرب ولاية كارولينا الشمالية، وهي المدينة التي كانت تُعرف سابقاً بأنها "ملاذ مناخي".
وهناك أدلة قليلة نسبياً على الهجرة المناخية من الولايات عالية المخاطر مثل كاليفورنيا، كما قال دي شربينين، حيث يميل الناس إلى المواجهة والصمود.
والسؤال هو: ماذا سيحدث عندما تضرب كارثة لا يمكن تصورها سابقاً مثل حرائق لوس أنجلوس مرة أخرى؟ ومرة أخرى؟
قال دي شربينين إن التأثيرات يمكن أن تتراكم، مما يؤثر على البنية التحتية، والقاعدة الضريبية المحلية، والأموال المتاحة للخدمات والتكيف مع المناخ، حتى تصبح "المجتمعات أقل قابلية للاستمرار"، كما قال.