بدلاً من تنفيذ عمليات سطو درامية ومحفوفة بالمخاطر على البنوك، تستهدف الجماعات الإجرامية في أوروبا ماكينات الصراف الآلي كهدف أسهل وأقل تأميناً.

في ألمانيا -أكبر اقتصاد في أوروبا- يفجر اللصوص ماكينات الصراف الآلي بمعدل أكثر من ماكينة واحدة يومياً في السنوات الأخيرة.

وفي بلد لا يزال فيه النقد وسيلة دفع شائعة، يمكن أن تكون السرقات مربحة بشكلٍ لا يصدق، يكمن للمجرمين جني مئات الآلاف من اليورهات في هجوم واحد.

تشن يوروبول، وكالة تطبيق القانون الأوروبية، حملة صارمة على هذه النوعية من السرقات، وتنفذ عمليات واسعة النطاق عبر الحدود، تهدف إلى القضاء على العصابات الإجرامية المنظمة التي تقف وراءها.

وقالت يوروبول، في بيان لها في وقت سابق من هذا الشهر، «اعتقلت السلطات من ألمانيا وفرنسا وهولندا ثلاثة أعضاء في شبكة إجرامية نفذوا هجمات على ماكينات صرف آلي باستخدام المتفجرات»، مشيرة إلى أن الجناة استخدموا المتفجرات لتفجير الصرافات الآلية المملوءة بالنقود، وهو تكتيك خطير يؤدي إلى أضرار جسيمة، وعلى سبيل المثال، تسببت عمليات النهب في ألمانيا في عام 2023 في أضرار جانبية بقيمة 28.4 مليون يورو.

ووفقاً ليوروبول غالباً ما تكون أجهزة الصراف الآلي المختارة في مناطق سكنية أكثر هدوءاً، وفي بعض الحالات تسببت هذه الهجمات في قتل الأبرياء في أثناء عمليات التفجير أو في أثناء مطاردات الهروب بالسيارات.

لماذا ألمانيا؟

توجد في ألمانيا أكثر من 51 ألف ماكينة صراف آلي مقارنة بنحو 5 آلاف ماكينة في هولندا، ووفقاً للبنك المركزي الألماني، فإن غالبية مواطني ألمانيا البالغ عددهم 83.3 مليون نسمة لا يتعين عليهم التحرك لأكثر من كيلومتر واحد للوصول إلى أقرب ماكينة صراف آلي.

على عكس جيرانها الأوروبيين، الذين تحولوا إلى حد كبير بعيداً عن المدفوعات النقدية بسبب جائحة كورونا، لا يزال النقد يلعب دوراً مهماً في ألمانيا.

ووجدت دراسة أجراها البنك المركزي الألماني عام 2016 أن النقود منتشرة بشكلٍ خاص بين الأجيال الأكبر سناً من الألمان، الذين يحجمون عن التحول الرقمي.

وقال المسؤول لدى البنك المركزي الألماني يوهانس بيرمان في بيان صحفي صدر بعد جائحة كورونا عام 2022 «لم يتمكن التحول الرقمي ولا الجائحة من إزاحة النقود، عندما يتعلق الأمر بإجراء المدفوعات، لا يزال النقد هو الوسيلة الأكثر شعبية في ألمانيا».

ومن حيث الموقع، تُعدّ ألمانيا أيضاً هدفاً مثالياً للجرائم عبر الحدود، فهي مجاورة لتسع دول، وبها طرق ممتازة لا تنطبق حدود السرعة على بعضها.

ووفقاً لرويترز، نقلاً عن الشرطة الهولندية، فإن الانخفاض في أجهزة الصراف الآلي في هولندا وإدخال تدابير أمنية معززة للقضاء على الجريمة دفع المجرمين الهولنديين إلى البحث في أماكن أبعد.

ومن أهم هذه التدابير تركيب أنظمة (الحماية عبر الغراء) التي يمكن أن تجعل الأوراق النقدية عديمة القيمة.

يشير تقرير مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية في ألمانيا لعام 2023 إلى أن عمليات السطو على أجهزة الصراف الآلي في ألمانيا شهدت ارتفاعاً متواصلاً في كل الأعوام منذ عام 2005، على الرغم من انخفاضها قليلاً عام 2023، الذي شهد 461 عملية سطو من هذا القبيل، وهو ثاني أعلى رقم مسجل منذ بدء المسموح في عام 2005.

وجد التقرير أيضاً أن السرقات تتزايد خلال أشهر الشتاء، عندما تزيد ساعات الظلام، ووقعت أغلب الجرائم في أيام العمل الأسبوعية بين الساعة 2 صباحاً و5 صباحاً.

وأكد المتحدث باسم لجنة الصناعة المصرفية الألمانية أن البنوك الألمانية استثمرت أكثر من 300 مليون يورو في تعزيز الأمن لمعالجة هذه القضية، بما في ذلك أنظمة الإنذار، وحلول تلطيخ الأوراق بالحبر، وآليات القفل المعززة، وتكنولوجيا الضباب عند تحطيم الماكينات، لكن بعض التقنيات مثل أنظمة الغراء لتدمير النقود المسروقة غير مسموح بها حالياً في ألمانيا.

في يوليو تموز أعلنت الحكومة الألمانية أن سرقات ماكينات الصراف الآلي سوف تتلقى عقوبة أشد صرامة، وسيحكم على اللصوص بالسجن مدة لا تقل عن عامين، في حين كانت العقوبة الدنيا السابقة سنة واحدة، أما إذا تأثرت صحة شخص أو أشخاص غير متورطين، فيجب أن يتلقى الجناة عقوبة سجن تتراوح بين 5 إلى 15 سنة، مقارنة بسنتين على الأقل في السابق.