عندما كان يشعر الطفل النحيف بيل غيتس بالقلق أو الملل أو يتعرض لأي مشكلة، كانت له وسيلة للهروب، وهي الاختفاء عن الجميع.
لكن لا يعني اختفاؤه عن البشر انعزالاً، فهو كان يسافر بخياله لعوالم أخرى راكباً أحد الكتب التي كان يغرق فيها بالساعات، لتعلمه التفكير العميق وتوسع خياله المبتكر، الأمر الذي جهزه في سن صغيرة لينشئ وهو في العشرين من عمره واحدة من أهم الشركات في العالم «مايكروسوفت».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
في خريف 1955 في واشنطن، وُلد غيتس الولد الوحيد في عائلته الصغيرة، ومعه أختان هما كريستيان التي تزيد عنه عاماً وليبي الأصغر منه بتسعة أعوام.
والد بيل كان له تأثير كبير في طفولته، فعلى الرغم من أن الطفل كان يختلف عن الآخرين في قراراته، لم يكن أبوه متشدداً أو متسلطاً، وكان يدفعه دائماً لتجربة أشياء جديدة أو في اعتقاده أنه لا يعرف كيف يخوضها مثل رياضات السباحة أو كرة القدم، ومن وراء هذه الطريقة من التربية نشأت عقلية بيل متفتحة على تجربة ما يظهر في البداية صعب الإنجاز.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
حبه للبرمجة يتأجج في قلبه
ومنذ نعومة أظافر الطفل غيتس أحب دراسة التكنولوجيا، وبسن المراهقة وفي مدرسة لاكسايد كتب أول أسطر له في أكواد البرمجة لمدرسته وسرعان ما عمل مع شركة كمبيوتر تقع في سياتل وتقدم للمستخدمين وقتاً على أجهزة الحاسوب الخاصة بهم، إذ لم يكن الحاسوب حينها متاحاً لحيازته شخصياً.
رحلة باردة تشعل ثورة التكنولوجيا في العالم
وفي أحد الأيام، ذهب للتنزه مع أصدقائه، كانت الخطة فقط تسلق ممر «لو ديفيد»، والنزول إلى نهر «كوينولت»، ثم السير على المسار نفسه للعودة، لكن الخطة فشلت ولم يتمكن الشباب من الوصول إلى هناك، وهنا عندما شعر بالبرودة تتملك من جسده لم يفكر كثيراً في تكرار التجربة، وشعر أنه ينتمي أكثر إلى عمل البرمجة، فاتخذ القرار بضرورة تطوير نفسه.
وفي ذلك الوقت، كان مع أصدقائه يستخدمون فقط أجهزة كمبيوتر كبيرة الحجم مشتركة في الوقت نفسه مع أشخاص آخرين.
لكنه بعدها ذهب لاستعارة جهاز كمبيوتر يُدعى «بي دي بي 8»، من إنتاج شركة «ديجيتال إكويبمنت»، انغمس بيل غيتس في هذا العالم الذي جذبه بقوة المغناطيس.
وصُمم الجهاز ليستخدمه شخص واحد وكان صغيراً بما يكفي لوضعه على المكتب، ويشبه بشكل كبير أجهزة الكمبيوتر الشخصية التي أصبحت شائعة بعد عقد، بوزن 80 رطلاً وتكلفته بلغت 8500 دولار، بحسب ما ذكر غيتس في مذكراته التي نشرتها وول ستريت جورنال.
وفي سن العشرين، انتقل غيتس وصديق الطفولة بول ألين، العبقري في البرمجيات، للعمل في شركة «ميكرو إنسترومنتيشن آند تيليمتري سيستمز المحدودة»، التي كانت تخطو خطاها الأولى في تصنيع أجهزة الكمبيوتر الشخصية، وذلك بعدما تمكن المثابر غيتس من إقناع المديرين التنفيذيين بأنه وألين قادران على إنشاء برامج لأجهزتهما الجديدة.
إنشاء عامه الخاص "مايكروسوفت"
لكنه لم يحب كونه موظفاً إذ كان خياله يرتفع إلى عالم آخر يحوطه النجاح، فكان أقل من عام كافياً ليجعله يترك الوظيفة وصديقه يتبعه ليؤسس شركة أصبحت طفرة في مجالها لاحقاً تدعى مايكروسوفت في عام 1975 تاركا كليته في هارفارد.
في 1980، أبرمت مايكروسوفت صفقة مع شركة «آي بي إم» العملاقة في مجال التكنولوجيا لتطوير نظام تشغيل لأول جهاز كمبيوتر شخصي جاهز للاستخدام من إنتاج شركة «ميكروسوفت».
وفي عام 1985، أصدرت شركة مايكروسوفت الإصدار الأول من نظام التشغيل ويندوز الذي اشتهرت به لاحقاً، ومنذ ذلك الحين، ظهرت إصدارات جديدة من ويندوز كل بضع سنوات.
حجم الشركة الآن
بنهاية يناير 2025 حققت شركة مايكروسوفت نجاحاً بالتسلق للمركز الثاني في قائمة الشركات الأعلى قيمة سوقية على مستوى العالم بنحو 3.1 تريليون دولار، بعدما حققت رقماً قياسياً تاريخياً في يوليو الماضي عندما بلغت القيمة السوقية لها نحو 3.4 تريليون دولار.
وحققت إيرادات الشركة مستوى قياسياً وصل إلى 254.19 مليار دولار خلال العام المالي الماضي الذي يبدأ في أكتوبر 2023 وينتهي في سبتمبر 2024، مقابل إيرادات بنحو 227.58 مليار دولار خلال العام المالي الذي يسبقه.
وحققت الأرباح زيادة سنوية بنسبة 9.45 بالمئة خلال العام المالي المنتهي سبتمبر الماضي وسجلت 110.77 مليار دولار مقابل 101.21 مليار دولار وصلت له الأرباح في العام المالي السابق له.
ووصلت ثروة الحالم بيل غيتس إلى 107 مليارات دولار بنهاية يناير من العام الجاري، ليصبح السادس بين أقرانه الأثرياء، وسنترك القوس مفتوحاً لمزيد من الأموال قد يجنيها العبقري من سرداب خياله الجامح.