كيف تستعيد الحكومات ثقة شعوبها؟

«يواجه العالم اليوم مرحلة مفصلية، حيث يتعين على الحكومات إعادة التفكير في مسارها خلال الـ25 عاماً الماضية، واستشراف ما ينتظرها في العقود القادمة» بهذه العبارات ألهم محمد بن عبد الله القرقاوي -وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات- الحضور خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العالمية للحكومات 2025.

ففي ظل المتغيرات المتسارعة، من التطور التكنولوجي إلى التحولات الاقتصادية والاجتماعية، باتت الحاجة ملحّة لحكومات أكثر مرونة، تتبنى استراتيجيات تعتمد على الدروس المستفادة، وترتكز على بناء الثقة والاستدامة، وليس فقط على المؤشرات الاقتصادية التقليدية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

دروس مستقاة

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وفقًا لطروحات القرقاوي فإن التغيرات التي شهدها العالم خلال ربع القرن الماضي لم تكن مجرد أحداث عابرة، بل تراكمات شكلت ملامح المستقبل، فقد تضاعف الاقتصاد العالمي من 34 تريليون دولار إلى 115 تريليون دولار، بينما قفزت التجارة الدولية من 7 تريليونات دولار إلى 33 تريليون دولار، كما شهدنا انتقال مركز القوة الاقتصادية من الشركات التقليدية إلى المنصات الرقمية، وصعود قوى اقتصادية جديدة مثل الصين والهند، مقابل تراجع بعض الدول الصناعية المتقدمة.

ومع ذلك، فإن هذه الإنجازات لم تكن خالية من التحديات، فقد واجه العالم تصاعداً في النزاعات، حيث تسببت الحروب في وفاة أكثر من مليوني شخص، وتشريد 120 مليون لاجئ، كما أن النمو الاقتصادي لم ينعكس دائماً على رفاهية الشعوب، إذ إن 280 مليون شخص يعانون من الاكتئاب، ويتكبد الاقتصاد العالمي تريليون دولار سنوياً بسبب الأمراض النفسية، إضافة إلى ذلك، تراجعت الثقة بالحكومات عالمياً، حيث لا تتعدى نسبة الثقة بها 52% وفق أحدث التقارير.

إعادة تعريف أولويات الحكومات

وطرح القرقاوي أربعة تساؤلات محورية داعياً إلى إعادة التفكير في دور الحكومات الحقيقي والمنتظر.

وبرأيه تتكبد اقتصادات العالم سنوياً نحو 17 تريليون دولار جراء النزاعات والصراعات والعنف حول العالم و لم تحل سوى 4% من الصراعات باتفاقيات سلام، بينما بقيت النزاعات عاملاً رئيسياً في تشريد ملايين البشر، وهنا يبرز دور الحكومات في تبني الدبلوماسية كأداة أساسية لتحقيق الاستقرار.

وكانت «جودة النمو» بدلاً من كميته سؤالاً محورياً لإعادة خلط الأوراق والتفكير فيما لو أن النمو الاقتصادي وحده كافٍ لتحقيق السعادة والاستقرار الاجتماعي، بظل تزايد نسب الاكتئاب والمشكلات النفسية، ما يفرض على الحكومات إعادة النظر في سياساتها التنموية لتشمل أبعاداً اجتماعية وإنسانية.

ولفت إلى أن مؤشر الثقة العالمي بالحكومات لم يتجاوز 52% وهو يمثل أكبر التحديات التي واجهها العالم عاكساً تآكل الثقة بين الحكومات والشعوب.

وأشار إلى أنه رغم التقدم في التعليم والصحة، لا يزال 630 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، بينما يحتاج العالم إلى 800 مليار دولار سنوياً للقضاء على الجوع وتعليم الأطفال، وهنا يأتي دور الحكومات في تعزيز سياسات أكثر عدالة وشمولية، والتركيز على التنمية المستدامة، خاصة أن 20% من سكان العالم خلال عام 2050 سيكونون فوق الـ60 ما يتطلب تغييرات جذرية في أنظمة الصحة والتقاعد

وبرأيه يجب على القيم الإنسانية قيادة الأجندة العالمية خاصة مع دخول العالم عصر الذكاء الاصطناعي الذي سيطرح المزيد من التعقيدات لدور الحكومات أكثر

وكما قال القرقاوي: «مستقبلنا لا يتطلب معجزات، بل التزاماً بقيمنا الإنسانية»، فإن القادة المستقبليين مطالبون باتخاذ قرارات جريئة تستند إلى الثقة، والاستدامة، والابتكار، لضمان مستقبل أكثر ازدهاراً للبشرية.