في النهاية يصر المشتري على دفع 40 جنيهاً بدلاً من 43 جنيهاً، ترك بائع الفول الرجل يرحل ولكنه أصر أن الطرف الآخر مدينٌ له بثلاثة جنيهات عند مروره القادم بالعربة، التي تقع في حي الدقي في محافظة الجيزة..
ويعد مؤشر ساندويتش الفول بمنزلة مرآة شديدة الوضوح للاقتصاد في مصر وظروف حياة مواطنيها، فالكل يأكله ويحبه من حاكم الدولة إلى الأشد احتياجاً، ولهذا السبب مؤشر ساندويتش الفول المصري أكثر دقة من مؤشر بيغ ماك الذي يتبناه الاقتصاديون كوحدة للقياس، حيث إن سعر وجبة بيغ ماك يخضع في مصر لحسابات معقدة منها الجذب والدعاية لتجنب حملات المقاطعة الشائعة بسبب اضطراب الأوضاع في الشرق الأوسط، بينما الفول لا يحتاج إلى دعاية ولا يقاطعه أحد.
أكد حسين في لقاء مع «CNN الاقتصادية» أن حساب تسعير ساندويتش الفول يتم بمنتهى الدقة، حيث إن مكوناته ثابتة ومعروفة، وأنه بعد احتساب الإيجار والغاز والخبز والتوابل لا يربح سوى نسبة ضئيلة تتراوح بين 25 و35 قرشاً في كل ساندويتش، فيما رفض حسين ذكر عدد الوجبات التي يبيعها كل يوم، لكنه أكد أن العدد كبير.
وتعد السنوات الثلاث الماضية بمنزلة نقطة تحول مفصلية في كلفة الحياة في مصر، لا سيما أنها تتزامن مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة شح الدولار الأميركي ومعضلة تكدس البضائع في الموانئ ووصول معدلات التضخم في مصر إلى المستوى الأعلى على الإطلاق في سبتمبر أيلول من عام 2023.
أكد حازم المنوفي عضو الغرفة التجارية للمواد الغذائية بالإسكندرية، في اتصال مع «CNN الاقتصادية»، أن ''الفول يعد من السلع الغذائية الأساسية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، إلا أنه لا يُصنف في مستوى الأهمية الاستراتيجية نفسه كالقمح، الذي يُعد من المحاصيل الأساسية لأمن الغذاء في البلاد، ومع ذلك، لا يمكن تجاهل دور الفول الكبير في النظام الغذائي المصري، خاصة في ظل العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تجعل منه سلعة حساسة في ظل تقلبات الأسعار".
ويرجح المنوفي أن أسعار الفول قد تشهد تراجعاً تدريجياً في نهاية مارس آذار كنتيجة لانخفاض الطلب مع الاقتراب من آخر شهر رمضان، إذا لم تتغير تكلفة الاستيراد.
وحديث المنوفي ينطوي على تلميح لتراجع سعر الجنيه أمام الدولار أو حدوث اضطرابات في أسعار الشحن البحري بسبب الحرب التجارية المحتملة التي قد تسببها السياسات الاقتصادية التي يهدد بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.