في أجواء مشحونة بالتوتر الاقتصادي والاجتماعي، تتجه ألمانيا إلى صناديق الاقتراع في انتخابات مبكرة يُنظر إليها باعتبارها الأهم منذ سنوات، وبينما يحافظ المحافظون بقيادة فريدريش ميرتس على تقدمهم في استطلاعات الرأي بنحو 30 في المئة من الأصوات، يحقق حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف قفزة غير مسبوقة، مقترباً من 20 في المئة، مدفوعاً بموجة غضب شعبي تجاه تزايد الحوادث العنيفة المرتبطة بالمهاجرين.
ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، تواجه انكماشاً اقتصادياً مستمراً لعامين متتاليين، في ظل تهديدات بحرب تجارية من جانب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. تزايد حالة عدم اليقين، إلى جانب انهيار الائتلاف الحاكم بقيادة المستشار أولاف شولتز في نوفمبر تشرين الثاني الماضي، أفسح المجال لليمين المتطرف لتقديم نفسه بديلاً قوياً في مواجهة التحديات.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
في ميونيخ، خاطب ميرتس حشداً كبيراً، قائلاً: «غداً سنفوز في الانتخابات، وسينتهي كابوس هذه الحكومة»، تعهد زعيم الاتحاد المسيحي الديمقراطي بإعادة الاستقرار لألمانيا وتعزيز دورها القيادي في أوروبا، في وقت تواجه فيه القارة اختبارات مصيرية مع استمرار الحرب في أوكرانيا.
صعود اليمين المتطرف وتأثير الدعم الأميركي
اللافت أن صعود حزب «البديل من أجل ألمانيا» لم يكن داخلياً فقط، إذ حصل الحزب على دعم علني من شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس؛ ما أثار جدلاً واسعاً حول تأثير التدخلات الخارجية على السياسة الألمانية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
رغم تراجع شعبية حزبه إلى 15 في المئة، حاول شولتز استمالة الناخبين عبر التركيز على أهمية الدفاع عن القيم الأوروبية، مؤكداً: «لا يمكننا ترك أوكرانيا وحيدة، ويجب أن نبني أوروبا قوية قادرة على ردع أي تهديد مستقبلي»، ودعا المستشار الألماني إلى زيادة الإنفاق الدفاعي وحماية المجتمع الألماني من الانقسام الداخلي.
نتائج الانتخابات قد تُعيد رسم المشهد السياسي ليس في ألمانيا فقط، بل في أوروبا بأكملها؛ فالتوجه المتزايد نحو اليمين قد يُعرّض سياسة البلاد تجاه اللاجئين والاتحاد الأوروبي لتغييرات جذرية، بينما يظل الاقتصاد الألماني بحاجة لإصلاحات هيكلية لتجاوز أزمته الراهنة. الأيام المقبلة ستكشف إن كانت برلين قادرة على استعادة استقرارها أم أنها ستدخل مرحلة جديدة من الاضطراب السياسي.