كرتونة رمضان.. تكافل اجتماعي في مواجهة الأزمات الاقتصادية بمصر

ينتظر سامي وعمرو وصول طلبية من كراتين رمضان أو ما يُسمّى كراتين الخير لتوزيعها على العمال الذي يقومون بخدمتهم في الكومباوند الذي يقطنون فيه بمدينة السادس من أكتوبر بغرب العاصمة المصرية القاهرة.

بدأت عملية الشراء بعد إطلاق مبادرة من ثنائي الكومباوند لجمع قيمة 1200 كرتونة من سكان مجتمعهم العمراني الجديد، والهدف هو شكر العاملين الذين يقومون بالعمل وفي الوقت نفسه مساعدتهم على مجابهة تكاليف الحياة التي ارتفعت بشكلٍ كبير في مصر في الأعوام الثلاثة الماضية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وتعد كرتونة رمضان شكلاً من أشكال التكافل الاجتماعي الذي اعتاده المصريون منذ سنوات كنظام مساعدة اجتماعية أهلي بمبادرة الأفراد دون تدخل من الدولة.. لا يعرف أحد تحديداً متى بدأ ولكنه تطور كثيراً؛ ففي البداية كانت تُسمّى حقائب رمضان نظراً لتوزيع المكونات الغذائية الأساسية في حقائب على المحتاجين، ثم تطورت وزادت كميات محتواها كل بمقدرته حتى أصبحت توزع في كراتين، وهو ما دفع متاجر التجزئة إلى التوسع في بيعها.. فهي تحتل مداخل معظم هذه المتاجر في الفترة التي تسبق شهر رمضان ويقبل العملاء على شرائها لتقديمها كصدقات أو ضمن زكاة المال أو تحت بند إطعام المساكين ككفارة لمَن لا يستطيع الصيام بحسب تعاليم الدين الإسلامي.

وقال المدير التنفيذي لمجموعة هايبر ماركت في مدينة الشيخ زايد، خالد دويدار في لقاء مع CNN الاقتصادية، إن «مجموعته باعت العام الماضي ما يقرب مليون كرتونة، أمّا العام الحالي فمن المتوقع أن نبيع أكثر من مليون ونصف كرتونة، وهذه الأعداد خاصة فقط بالأفراد دون المؤسسات، حيث طلبت إحدى المؤسسات طلبية تُقدّر بنحو 300 ألف كرتونة».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وخصص المتجر جناحاً في المدخل لبيع الكراتين، كما قام بتوفير خزينة خاصة لشراء هذه العبوات، لتجنب الازدحامات عند دفع المنتجات الأصلية.

وأتى رئيس مجلس أمناء مؤسسة فودافون مصر لتنمية المجتمع، محمد حنة إلى المتجر لشراء نحو 2000 كرتونة دفع ثمنها مجموعة من الأصدقاء، وأكد حنة في حديثه مع «CNN الاقتصادية»، أن «العدد الذي يقّدمه من الكراتين ارتفع عن العام الماضي، وهذا بسبب ارتفاع التضخم الذي وضع الكثير من الأسر في أوضاع صعبة».

شهدت مصر أزمة اقتصادية حادة بدأت مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية منذ نحو ثلاث سنوات، ما أدّى إلى شح كبير في العملة الصعبة، فضلاً عن موجة غلاء نتجت عن تخفيض العملة أربع مرات في عامين بين مارس آذار 2022 ومارس آذار 2024 ليُباع كل دولار أميركي بنحو 50 جنيهاً اليوم بدلاً من 15.6 جنيه قبل بداية الأزمة، وهو ما ألقى بظلاله على موائد الكثير من المصريين وأنهك قدرتهم على الإنفاق، ما أدى إلى انزلاق ما يقرب من 40 في المئة من السكان تحت وطأة الفقر بحسب بيانات الدولة.

لا نعرف كم كرتونة تبيع هذه المتاجر أو حتى حجم المستفيدين من هذا النظام التكافلي، إذ لا توجد بيانات بهذا البند، ولكن الجميع في مصر يرجو أن تنخفض نسبة الفقر يوماً ما.

ولكن حتى هذا الحين سيستمر هذا النظام قائماً بالتوازي مع نُظم التكافل الاجتماعي التي ترعى بها الدولة ما تسميهم «الفئات الأولى بالرعاية» لحماية كرامتهم ربما.

فعمرو وسامي وسكان مجتمعهم سيقومون بتوفير كرتونة لكل فرد من العمال مرة كل عشرة أيام، وستشمل كذلك كوبونات لتوزيع بروتين حيواني، أمّا حنة فقرر بذل مجهود أكبر في توزيع هذه العبوات على الأسر الأكثر عوزاً في القاهرة وفي محافظات مصر الأكثر حرماناً مثل المنيا وسوهاج.