أقرّ مجلس النواب اللبناني، يوم الخميس، تعديلات على قانون السرية المصرفية تسهّل للهيئات الناظمة الحصول على كامل المعلومات المتعلّقة بالحسابات، تلبية لمطلب رئيسي لصندوق النقد الدولي، في خطوة اعتبرها رئيس الوزراء أساسية «لكشف الحقائق» بشأن الأزمة المالية التي بدأت عام 2019.
وأكدت السلطات، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، عزمها على اتخاذ إجراءات لمعالجة تداعيات أزمة غير مسبوقة بدأت قبل أكثر من خمسة أعوام، مع اشتراط المجتمع الدولي إجراء إصلاحات جذرية لتوفير الدعم المالي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وأسهمت السرية المصرفية المشددة التي اعتمدها لبنان لعقود، في جذب الودائع وازدهار القطاع المصرفي، لكن عقب الأزمة طالبت أطراف عدة بتخفيفها في ظل شبهات بأن أصحاب مصارف ونافذين استغلوها للتغطية على فساد وتبييض أموال، أو تهريبها إلى الخارج في وقت كانت المصارف تقيّد سحب الودائع.
وكان مجلس النواب أقرّ تعديلات على قانون السرية المصرفية عام 2022، اعتبرها صندوق النقد غير كافية، إذ لم تسمح للهيئات الناظمة برفع السرية عن حسابات مشبوهة أو أسماء أصحابها.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
الإصلاح المالي والتعاون مع المؤسسات الدولية
لكن الحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام التي تولت مهامها مطلع هذه السنة، تعهدت بالتعاون مع المؤسسات الدولية، وأقرت في أبريل نيسان تعديل القانون.
واعتبر سلام إقرار التعديلات في البرلمان «خطوة ضرورية نحو الإصلاح المالي المنشود... وركيزة أساسية لأي خطة تعافٍ».
وقال إن قانون السرية المصرفية بصيغته السابقة «فقد اليوم أي معنى... وباتت إعادة النظر به مدخلاً أساسيّاً لكشف الحقائق وتَحديد المَسؤوليات بكلّ شفافية ومُحاسبة المُرتكبين بما من شأنه المُساعدة في استعادة حقوق المودعين، وثقة المواطنين والمجتمع الدولي».
وأوضحت «المفكرة القانونية»، وهي منظمة حقوقية غير حكومية، أن التعديل يخوّل «الهيئات الرقابيّة والهيئات النّاظمة للمصارف، وتحديداً مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف والمؤسسة الوطنية لضمان الودائع، طلب الحصول على جميع المعلومات المصرفية، من دون أن يربط طلب المعلومات بأيّ هدف معيّن، وإمكانية التدقيق في الحسابات بالأسماء، تصحيحاً لقانون 2022».
كانت الحكومة قد أكدت أن التعديلات تلحظ مفعولاً رجعياً مدته 10 سنوات من تاريخ طلب رفع السرية، ما يتيح بالتالي كشف التعاملات المصرفية في الفترة المحيطة ببدء الأزمة المالية.
القوانين الدولية
يشار إلى أن إقرار التعديلات مع مشاركة وفد لبناني يضم وزيري المال ياسين جابر والاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، في اجتماعات لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن.
وقال جابر لقناة «إل بي سي» اللبنانية إن الصندوق طلب التعديلات «لتساعد في عملية إصلاح القطاع المصرفي وتنظيمه»، وإقرارها «يساعد اللبنانيين في أن نصل إلى قطاع مصرفي يطبق القوانين الدولية».
وأفاد بأن التعديلات «فتحت المجال أكثر لمصرف لبنان... أن تكون لديه إمكانية الدخول إلى الحسابات ولكن ليس بشكل عبثي»، مشدداً على أن «السرية المهنية باقية، لا يجب أن نعتقد أنه بهذا القانون يمكن لأي كان أن يدخل إلى مصرف ويطلب حساب أي شخص كان».
وأوضح عضو لجنة المال النيابية ألان عون لوكالة فرانس برس أن ما جرى الخميس هو «توضيح» قانون عام 2022.
وأشار إلى أن صندوق النقد كان قد أبلغ لبنان بأن القانون «غير كافٍ... وغير واضح»، مضيفاً «اليوم أوضحناه».
وانخرط
لبنان في أزمة غير مسبوقة منذ عام 2019 باتت معها غالبية السكان تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة.
وبدأ لبنان في يناير كانون الثاني 2022 مفاوضات رسمية مع صندوق النقد الذي طالما شدد على أنه لن يقدم أي دعم طالما لم تقرّ الحكومة إصلاحات على رأسها تصحيح الموازنة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإصلاح المؤسسات العامة والتصدي للفساد المستشري.
وأعلن الصندوق في أبريل نيسان من العام ذاته اتفاقاً مبدئياً على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات، لكنّ تطبيقها كان مشروطاً بإصلاحات لم يتم تنفيذ معظمها.
وأقرت حكومة نواف سلام إضافة إلى تعديل قانون السرية المصرفية، مشروع قانون لإعادة هيكلة المصارف.
(أ ف ب)