«في مصر نقوم بإنشاء طرق كبيرة وكثيرة ولكن يغيب عنا مفهوم إدارة الطرق، والذي يتم اختزاله في جمع رسوم المرور على الطرق السريعة ومخالفات السير» هكذا صرح مصدر حكومي وأكاديمي رفض ذكر اسمه في اتصال مع CNN الاقتصادية. منذ يوم الجمعة الماضي لا صوت يعلو في مصر فوق صمت الحداد الشعبي بعد مقتل 19 فتاة في حادث سيارة على الطريق الدائري الإقليمي في محيط محافظة المنوفية بدلتا النيل.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
يستنكر المصريون على وسائل التواصل الاجتماعي ما حدث، وينتقدون كذلك المبالغ الكبيرة التي تم إنفاقها على إنشاء عدد كبير من الطرق في مصر، لم يتوقف الاستنكار على صفحات السوشيال ميديا ليصل إلى قاعة البرلمان المصري. حيث طالب النائب المعارض ضياء داوود بضرورة المحاسبة.
وقال داوود بالعامية المصرية «لازم نحاسب كل من له يد في الأمر، كام واحد لازم يموت علشان نتحرك.. قبل هذا الحادث مات 16 شخص على طريق طنطا ومحصلش حاجة»، مطالباً بمحاسبة كل من سولت له نفسه بالإهمال في هذا الملف» وأضاف أن الدولة أنفقت المليارات على الطرق وكأنها هباءاً منثوراً.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وظهر كامل الوزير الذي يشغل منصبي وزير النقل ووزير الصناعة في حكومة مصطفى مدبولي في مقطع فيديو مصور بشكل طولي في إحدى الحافلات على الطريق الدائري الإقليمي الذي شهد وقوع حادث الجمعة "قائلاً إن مصر أنفقت على الطرق 225 مليار جنيه".
وتعد ثورة الطرق التي تشهدها مصر منذ نحو 6 سنوات والتي أدت إلى تقصير متوسط زمن الرحلة في العاصمة وأطرافها إلى 25 دقيقة أحد أسباب نقد بعض المواطنين لاعتقادهم أنها أحد أسباب الأزمة الاقتصادية التي يعيشونها.
من جانبه قال خبير سلامة الطرق خالد مصطفى في اتصال خاص مع CNN الاقتصادية من دبي إن الأزمة لا تكمن في كود الطرق الذي يتطابق مع الكود الأميركي ولكن على الورق فقط، وأن المشكلة تكمن في عدم المحاسبة وغياب التدقيق في مرحلة تسليم المشروعات، ويلفت مصطفى إلى أن الشق الاقتصادي لا يقتصر فقط على أموال الإنشاءات والصيانة ولكنه أيضاً فقدان الأرواح الذي يساوي فقدان للثروة، لأن الدولة تفقد القوة الإنتاجية للضحايا سواء القتلى أو الجرحى طوال الفترة التي يُقدَّر لشخص سليم أن يعيشها بكامل إنتاجيته".
وهو ما يسمى بالتكلفة المقدرة للتصادم والتي كانت قيمتها 28.9 مليار جنيه في عام 2018 بحسب بيانات الهيئة العامة للتعبئة والإحصاء هذه الخسارة، ولكن مصطفى يشكك في هذه القيمة ويعتقد أنها أكثر ارتفاعاً.
وبحسب الجهاز المعني بالإحصائيات في الدولة فإن مصر شهدت انخفاضاً في حوادث الطرق في عام 2024 وصل 5260 وفاة بينما بلغ عدد الضحايا 5861 في عام 2023، وهي ما يعني أن نسبة قتلى حوادث الطرق في مصر 10.3 في المئة، وهو يوازي مصرع 4.9 شخص لكل 100 ألف مواطن.
وبلغ عدد جرحى حوادث الطرق في عام 2024 76362 جريح مرتفعاً من نحو 71 ألف شخص في عام 2023. ويقع كذلك عدد الجرحى ضمن معادلة التكلفة المقدرة للتصادم فمن بينهم من يستكمل ما تبقى من حياته بإعاقة تمنعه عن إتمام مهامه المهنية والاقتصادية بشكل طبيعي.
ويلوم المسؤولون في مصر على أسلوب قيادة سيارات النقل الثقيل على الطرق وتناول جزء كبير من السائقين المخدرات والمنبهات الممنوعة لمواصلة القدرة على العمل لساعات طويلة وهو دفع وزير النقل لطلب أخذ عينات مخدرات بشكل دوري ومفاجئ للحد من ضحايا حوادث الطرق.