أخبار اقتصادية عالمية جيدة بعض الشيء وللمرة الأولى منذ بدء انتشار جائحة كورونا.. لكن الحذر لا يزال قائماً
هذا ما قاله مدير قسم الأبحاث في صندوق النقد الدولي، بيير-أوليفييه غورينشاس، في حديث لـ«CNN» عقب الإعلان عن مراجعة إيجابية لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2023، برفع متوقع هذا العام إلى 2.9 في المئة من 2.7 في المئة، كان الصندوق توقعها في أكتوبر تشرين الأول الماضي خلال إطلاقه تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي».
ورغم أن العامين المقبلين سيشهدان نسباً منخفضة من النمو، فمما لا شك فيه -بحسب غورينشاس- أن الاقتصاد العالمي اتسم بالمتانة أمام التحديات الكبرى التي تمثلت، من جهة، برفع غير مسبوق للفوائد، ومن جهة أخرى بالضغوط التي أعقبت الحرب الروسية الأوكرانية التي دفعت أسعار الطاقة والغذاء إلى مستويات قياسية مرتفعة.
ما الذي دفع الصندوق لمراجعة توقعاته؟
يرى كبير استراتجيي الأسواق في Exness، وائل مكارم، في حديث لـ«CNN الاقتصادية»، أن المتغير الأساسي الذي دفع صندوق النقد لمراجعة النمو العالمي بالرفع، هو عودة النشاط الاقتصادي الصيني وما قد يرافقه من إنفاق على السفر الخارجي وكذلك داخل الصين نفسها.
وأضاف أن أبرز ما يشير إلى ذلك هو صدور أرقام إيجابية يوم الثلاثاء لمؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي، بالإضافة إلى قطاع التجزئة إذ شهدا قفزة لما فوق 50 نقطة، وهو ما يؤشر إلى النمو.
وأوضح مكارم أن أسعار الفائدة المرتفعة «ستبقى ضاغطة على النشاط الاستثماري العالمي، لكن بوتيرة أقل من تلك التي شهدناها في 2022، حيث شهدنا الذروة»، متابعاً أن «هذا الأمر هو ما يفسر التباين أو الحذر المبرز في تقرير صندوق النقد».
ماذا عن المنطقة العربية؟
قال مكارم إن «النشاط الاقتصادي الصيني -ثاني أكبر اقتصاد في العالم- سينعكس إيجاباً ولا بد على الاستثمارات في دول المنطقة، وخصوصاً الإمارات التي شهدت نمواً ملحوظاً في الفترة الماضية، ومن المفترض أن تنال المزيد من الانتعاش وسط إقبال السياح الصينيين على المنطقة، لا سيما في ما يتعلق بالإقبال المحتمل على العقارات للتحوط من مشكلة عودة الإغلاقات في الصين في أي وقت».
وأشار إلى أن الإمارات استفادت أيضاً من الظروف العالمية بفضل الاستقرار المالي الذي تمتعت به في فترات الأزمات، خصوصاً في قطاع الفنادق والخدمات.
أما في ما يتعلق بالسعودية -التي خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصادها- فأشار مكارم إلى أن عاملين يضغطان على أسعار النفط (وهو الذي يشكل أبرز العائدات للمملكة)، الأول يتجلى في تراجع أسعار الخام عن المستويات القياسية التي بلغتها العام الماضي نتيجة الحرب الأوكرانية.
والثاني هو أن تراجع الإنتاج -الذي يتماشى مع سياسة تحالف «أوبك+»- سيخفض عائدات المملكة النفطية.
لكن مكارم لفت إلى أن الأسعار قد لا تشهد تراجعاً كبيراً عما هي عليه اليوم، في ضوء الطلب المستمر بالارتفاع نتيجة توقعات النشاط الاقتصادي الصيني.
وفي ما يخص مصر، قال مكارم «قد تستفيد مصر أيضاً من خفوت الإغلاقات في الصين، في وقت تشهد البلاد أزمة اقتصادية خانقة، إذ إنها تستقطب عدداً كبيراً من السياح الصينيين، ولكن الأمر برمته يعتمد على الحكومة المصرية التي عليها تأمين الاستقرار اللازم لجذب المستثمرين».
وختم بالقول: «تقرير صندوق النقد الإيجابي نسبياً في ما يخص النمو متعلقٌ بشكل أساسي بالصين والهند والنشاط المتوقع داخل هذين الاقتصادين»، مشيراً إلى أن «الاعتماد على الاقتصادين الأميركي والأوروبي لدفع النمو لا يتجاوز نسبة 10 في المئة».
أبرز ما تناولته مراجعة صندوق النقد الدولي:
- يتوقع أن يتباطأ النمو العالمي من 3.4 في المئة في عام 2022 حسب التقديرات إلى 2.9 في المئة في عام 2023 ثم يرتفع إلى 3.1 في المئة في 2024.
- من المتوقع أن يبلغ النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ما نسبته 3.2 في المئة، انخفاضاً من 3.4 في المئة في توقعات الصندوق السابقة، لكنه رفع توقعاته للعام المقبل إلى 3.5 في المئة.
- من المتوقع تسجيل تراجع حاد في نمو الاقتصادات المتقدمة إلى 1.2 في المئة في 2023 من 2.7 في المئة في 2022.
- لا يزال النشاط الاقتصادي يعاني تحت وطأة رفع البنوك المركزية أسعار الفائدة من أجل مكافحة التضخم والحرب الروسية في أوكرانيا.
- أدت سرعة انتشار مرض كوفيد-19 في الصين إلى إضعاف النمو في عام 2022، ولكن إعادة فتح الاقتصاد مؤخراً مهدت سبيل التعافي بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً.
- تشير التوقعات إلى انخفاض التضخم العالمي من 8.8 في المئة في 2022 إلى 6.6 في المئة في 2023، و4.3 في المئة في 2024، وهما نسبتان تظلان أعلى من مستويات ما قبل الجائحة (2017- 2019) البالغة نحو 3.5 في المئة.
- يُتوقع أن تكون بريطانيا الدولة الوحيدة في مجموعة العشرين التي ستشهد ركوداً اقتصادياً هذا العام مع تراجع ناتجها الإجمالي المحلي بنسبة 0.6 في المئة.