دخل لبنان بالفعل مرحلة جديدة من عمر الأزمة الاقتصادية التي تجاوزت عامها الثالث.
فبعد انقضاء نحو 25 عاماً على تثبيت سعر الصرف الرسمي عند 1507 ليرات مقابل الدولار الواحد، سيبدأ البلد الذي يعاني من إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية عالمياً، تطبيق سعر صرف رسمي قدره 15 ألف ليرة للدولار، بدءاً من مطلع فبراير شباط الجاري.
إيجابية وحيدة.. والكثير من السلبيات
الإيجابية الوحيدة لهذا القرار، أن لبنان خرج من «حالة الإنكار التي عاشها لثلاث سنوات»، حسب ما قالت الأستاذة الجامعية المتخصصة في القانون المصرفي، سابين الكك، في حديث لـ« CNNالاقتصادية«.
وأضافت «لكن القرار تترتب عليه تداعيات كبيرة، منها ديون الدولة بالعملات الأجنبية التي توازي 39 مليار دولار، وبالتالي هذا المبلغ بات على سعر صرف رسمي أعلى بنحو 10 أضعاف، ما يرتب تداعيات مقلقة على موازنة الدولة».
وتابعت الكك «أن ميزانيات المصارف ومصرف لبنان على سعر صرف رسمي جديد ستظهر حجم الخسائر الضخمة الموجودة لدى القطاع، لأن ميزانيات البنوك كافة كانت على أساس سعر صرف 1507 ليرات».
كما تساءلت «من قال إن سعر الصرف سيبقى على حاله عند 15 ألف ليرة في الفترة المقبلة؟ خصوصاً أن هذا السعر البعيد عن سعر السوق الموازية ليس حقيقياً، ولا يظهر حجم الخسائر الفعلية».
مصرف لبنان أطاح بأموال المودعين
ولفتت الكك إلى أن «المودعين على مدى السنوات الثلاث الماضية رفضوا قبول أموالهم على أساس سعر غير حقيقي، وأصروا على الاستحصال على أموالهم بعملتها الأساسية المودعة لدى المصارف، لكن عملياً مصرف لبنان أطاح بقراره الجديد بكل حقوق المودعين».
وأشارت إلى أن العلاقة بين المواطن اللبناني وسلطته «ليست بأفضل أحوالها وخصوصاً وسط نظام قضائي غير فاعل»، مرجحة أن يلجأ اللبنانيون مجدداً إلى الشارع للتظاهر أمام البنوك.
وختمت الخبيرة القانونية بالقول «ربط الودائع بسعر الصرف الرسمي أمر مرفوض بالمطلق».
واقع اقتصادي صعب
سجل مؤشر التضخم على أساس شهري في لبنان 214.5 في المئة مطلع العام الماضي، دافعاً نحو 70 في المئة من الشعب إلى خط الفقر المدقع.
وعلى الرغم من انخفاض هذه النسبة بشكل متتابع، فإنها ظلت مرتفعة وتجاوزت 122 في المئة مع نهاية عام 2022.
أما على أساس سنوي، فقد بلغ معدل التضخم السنوي لعام 2022 ما نسبته 171.2 في المئة بحسب دراسة مؤشر أسعار الاستهلاك الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي، ارتفاعاً من 154.8 في المئة في 2021.
أما أسعار الطاقة، فسجلت القفزة الأكبر بحيث باتت صفيحة البنزين (20 لتراً) تفوق الحد الأدنى للأجور -الذي لم يجرِ تعديله حتى اليوم- ولم يعد يساوي أكثر من 14 دولاراً، بحسب سعر الصرف في السوق الموازية.
أزمة لبنان
يشكل السعر الجديد خفضاً بنحو 90 في المئة بقيمة العملة الوطنية -التي خسرت أكثر من 95 في المئة من قيمتها أمام الدولار منذ أكتوبر تشرين الأول 2019.
ويأتي تعديل سعر الصرف الرسمي للعملة الوطنية ضمن أحد الشروط الإصلاحية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، من أجل إقراض لبنان نحو 3 مليارات دولار لمساعدته في الخروج من الأزمة.
كذلك يصر صندوق النقد على تعديل قانون السرية المصرفية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي الذي يعاني من خسائر تفوق 70 مليار دولار، بالإضافة إلى إقرار قانون بشأن مراقبة رؤوس الأموال (أو ما يعرف بالكابيتال كونترول).