يبحث البنك المركزي المصري عن مشترٍ جديد لـ«المصرف المتحد»، بعد تعثر مفاوضات بيعه إلى «صندوق الاستثمارات العامة»، وهو صندوق الثروة السيادي السعودي، وسط تكهنات تدور في أروقة الجهاز المصرفي في مصر بأن سبب تعطل الصفقة هو خلاف على القيمة العادلة للبنك والمرتبطة بسعر صرف الدولار مقابل الجنيه وقت إتمام الصفقة.

دارت محادثات لعدة أشهر مضت بين البنك المركزي و«صندوق الاستثمارات العامة»، بغيةَ عقد صفقة تُحقق للحكومة المصرية تدفقاً دولارياً تشتد حاجة البلاد إليه، إذ يجاهد البنك المركزي من أجل بيع «المصرف المتحد» إلى مستثمر أجنبي للمساهمة في توفير أعلى قدر من النقد الأجنبي يساعد البلاد على سداد ديونها الخارجية والنهوض من أزمة اقتصادية خانقة.

«المصرف المتحد» أسسه البنك المركزي في 2006 لإنقاذ أموال المودعين بثلاثة بنوك متعثرة كانت تواجه خطر الإفلاس، هي بنك النيل والبنك المصري المتحد والمصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية، ليصبح المركزي المالك شبه الأوحد للبنك وبنسبة 99.9 في المئة.

واليوم يبحث البنك الجديد، «المصرف المتحد»، عن مشترٍ لإنهاء وضع مؤقت طال أمده، أصبح البنك المركزي في ظله أحد اللاعبين في السوق التي يشرف على مراقبتها وتنظيمها.

سبب تعثر صفقة «بيع المصرف المتحد»

بحسب هاني أبوالفتوح، الرئيس التنفيذي لشركة «الراية» للاستشارات المالية، فإن صفقة «المصرف المتحد» فشلت بسبب عدم الاتفاق على سعر صرف للتقييم؛ فالمركزي المصري يرى أن تقييم البنك يجب أن يكون بالدولار الأميركي، لكن الصندوق السيادي السعودي يعتقد أن التقييم بالجنيه أكثر جدوى له، وسط توقعات بتحريك وشيك لسعر الصرف في مصر، ما يعني بالتبعية خفضاً جديداً لقيمة العملة المحلية.

ومن البديهي، كما يرى أبوالفتوح، أن تغير سعر الصرف قد يعني خسارة المستثمر أو المالك الجديد للبنك بين عشرة وعشرين في المئة من قيمة الصفقة بمجرد انخفاض قيمة الأصل بالدولار، إذا تراجع الجنيه لمستويات أدنى وقت التنفيذ.

كانت لأجل 12 شهراً سجلت 39.19 جنيه الأسبوع الماضي، ما يشير إلى حالة عدم تيقن بخصوص سعر صرف الجنيه، الذي يدور سعر صرفه اليوم حول 30.80 للدولار.

وقال أشرف القاضي، رئيس مجلس إدارة «المصرف المتحد» والعضو المنتدب، في اتصال مع «CNN الاقتصادية» إن «المصرف المتحد تلقى منذ تحريك سعر الصرف في 2016 طلبات استحواذ عديدة من بنوك إقليمية وعالمية»، مشيراً إلى وجود عروض إقليمية ودولية جديدة، رفض أن يسمي أصحابها.

وأضاف «دخول مستثمر إقليمي أو دولي يمثل قيمة مضافة للسوق المصرية، ويمثل كذلك قيمة مضافة للمستثمر نفسه، إذ إن مصر سوق كبيرة ومهمة».

وبحسب القاضي، فإن «البنك المركزي لن يتصرف في هذا الأصل الممتاز بسعر ينخفض عن القيمة العادلة للبنك، لأن البنك يحقق أرباحاً مرتفعة منذ سنوات عديدة ويمتلك الكثير من الأصول المالية والاستثمارية ذات الجودة العالية».

برنامج الطروح المصري

بيع «المصرف المتحد» تأجل، كما تأجل برنامج الطروح الحكومي أكثر من مرة منذ الإعلان عنه نهاية عام 2016.

وتخوفت الحكومة المصرية من إطلاق الطرح في 2018 بسبب أزمة الأسواق الناشئة وقتها، ثم تعطل الأمر مجدداً بسبب تفشي جائحة كوفيد-19، ثم بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل نحو عام.

وأعقب ذلك مؤخراً إعلان رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي عن تسريع وتيرة برنامج الطروح ليضم 32 شركة عامة من بينها «المصرف المتحد».

ماضٍ مصرفي مثقل بالتعثر

القوائم المالية لـ«المصرف المتحد» تتماشى مع تصريحات القاضي، إذ تُظهر تحقيق البنك طفرات كبيرة في نمو الأصول، التي تتعدى 80 مليار جنيه، ونمو محافظ التمويل أكثر من 25 في المئة سنوياً، وكذلك نمو محافظ الودائع.

وتخطت أرباح «المصرف المتحد» العام الماضي 1.3 مليار جنيه، بالإضافة لتحقيقه أرباحاً مليارية خلال السنوات الخمس الماضية.

يمتلك «المصرف المتحد» منتجات تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وترجع جذور الاسم إلى «بنك الدقهلية الوطني للتنمية» سابقاً الذي تآكلت ملاءته المالية، ليولد من رماده في عام 2004 بنك جديد تحت اسم «المصرف المصري المتحد»، والذي اختفى بدوره بعد نحو عام ونصف من تأسيسه في إطار عملية الدمج الثلاثي التي نتج عنها البنك الجديد-القديم الباحث عن مشترٍ.