سيطرت المحادثات الخاصة بالدين العالمي وأزمة إعادة هيكلة الديون في الدول النامية على المناقشات بين وزراء مالية مجموعة الدول العشرين ورؤساء البنوك المركزية يوم الاثنين، في محاولة للبحث عن حلول تمنع تدهور الاقتصاد العالمي.
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء «فرانس برس»، إن أكثر من نصف البلدان منخفضة الدخل الآن تعاني ضائقة ديون، بأكثر من ضعف الدول في عام 2015.
وأدت الأزمات المتتالية في السنوات الأخيرة إلى تسارع حاد في مستويات الدين العام في جميع أنحاء العالم، إذ ارتفع الدين العام العالمي بأكثر من خمسة أضعاف منذ عام 2000 وحتى عام 2022، متجاوزاً بشكل واضح النمو العالمي الذي زاد ثلاثة أضعاف فقط.
وبنهاية عام 2022، بلغ الدين العام العالمي 92 تريليون دولار أميركي، مقارنة بنحو 17 تريليون دولار في عام 2000، وفقاً لتقرير شهر يوليو تموز الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
وكافحت العديد من الحكومات للحصول على التمويل اللازم لدعم الاقتصاد، وخاصة في أعقاب الضربة المزدوجة لجائحة فيروس كورونا وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، والتي أثرت في أسعار الوقود والسلع العالمية.
الحكومات تتجه إلى الجهات الخاصة بسبب ضعف التمويل
تظهر بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية زيادة ملحوظة في اتجاه الحكومات للدائنين من الجهات الخاصة بسبب ضعف التمويل، مثل حاملي السندات والبنوك الخاصة وغيرهم من المقرضين، الذين يوفرون التمويل للحكومات بشروط تجارية.
وارتفعت نسبة اعتماد الدول النامية على الدائنين من الجهات الخاصة من النسبة 47 في المئة المسجلة في عام 2010، لتصل إلى 62 في المئة من إجمالي الدين العام الخارجي للبلاد في 2022.
ورغم سهولة الحصول على تمويل من الجهات الخاصة بالمقارنة مع التمويل الميسر من الجهات الثنائية (وهي وكالات رسمية تقرض الحكومات نيابة عن الدولة مثل وكالة التنمية الأميركية، أو الجهات متعددة الأطراف، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وغيرها من المؤسسات الدولية) فإن هذا الاتجاه يرفع من تكلفة القروض، ويزيد من صعوبة إكمال إعادة هيكلة ديون الحكومات بنجاح عند الحاجة، ما يؤدي إلى زيادة حالات التأخير عن السداد، ويعزز المخاوف المتعلقة بحل أزمات الديون.
لماذا تواجه الدول النامية أزمة أكبر من نظيرتها المتقدمة في سداد الديون؟
عندما تقترض البلدان النامية الأموال، يتعين عليها أن تدفع معدلات فائدة أعلى بكثير مقارنة بالدول المتقدمة، ما يجعلها تواجه أزمة أكبر من نظيراتها المتقدمة عند سداد الديون، حتى دون النظر في تكاليف تقلبات أسعار الصرف.
على سبيل المثال، تدفع البلدان الإفريقية متوسط معدلات أعلى بأربع مرات عند الاقتراض، مقارنة بالولايات المتحدة وحتى ثمانية أضعاف المعدلات الموجودة في ألمانيا.
وتقف تكاليف الاقتراض المرتفعة كعائق أمام تمويل الاستثمارات الهامة في البلدان النامية، ما يؤدي بدوره إلى زيادة تقويض قدرتها على تحمل الديون والتقدم نحو التنمية المستدامة.
ومن المتوقع أن تركز المناقشات في اليوم الثاني (الأخير) من اجتماعات مجموعة العشرين غداً الثلاثاء على كيفية معالجة أزمة الديون بين أفقر دول العالم، إلى جانب إحراز تقدم في التحديات الرئيسية مثل تغير المناخ وانتشار الأوبئة.
وأشارت جانيت يلين، يوم الاثنين، إلى التقدم المحرز في إعادة هيكلة الديون في زامبيا، وهو ما ناقشته عند زيارة بكين هذا الشهر، ما قد يعزز التفاؤل بإمكانية اتخاذ خطوات مستقبلية فعالة لحل أزمة الدول النامية الراهنة.