منحت البيانات الاقتصادية الصادرة عن الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، المستثمرين أملاً متزايداً في أن يتوقف بنك الاحتياطي الفيدرالي مؤقتاً عن تشديد السياسات النقدية بأن يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير هذا الشهر، بعد أن رفع معدل الفائدة في يوليو تموز إلى أعلى مستوى لها منذ 22 عاماً، لكن البنك أوضح صراحةً أنه لا يستبعد زيادات إضافية في أسعار الفائدة ما لم يتباطأ التضخم بشكل أكبر.

وكان الفيدرالي الأميركي قد أعلن زيادة قدرها 25 نقطة أساس في معدل الفائدة في يوليو تموز ليصل إلى النطاق 5.25-5.5 في المئة، فيما يُعد الرفع الحادي عشر منذ بداية دورة زيادة أسعار الفائدة في مارس آذار 2022.

أسعار الفائدة الأميركية

ووفقاً لتقرير صادر عن «بورصة شيكاغو التجارية»، فإن 90 في المئة من مستثمري الأسواق المالية يتوقعون أن يصوت مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي لصالح توقف مؤقت في رفع أسعار الفائدة خلال اجتماع البنك المقبل يومي 19 و20 سبتمبر أيلول، مقابل 60 في المئة فقط يتوقعون توقفاً مماثلاً في اجتماع نوفمبر تشرين الثاني.

من الصعب التكهن بشكل قاطع ما إذا كان البنك سيرفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام أو توقع موعد هذا الرفع المحتمل، لكن السيناريو الأكثر احتمالاً هو أن اجتماع نوفمبر تشرين الثاني سيمثل عاملاً حاسماً في سياسة البنك، إما بإسدال الستار على مسلسل رفع أسعار الفائدة أو تقرير زيادة أخرى جديدة.

ومن المتوقع أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير لبقية العام إذا استمر سوق العمل والاقتصاد الكلي في التباطؤ، ما يساعد على خفض التضخم، وهناك بالفعل العديد من العوامل التي قد تسهم في ذلك، مثل تباطؤ إنفاق الأميركيين مع استئناف سداد أقساط القروض الطلابية الشهر المقبل أو استمرار البنوك في تشديد معايير الإقراض.

وفي الأسبوع الماضي، قدّم تقرير الوظائف لشهر أغسطس آب -الذي يحظى بمتابعة وثيقة من قِبَل المشرعين والمستثمرين- أحدث دليل على استمرار سوق العمل الأميركية في التباطؤ، إذ أضاف الاقتصاد الأميركي 187 ألف وظيفة جديدة الشهر الماضي، بينما ارتفع معدل البطالة بشكل غير متوقع إلى 3.8 في المئة مع سعي المزيد من الأميركيين للحصول على عمل.

وأوضح رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الأسبوع الماضي صراحةً أن البنك ينتظر دليلاً على تباطؤ سوق العمل لفترة طويلة للتأكد من أن معدل التضخم يسير بشكل صحيح نحو المسار المستهدف البالغ اثنين في المئة.

زيادات أخرى

وكشف باول عن أن الزيادات الإضافية تظل مطروحة على الطاولة إذا واصل التضخم مقاومته لمحاولات الاحتواء.

وتنقسم الآراء بشأن سياسة البنك لكبح معدلات التضخم، فمنهم من يرى أن البنك سيواصل رفع الفائدة للسيطرة على التضخم، بينما يرى فريق آخر أن البنك قد فعل ما يكفي بالفعل حتى الآن، ما يسلط الضوء على الانقسام الواضح بين من يدعمون اتخاذ موقف أكثر صرامة لمكافحة التضخم وأولئك الذين يشعرون بالقلق من الأضرار الاقتصادية غير الضرورية.

وتعليقاً على هذا الجدل المتزايد، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، في خطاب ألقاه في كيب تاون بجنوب إفريقيا الأسبوع الماضي «يجب أن نكون حذرين وصبورين حتى نتيح للسياسة التقييدية إحداث التأثير المرجو على الاقتصاد، دون أن نخاطر بتشديد السياسة أكثر من اللازم والتسبب في معاناة اقتصادية غير ضرورية».