لم يحل إعلان مصر بدء الافراج عن البضائع المكدسة في الموانئ منذ أشهر بسبب عدم توافر عملة الدولار، مشاكل المستوردين الذن يواجهون اليوم أزمة من نوع آخر مرتبطة بفرض غرامات نظرًا لتأخر الإفراج عن هذه البضائع في موعدها.

وتُحصل شركات شحن البضائع غرامات من المستوردين بسبب عدم إفراغهم حاويات الشحن في موعدها، تضاف إليها غرامة تفرضها هيئة الميناء البحري مقابل وجود البضاعة على الموانئ وحراستها، وفقًا لعدد من المستوردين والعاملين في مجال الشحن البحري تحدثوا مع «CNN الاقتصادية».

وقال محسن التاجوري، نائب رئيس شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إنه مع الإفراج عن بعض البضائع المكدسة في الموانئ المصرية حاليًا، يتحمل المستورد غرامات نظرًا لعدم الإفراج عنها في الوقت المتفق عليه بين الخط الملاحي والمستورد.

وأضاف: «أحد مستوردي المواد الكيميائية سيدفع ما بين 50 إلى 60 ألف دولار غرامة تأخير وأرضيات للموانئ نظير الإفراج عن شحنة خاصة به».

وتبدأ الغرامات التي يفرضها الخط الملاحي مقابل التأخير في إفراغ الحاويات التي يبلغ حجمها 20 قدمًا، نحو 60 دولارًا في اليوم. فيما تُحصل هيئة الميناء أرضيات وحراسة بالأسبوع تختلف من بضاعة إلى أخرى، وفقًا لما يقوله أشرف الشهات، نائب رئيس شعبة النقل الدولي واللوجستيات في غرفة القاهرة التجارية.

ويضيف أن في بعض الأحيان تكون الغرامات أكبر من قيمة البضائع الموجودة في الحاوية نفسها وهذا سيؤدي إلى ارتفاع الثمن النهائي للسلع.

وهو ما يعتقده التاجوري، إذ يتوقع أن يضيف المستورد ثمن الغرامة الموقعة عليه إلى الثمن النهائي للسلعة، وهو أمر سيرفع أسعار السلع مرة أخرى في ظل ارتفاع كبير بالفعل في الأسعار حاليًا.

وتعاني مصر من موجة تضخمية إثر تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وسجل التضخم الأساسي ارتفاعًا في نوفمبر تشرين الثاني نسبته 21.5 في المئة وهو أعلى معدل منذ نوفمبر تشرين 2017.

وتتوقع بنوك استثمار أن يظل معدل التضخم في مصر مرتفعًا خلال الأشهر المقبلة في ظل تراجع سعر صرف الجنيه.

توفير العملة

وكانت الرئاسة المصرية أعلنت مطلع الأسبوع الجاري أن الحكومة أفرجت عما قيمته نحو 5 مليارات دولار من البضائع الموجودة في الموانئ، منذ بداية ديسمبر كانون الأول وحتى يوم الثالث والعشرين من ديسمبر كانون الأول، وأنها بصدد الإفراج عن بضائع بقيمة 9 مليارات دولار.

وقال الشهات إن الإفراج عن بعض البضائع بدأ بالفعل لكن على البنوك تدبير المزيد من العملة للمستوردين ليتمكنوا من استلام بضائعهم المكدسة.

وتعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن تغطي البنوك المصرية المطلوب من الدولار لصالح الاعتمادات المستندية مما يسمح بالإفراج عن البضائع والمنتجات خلال أيام.

وسيكون توفير المبلغ المطلوب تحديًا كبيرًا أمام البنوك التي تعاني من شح الدولار وتفرض قيودًا على بيع العملة الصعبة للمصريين.

وبحسب الخبير الاقتصادي، أحمد شوقي، فإن البنوك المصرية ستبدأ في توفير المطلوب من الدولارات للمستوردين وفقًا للأولويات، وهو ما يعني أن البضائع والسلع ذات الأولوية ستحصل على نصيبها أولًا.

ويضيف أن مصر تعد اقتصادًا متنوعًا، إذ يمكنها تدبير هذه العملة من خلال مواردها من النقد الأجنبي المختلفة مثل قناة السويس أو السياحة أو الصادرات وتحديدًا صادرات الغاز الطبيعي التي قفزت بنسبة كبيرة خلال العام الجاري.

وتشير بيانات وزارة البترول المصرية إلى أن مصر صدرت الغاز الطبيعي بقيمة حوالي 8.4 مليارات دولار العام الجاري مقابل ما قيمته 3.5 مليارات دولار في 2021 بسبب زيادة أسعار الغاز الطبيعي المسال عالميًا.

ويعتقد شوقي أن الحكومة المصرية يمكنها استخدام جزء من الاحتياطي النقدي لتوفير السلع الأساسية والاستراتيجية والإفراج عن البضائع.

ورغم أن احتياطي النقد الأجنبي لمصر سجل زيادة في نوفمبر تشرين الثاني للشهر الثالث على التوالي، إلا أنه لا يزال عند مستوى 33.532 مليار دولار، وهو أقل بكثير مما كان عليه في فبراير شباط الماضي والذي وصل فيه إلى 45.5 مليار دولار، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.

وستأتي خطوة توفير الدولار للعمليات التجارية في وقت تسجل فيه الأصول الأجنبية قيمة بالسالب منذ فترة، إذ بلغ عجز صافي الأصول الأجنبية المصرية في أغسطس آب الماضي سالب 385.8 مليار جنيه أي نحو (19.7 مليار دولار على أساس سعر صرف 19.56 جنيه)، وفقًا لآخر بيانات البنك المركزي المصري.

ويعني هذا أن التزامات القطاع المصرفي أكبر من أصوله بالعملة الأجنبية.

ولا يتوقع الخبير الاقتصادي أن ينتهي نظام الاعتمادات المستندية قريبًا والذي يشترط أن يوفر البنك الدولار للمُستورد ليتمكن من الاستيراد، رغم تعهد الحكومة المصرية لصندوق النقد الدولي بإلغائه نهاية الشهر الجاري.

وتسبب تطبيق النظام بداية من مارس آذار الماضي في أزمة استيراد كبرى إذ لم تتمكن البنوك من توفير الدولار المطلوب لعمليات الاستيراد مع شح كبير في العملة الصعبة بمصر، وارتفاع أسعار السلع.

ويتوقع شوقي أن تنخفض حدة ارتفاع الأسعار مع بدء الإفراج عن البضائع الموجودة في الموانئ.