وقّعت دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية تشيلي اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، في إطار زيارة غابرييل بوريك فونت رئيس جمهورية تشيلي إلى أبوظبي، وهي أول زيارة رسمية إلى دولة الإمارات منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1978.
وشهد مراسم التوقيع يوم الاثنين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات وحاكم إمارة أبوظبي، بعدما اختتم البلدان مؤخراً المفاوضات بنجاح، ويتوقع أن تسهم الاتفاقية في تشجيع التعاون الاقتصادي بينهما وزيادة حجم التجارة والاستثمار.
اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة
تمثل الاتفاقية خطوة مهمة جديدة ضمن برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي تنفذه دولة الإمارات، منذ إطلاقه في سبتمبر أيلول 2021 بهدف المساهمة في زيادة إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية للدولة إلى 4 تريليونات درهم بحلول عام 2031، ومضاعفة التجارة البينية غير النفطية 3 مرات بحلول 2030، وفقاً لوكالة أنباء الإمارات (وام).
وبموجب الاتفاقية، سيعمل الطرفان على إزالة أو تخفيض الرسوم الجمركية على غالبية السلع والخدمات التي تدخل الدولتين، مع تبسيط الإجراءات الجمركية، وتحسين وصول المصدّرين والمستثمرين إلى الأسواق، بالتوازي مع تعميق التعاون بين الدولتين عبر قطاعات عدة، ومنها الطاقة والتجارة الرقمية والتعدين والسياحة والزراعة وإنتاج الغذاء.
كما تهدف الاتفاقية إلى تأسيس مسارات جديدة لتدفق الاستثمارات بين البلدين، وتوفير منصة للقطاع الخاص في الجانبين لبناء الشراكات بين الإمارات وتشيلي.
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في بيان نقلته وام، إن دولة الإمارات حريصة على توسيع شبكة شركائها التجاريين والاستثماريين حول العالم من خلال «برنامج الاتفاقيات الاقتصادية الشاملة» والذي يستهدف تحفيز التنوع والنمو المستدام للاقتصاد الوطني على المدى الطويل.
وأضاف أن الاتفاقية تسهم في دعم النمو الاقتصادي المتبادل عبر توفير فرص التوسع لمجتمعي الأعمال والقطاع الخاص في الجانبين، إضافة إلى إيجاد ممر تجاري واستثماري حيوي مع قارة أمريكا الجنوبية ذات الإمكانات الاقتصادية الواعدة.
من جانبه، رحّب الرئيس بوريك بهذه الخطوة وقال إنها خطوة نوعية في مسار علاقاتهما وستسهم في تنمية آفاق تجارتهما وتنويع مصادر استثماراتهما خاصة في مجالات الاستدامة.
العلاقات الاقتصادية الإماراتية التشيلية
تجمع البلدين علاقات ثنائية وطيدة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، إذ شهدت العلاقات بين الإمارات و تشيلي في شقها الاقتصادي نمواً مستمراً خلال السنوات الماضية، تضمن توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية لتعزيز وتقوية التبادل التجاري الذي بلغ عام 2020 نحو 281 مليون دولار.
وتمتلك تشيلي اقتصاداً ناشئاً مستمراً في النمو، كما تعدّ رابع أكبر اقتصاد في أميركا الجنوبية، وأكبر منتجة للنحاس حول العالم، وثاني أكبر منتجة لليثيوم، كما تزخر بالموارد الزراعية والثروة السمكية والغابات.
وبلغ حجم التجارة غير النفطية لدولة الإمارات مع تشيلي 305.1 مليون دولار عام 2023، ما يمثل نمواً ضخماً بنسبة 23.6 في المئة منذ عام 2019، بحسب (وام).
وحسب المصادر الرسمية تتركز أهم المنتجات التي تصدّرها جمهورية تشيلي إلى الإمارات في نترات البوتاسيوم، والصوديوم، والأخشاب، وعدد من المنتجات الغذائية، بينما تصدر دولة الإمارات إلى تشيلي، الهواتف، والأجهزة المحمولة، والمنتجات الإلكترونية، وبعض المواد الصناعية.
وفي ما يخص الجانب الاستثماري للبلدين فلديهما استثمارات مهمة متبادلة تتنامى بشكل مستمر، كما توجد استثمارات إماراتية ممثلة في جهاز أبوظبي للاستثمار وموانئ دبي العالمية في جمهورية تشيلي.
وتأتي زيارة الرئيس التشيلي إلى الإمارات لتعزيز هذه العلاقة الاقتصادية، إذ تبرز قطاعات الأمن الغذائي، والتكنولوجيا، والاستثمار، والفضاء، كأبرز القطاعات التي يتوقع التركيز عليها في الشراكة بين البلدين الصديقين.
عقود من العلاقات الدبلوماسية
يعود تأسيس العلاقات الدبلوماسية الإماراتية التشيلية إلى عام 1978، ثم افتتحت تشيلي مكتباً تجارياً لها في دبي عام 2006، بينما افتتحت سفارتها في أبوظبي في أبريل 2009، وفي يونيو 2011 افتتحت الإمارات سفارتها في سانتياغو.
ونظمت سفارة الدولة في سانتياغو عدة ندوات في جامعات ومؤسسات وطنية مختلفة في تشيلي، بهدف إبراز الدور الريادي للإمارات في مختلف المجالات، لا سيما في مجال التسامح وهو أحد المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها المجتمع الإماراتي حيث يتعايش أكثر من 200 جنسية بسلام واحترام، بحسب وزارة الخارجية الإماراتية.
كما تعاونت سفارة الإمارات مع البرلمان التشيلي وعدد من البلديات لتنظيم فعاليات إنسانية وثقافية تهدف لدعم وتسليط الضوء على العديد من المجالات ذات الأهمية العالية لكلا البلدين، مثل تمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع، ودعم الفنانين المحليين وتعزيز مشاركتهم في المعارض الدولية بالإمارات، ودعم مؤسسات الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة عن طريق التبرعات والفعاليات الثقافية.
ومن شأن هذه الزيارة أن تنقل العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى جديد من التعاون وتعزيز الجهود المشتركة لمواجهة التحديات العالمية لبناء مستقبل أفضل وأكثر مرونة، وطموح مشترك تجاه القضايا العالمية الرئيسية مثل العمل المناخي والاستدامة، بما يترجم التزامات البلدين إلى مشاريع ومبادرات تخدم هذه الملفات.