ارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر تشرين الأول 2021، ولكنْ هناك قطاعٌ مثَّل استثناءً واضحاً، الوظائف به متاحة في جميع أنحاء البلاد، والأجور والمزايا تتزايد، والقطاع الخاص يتوسع، ليصبح أكبر قطاع مُوظف للعمالة.
هذا القطاع هو قطاع الرعاية الصحية، فمنذ بداية عام 2024 أضاف القطاع 59 ألف وظيفة شهرياً في المتوسط، وفقاً لبيانات وزارة العمل الصادرة في أوائل أغسطس آب، ليتجاوز أي قطاع اقتصادي في الولايات المتحدة.
لا يزال الطلب على العاملين في مجال الرعاية الصحية في أَوُجِّه، ووفقاً لبيانات حكومية حديثة بشأن الوظائف الشاغرة سجلت صناعة الرعاية الصحية والمساعدة الاجتماعية في يونيو حزيران أعلى معدل نمو لفرص العمل بين كل القطاعات، بنسبة 7.6 في المئة، وهو معدل أعلى بكثير من معدل النمو الإجمالي في سوق العمل، 5.5 في المئة في الشهر نفسه.
وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في زيب ريكرياتور، جوليا بولاك «الرعاية الصحية هي محرك رئيسي للنمو، الطلب على العاملين بالقطاع أمر لا يصدق»، وقد تمت ترجمة الطلب في هذا القطاع إلى رواتب أكبر.
في الربع الثاني من العام استفاد الموظفون في صناعة الرعاية الصحية والمساعدة الاجتماعية من نمو أجورهم بنسبة 4.5 في المئة، وهي نسبة نمو أقوى من متوسط مكاسب العاملين بالقطاع الخاص، والذي بلغ 4 في المئة خلال الفترة نفسها، وفقاً لأحدث البيانات من مؤشر تكلفة التوظيف.
من جانبه، قال نائب رئيس الموارد البشرية لدى يو سي هيلث -مؤسسة صحية غير هادفة للربح-، ديفيد مافي لشبكة CNN «السكان يتقدمون في العمر وما زلنا نتعافى من بعض تبعات جائحة كوفيد- 19، التي فرضت ضغطاً كبيراً على الكثير من مواردنا، لقد مرت الرعاية الصحية بتحديات شديدة في ما يخص سد الحاجة إلى موظفين جدد».
ووفق النظريات الاقتصادية فإن قطاع خدمات الرعاية الصحية هو قطاع مقاوم للركود وتباطؤ الدورة الاقتصادية، فالناس سيظلون بحاجة إلى جراحات الركبة، والولادة القيصرية، والعلاج الكيميائي، أو أي خدمة طبية ضرورية أخرى، بغض النظر عن الأوضاع الاقتصادية.
منافسة شرسة للفوز بالعاملين
أصبحت المنافسة على الحصول على خدمات العاملين المؤهلين شرسة للغاية في مجال الرعاية الصحية، ويتبارى أصحاب العمل في بذل قصارى جهدهم لتوظيف الخبرات والداخلين الجدد إلى القطاع.
يقول ديفيد مافي، إن يو سي هيلث (التي توظف 33 ألف شخص) لديها عادةً 2700 وظيفة شاغرة «طول الوقت»، وأضاف أنه من الصعب دائماً توظيف أخصائيي الجهاز التنفسي والكفاءات الماهرة المتعلقة بالأشعة، «لهذا كان علينا أن نكون أكثر حماساً لزيادة الرواتب على مدى العام ونصف العام الماضيين مقارنة بما قبل ذلك، بالإضافة إلى تقديم مزايا لموظفينا وذويهم».
ويتمتع موظفو يوسي هيلث بتمويل كامل لتكاليف الدراسة لهم ولذويهم للحصول على درجات تعليمية محددة، ومنها الدرجات الجامعية والشهادات الطبية.
وقال المسؤول عن سلوك العاملين وتعظيم الانتماء بشركة نوفانت هيلث، سيباستيان جيرارد، لشبكة CNN إن شركته التي تضم نحو 40 ألف موظف قامت بحملة توظيف ضخمة، وقدمت مكافآت للتسجيل للوظائف، كما قامت بتعديل منظومة القبول لتسريع التوظيف، ما أسفر عن تقليل الوقت اللازم لشغل الوظائف بنسبة 91 في المئة، وتستغرق الشركة الآن 10 أيام فقط لتوظيف ممرضة بنجاح، مضيفاً «كل ممرضة أو فني رعاية صحية في البلاد لديهم وظيفة مضمونة، نحن نوظف من جميع أنحاء البلاد».
لذا يشهد الاقتصاد الأميركي تحولاً مستمراً من العاملين بقطاعات أخرى إلى قطاع الرعاية الصحية، ويستغرق الحصول على شهادة «فني سحب الدم» أقل من عام، بينما يستغرق الحصول على شهادة «ممرضة مُعتمدة» ما بين عامين وأربعة أعوام، وأثناء الدراسة تقدم عروض للطلاب للعمل قبل تخرجهم.