أخيراً حصل خبراء الاقتصاد على شيء كانوا ينتظرونه لمدة ثلاث سنوات، تقرير تضخم ممل للغاية.

كتب كريس أنستي، كبير محرري بلومبيرغ «بصراحة، ربما يكون هذا هو مؤشر أسعار المستهلك الأكثر مللاً منذ فترة طويلة، وهذا بالطبع ما يريده بنك الاحتياطي الفيدرالي»، وكتب كريس زاكاريلي، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة تحالف المستشارين المستقلين، أن هذا أكثر تقرير يمكن وصفة «لا أخبار هي أخبار جيدة»، وتنوع وصف باقي المحللين بين «مُروض» أو «مُدار» أو «حميد».

ويتفق الخبراء أن مؤشر التضخم يبدو أخيراً مُعتدلاً وصحياً للاقتصاد، وليس منخفضاً بشكل مشوه كما حدث بسبب الوباء، ما يستلزم تقدير جهود رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول.

وانخفض مؤشر التضخم السنوي إلى 2.9 في المئة، لأول مرة منذ عام 2021، بعد أن بلغ أكثر من 9 في المئة منذ عامين، عندما مرت الولايات المتحدة بأعلى موجة تضخم منذ أربعين عاماً.

والأهم أن خفض التضخم حدث دون التسبب في ركود، ما يُطلق عليه الهبوط الناعم، وهو أمر غير مسبوق تقريباً.

لماذا لا يحتفل الأميركيون؟

مع اعتدال أسعار السلع الضرورية مثل الغذاء والوقود وتكاليف الانتقال والسفر، ما زال الإحساس بارتفاع الأسعار يخنق المواطن الأميركي، لأن أسعار بعض السلع والخدمات، التي يصعب الاستغناء عنها، لا تزال ترتفع، خاصة الإسكان، الذي تسبب وحده في 90 في المئة من الزيادة الشهرية في مؤشر أسعار المستهلك.

وتعتبر تكاليف السكن مثل الإيجار والخدمات المتعلقة بالسكن هي المكون الرئيسي لسلة المستهلك الأميركي، وأكبر عائق أمام انخفاض التضخم، ولكن الخبر السار، كما تشير أليشيا والاس، من سي إن إن، أن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن تزول هذه العقبة.

قد بلغت أسعار الرهن العقاري الأسبوع الماضي أدنى مستوياتها في أكثر من عام، بمتوسط ​​6.47 في المئة للقرض القياسي لمدة 30 عاماً، بانخفاض من 7.22 في المئة في مايو أيار، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه مع ارتفاع المعروض من المساكن غير المبيعة، وتباطؤ التضخم، وخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة (وهي العملية التي من المُرجح أنها ستبدأ الشهر المقبل).

وهناك أسباب أخرى لآلام الأميركيين مثل تكاليف تأمين السيارات ورعاية الأطفال.

بين عامي 2021 و2024 ارتفعت فواتير التأمين على السيارات بنسبة 50 في المئة، حتى مع انخفاض أسعار السيارات نفسها، كما ارتفعت تكاليف رعاية الأطفال إلى حد كبير بما يتماشى مع التضخم الإجمالي، ولكن كما أشارت صحيفة وول ستريت هذا الأسبوع، فإن هذه الفواتير لها وزن كبير في سلة المستهلك، تقريباً الوزن النسبي نفسه لتكلفة الإيجار، لذلك حتى الزيادة الصغيرة يمكن أن تشعر وكأنها ضربة كبيرة للميزانية.

ووفقاً للصحيفة كانت التكلفة المُعتادة لرعاية طفل رضيع في حضانة أطفال عام 2022 نحو 1400 دولار شهرياً في المناطق الحضرية الكبرى، ومع زيادة بنسبة 6.4 في المئة ارتفعت قيمة الفاتورة نفسها إلى قرب 1500 دولار.

وبينما يمكن للناس تقليل مرات تناول الطعام في الخارج أو السفر، فإن هذه النفقات الشهرية المُتضخمة لا يمكن تجنبها، لذلك من الصعب الاحتفال بقتل تنين التضخم، ولكن لا بد على الأقل تقدير النجاة من السيناريو الأسوأ، الذي تكرر كثيراً في أغلب التاريخ الاقتصادي، عندما عانى المواطن والاقتصاد من أجور لا تواكب زيادة الأسعار وسوق عمل ضعيفة.