تعيش لبنان فصلاً جديداً من الأزمة السياسية والمالية مع توقيف رياض سلامة، الحاكم السابق لمصرف لبنان، بتهم تتعلق بالجرائم المالية.. ويأتي هذا التطور وسط تحقيقات دولية ومحلية تجري حول ممارسات مالية مشبوهة ارتكبها سلامة خلال فترة حكمه الطويلة.
رياض سلامة، الذي ظل في موقعه لثلاثة عقود، كان يُعتبر أحد أبرز الشخصيات المالية في البلاد، لكنه الآن أصبح محوراً لفضيحة مالية تهز الثقة في النظام المصرفي اللبناني، وتعكس هذه القضية عمق الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان وتفتح فصلاً جديداً في التحقيقات حول الفساد المالي في المنطقة.
وأفادت ثلاثة مصادر قضائية في لبنان لوكالة رويترز، يوم الثلاثاء، بأن رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان المركزي السابق، تم إلقاء القبض عليه اليوم الثلاثاء في بيروت بتهم تتعلق بارتكاب جرائم مالية مرتبطة بشركة وساطة.
يُعد هذا الاعتقال الأول من نوعه لسلامة بعد سنوات من الشبهات التي طالته.
تولى سلامة، البالغ من العمر 73 عاماً، منصب حاكم مصرف لبنان المركزي لمدة 30 عاماً، ولكن شهوره الأخيرة كانت مليئة بالاتهامات حول ارتكابه لجرائم مالية، من بينها الإثراء غير المشروع من خلال استغلال الأموال العامة، وفقاً لما ورد من السلطات اللبنانية وعدة دول أخرى.
الاتهامات الموجهة إلى سلامة
وفقاً لمصدر قضائي تحدث لرويترز، فإن السلطات ألقت القبض على سلامة بتهم تتعلق بغسل الأموال والاحتيال والاختلاس المرتبطة بشركة «أوبتيموم إنفست» بين عامي 2015 و2018، وهي شركة لبنانية تقدم خدمات الوساطة المالية.
لم تتمكن رويترز من الحصول على تعليق من سلامة أو محاميه حتى الآن، وكان سلامة قد نفى في السابق أي اتهامات تتعلق بجرائم مالية.
وتختلف التهم الموجهة إليه اليوم عن تلك المتعلقة بشركة «فوري أسوشيتس»، التي يسيطر عليها شقيقه، رجاء سلامة، حيث اتهم الأخوان باستخدام الشركة لتحويل 330 مليون دولار من الأموال العامة من خلال العمولات.
ورغم أن سلامة يواجه اتهامات في لبنان ومذكرات اعتقال من فرنسا وألمانيا، فإنه لم يُعتقل من قبل.
وصرح مصدر قضائي آخر بأنه سيتم احتجاز سلامة لمدة أربعة أيام كجزء من «الاعتقال الاحترازي» قبل تحويل قضيته إلى المدعي العام في بيروت.
ووفقاً للمصدر نفسه، فإن عملية الاعتقال تمت في قصر العدل ببيروت بعد جلسة استماع حول تعاملات المصرف المركزي مع شركة «أوبتيموم إنفست».
من جهتها، ذكرت الرئيسة التنفيذية لشركة «أوبتيموم إنفست»، رين عبود، أنها لم تتلقَ أي استدعاء للجلسة اليوم الثلاثاء، وأشارت إلى أنها علمت بتوقيف سلامة عبر وسائل الإعلام.
وأشارت عبود إلى بيان على موقع الشركة يفيد بأن تدقيقاً مالياً أجري في أواخر عام 2023 لم يكشف عن أي دليل على مخالفات في تعاملات الشركة مع مصرف لبنان المركزي.
وفي تعليقه على القضية، قال وزير العدل اللبناني هنري خوري لرويترز إنه لا يملك تفاصيل دقيقة عن الملف، مؤكداً أن النائب العام قام بواجبه واستجوب سلامة، فيما أكد رئيس الوزراء المؤقت نجيب ميقاتي أن الحكومة لن تتدخل في القضية.
جدير بالذكر أن رياض سلامة كان يُنظر إليه في السابق كرمز للاستقرار المالي بعد الحرب الأهلية اللبنانية، لكن سقوطه الآن يعكس التدهور الحاد في النظام المالي اللبناني الذي انهار خلال السنوات الخمس الماضية تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة.