تشهد إسرائيل تداعيات اقتصادية خطيرة نتيجة الحرب المستمرة مع حركة حماس في قطاع غزة، والتي اقتربت من دخول عامها الثاني، إذ أدى الصراع إلى تباطؤ ملحوظ في النشاطات الاقتصادية وارتفاع نسبة الفقر في البلاد.
قبل اندلاع الحرب، كان الاقتصاد الإسرائيلي يعاني بالفعل من تأثيرات الاحتجاجات الشعبية ضد الإصلاحات القضائية التي اقترحتها حكومة بنيامين نتانياهو، ومع الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، تلقى الاقتصاد الإسرائيلي ضربة قاسية، واستمر الصراع دون أفق واضح للحل.
الخبير الاقتصادي جاك بنديلاك يوضح أن «الاقتصاد الإسرائيلي قوي، لكنه يجد صعوبة في تحمل عبء هذه الحرب الطويلة»، محذراً من خطر انزلاق الاقتصاد إلى ركود إذا استمرت المعارك، وبعدما انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 21% في الربع الأخير من 2023، شهد بداية عام 2024 بعض الانتعاش، حيث زاد الناتج بنسبة 14% في الأشهر الثلاثة الأولى، ومع ذلك انخفض النمو إلى 0.7% في الربع الثاني، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.
علاوة على ذلك، خفضت وكالات التصنيف الائتماني الكبرى تقييم ديون إسرائيل، حيث توقعت وكالة فيتش في أغسطس أن تستمر الحرب حتى عام 2025، كما حذَّرت الوكالة من احتمالية توسع الصراع ليشمل جبهات أخرى، حيث قامت إسرائيل بتكثيف غاراتها الجوية في لبنان مؤخراً.
وفي الوقت الذي لا يزال فيه تصنيف الديون الإسرائيلية مرتفعاً، انتقد المسؤولون الإسرائيليون وكالات التصنيف، مؤكدين أن الاقتصاد «مستقر وقوي» وسيتعافى بمجرد انتهاء الحرب.
مشاريع متوقفة
يعتمد الاقتصاد الإسرائيلي على دافعين رئيسيين للنمو، هما قطاع التكنولوجيا الذي يعتبر محصناً نسبياً من آثار الحرب، وصناعة الأسلحة التي تنمو خلال الأزمات، لكن القطاعات الأخرى، مثل السياحة والزراعة والبناء، تعاني من تباطؤ شديد، وفقاً لبنديلاك، الذي يشير إلى أن هذه القطاعات تتدهور واحدة تلو الأخرى.
تم تعليق إصدار تراخيص العمل للفلسطينيين منذ الهجوم في أكتوبر، ما أدى إلى نقص في اليد العاملة في إسرائيل، وقبل الحرب، كانت السلطات تصدر نحو 100,000 ترخيص، ما أسهم في دعم القطاعات الاقتصادية، لكن الآن استثني فقط 8,000 عامل فلسطيني للعمل في مصانع حيوية.
في تل أبيب، توقفت مشاريع البناء الكبرى، في حين تراجعت السياحة بشكل حاد، حيث زار البلاد 500,000 سائح بين يناير ويوليو، وهو ربع عدد الزوار في الفترة ذاتها من العام السابق، المرشد السياحي هيليك والد، الذي فقد مصدر دخله، قال: «آمل أن تنتهي الحرب قريباً».
تعافٍ بطيء
أفاد الخبير بنديلاك بأن الاستهلاك المتزايد للائتمان في العقدين الماضيين أدى إلى تعثر العديد من العائلات في سداد ديونها، ويرى أن ارتفاع كلفة المعيشة وتباطؤ الاقتصاد سيؤديان إلى زيادة الفقر بشكل حتمي.
تشير منظمات إنسانية في إسرائيل إلى زيادة الطلب على خدماتها، حيث تم توزيع مساعدات غذائية لأكثر من 200,000 عائلة منذ بداية الحرب.
إيلي كوهين، مؤسس منظمة «بيتشون ليف»، أكد أن «الناس الذين كانوا متبرعين سابقين أصبحوا الآن مستفيدين».
وفيما يتعلق بآفاق التعافي، يتوقع بنديلاك أنه في حال انتهاء الحرب، سيكون هناك انتعاش اقتصادي قوي، لكن طول فترة النزاع سيؤدي إلى صعوبة أكبر في العودة إلى المسار الطبيعي للنمو.