أظهرت دراسة استقصائية حديثة أجرتها جامعة ميشيغان للمستهلكين أن توقعات التضخم في الولايات المتحدة للعام المقبل انخفضت للشهر الرابع على التوالي لتصل إلى 2.7% في أغسطس آب 2024، وهو أدنى مستوى مسجل منذ ديسمبر كانون الأول 2020، يأتي هذا التراجع ليطابق التقديرات الأولية، ويعد انخفاضاً طفيفاً من 2.8% المسجلة في الشهر السابق.

توقعات التضخم على المدى الطويل

تعد هذه البيانات مؤشراً على استمرار الاعتدال في ضغوط الأسعار على المدى القصير، وهو ما يعكس توقعات المستهلكين بزيادة استقرار الأسعار خلال العام المقبل. التحسن في هذه التوقعات يعكس عوامل عدة، منها تراجع تكاليف الطاقة وتحسن سلاسل التوريد العالمية بعد تأثيرات جائحة كورونا، بالإضافة إلى تحركات البنك الفيدرالي الأميركي للحد من التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة.

ورغم التحسن في التوقعات قصيرة الأجل، فإن الدراسة أشارت أيضاً إلى ارتفاع طفيف في التوقعات طويلة الأجل للتضخم، حيث تأكدت التوقعات على مدى خمس سنوات عند 3.1% في أغسطس آب، وهو أعلى مستوى لها خلال عام تقريباً، بعد أن كانت عند 3% في الشهر السابق، يعكس هذا الارتفاع في التوقعات طويلة الأجل قلق المستهلكين من احتمالية استمرار بعض الضغوط التضخمية على المدى البعيد، على الرغم من تراجعها الحالي.

التوازن بين التضخم والتوقعات النقدية

هذا التباين بين التوقعات قصيرة وطويلة الأجل يشير إلى مزيج من التفاؤل الحذر بشأن استقرار التضخم على المدى القريب، مع استمرار الحذر إزاء المستقبل الأبعد، في ظل ذلك، يواصل البنك الاحتياطي الفيدرالي مراقبة هذه التوقعات عن كثب، حيث يعتبر تراجع توقعات التضخم عنصراً مهماً في تقليل احتمالية اتخاذ مزيد من التدابير التشددية لرفع الفائدة.

إجراءات البنك المركزي الأخيرة والتي استهدفت كبح جماح التضخم قد أسهمت في استقرار الأوضاع المالية، ما أدى إلى انخفاض توقعات التضخم، ولكن التوقعات طويلة الأجل ما زالت تعكس مخاوف مستمرة من بعض المتغيرات الاقتصادية التي قد تؤثر على استقرار الأسعار في المستقبل.

الآفاق المستقبلية للاقتصاد الأميركي

في المجمل، فإن البيانات الجديدة تقدم دليلاً على تحسن استقرار الأسعار في الولايات المتحدة على المدى القصير، مع استمرار التحديات على المدى الطويل، يبقى السؤال الرئيسي الآن هو مدى قدرة صناع السياسة الاقتصادية على الحفاظ على هذا التوازن بين السيطرة على التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي.

التوقعات بأن التضخم قد يظل متوازناً خلال الأشهر المقبلة تمنح السوق مزيداً من الاستقرار وتتيح للمستهلكين والشركات مساحة لتخطيط مستقبلهم المالي بثقة أكبر.