في إنجاز جديد يعكس تطور قطاع التعدين في السلطنة، أعلنت شركة تنمية معادن عُمان عن خطوتين استراتيجيتين تعيدان تشكيل القطاع؛ الأولى هي إطلاق مشروع ملح النقا في محافظة الوسطى، والثانية تصدير أول شحنة من مركزات النحاس من منجم الأسيل بولاية صُحار، وهو ما يمثل عودة قوية لعُمان إلى خارطة النحاس العالمية بعد توقف دام لنحو 30 عاماً.

مشروع ملح النقا.. خطوة نحو تنويع الاقتصاد

في مقابلة معCNN الاقتصادية، صرح المهندس مطر بن سالم البادي، الرئيس التنفيذي لشركة تنمية معادن عُمان، أن الملح الصناعي يشكل “أحد الاستثمارات الأساسية” لشركته، مشيراً إلى دوره الحيوي في الصناعات التحويلية مثل الصودا الكاوية، كربونات الصوديوم، وكلوريد البوليفينيل. وأضاف أن المشروع يمثل فرصة كبيرة لجذب الصناعات التحويلية وتعزيز التنويع الاقتصادي في السلطنة.

مشروع ملح النقا، الذي تم إطلاقه مؤخراً في ولاية محوت، يهدف إلى إنتاج 400 ألف طن متري من الملح الصناعي سنوياً في مرحلته الأولى، مع التوسع إلى مليوني طن سنوياً لاحقاً، يعتمد المشروع على أنظمة تكرير متطورة وتقنيات تبخير طبيعية تقلل التأثير البيئي وتدعم الاستدامة.

إعادة إحياء تعدين النحاس.. منجم الأسيل نموذجاً

على الجانب الآخر، يمثل تصدير أول شحنة من مركزات النحاس من منجم الأسيل في ولاية صُحار لحظة محورية في تاريخ التعدين العُماني، المنجم الذي يقع في منطقة الامتياز 11B ويتم تشغيله من قبل شركة عُمان للتعدين المملوكة لشركة تنمية معادن عُمان، يُنتج مركزات نحاس بجودة عالية ونسب تركيز تصل إلى 22%.

وأشار المهندس البادي إلى أهمية هذا الإنجاز قائلاً: “تصدير أول شحنة من منجم الأسيل يعكس قدرتنا على تحويل التحديات إلى فرص ملموسة للنمو، كما نحتفل باستمرار تاريخ تعدين النحاس الذي يمتد لآلاف السنين في عُمان”.

كما أوضح أن الشركة تخطط لبدء العمليات في منجم البيضاء بولاية لوى بين عامي 2025 و2026، ضمن خطة متكاملة تشمل تطوير احتياطيات تقدر بـ2.78 مليون طن من خام النحاس، ما يعزز الاستدامة الاقتصادية للمشروع.

تعزيز مكانة عُمان في الأسواق العالمية

مع الطلب المتزايد عالمياً على النحاس، الذي يلعب دوراً حيوياً في التحول نحو الطاقة النظيفة وتقنيات المستقبل، تسعى سلطنة عُمان لتأمين مكانتها كمصدر استراتيجي لمركزات النحاس، ويمثل مشروع مزون للنحاس، الأكبر من نوعه في السلطنة، خطوة طموحة أخرى ضمن هذه الاستراتيجية.

أما على مستوى الملح الصناعي، فإن مشروع ملح النقا يستهدف سد الفجوة في الطلب العالمي المتوقع أن يصل إلى 372 مليون طن بحلول 2027، ما يجعل السلطنة مركزاً إقليمياً للصناعات التحويلية القائمة على الملح.

التزام بالنمو المستدام

سواء في الملح الصناعي أو النحاس، تركز شركة تنمية معادن عُمان على الاستدامة والابتكار كقيم أساسية في مشاريعها، فإلى جانب تقنيات الإنتاج الصديقة للبيئة، تسهم هذه المشاريع في تعزيز القيمة المحلية المضافة (ICV)، من خلال توفير فرص عمل للعُمانيين ودعم الصناعات المحلية.

إنجازات مثل مشروع ملح النقا وتصدير النحاس من منجم الأسيل تمثل بداية فصل جديد في قصة التعدين العُمانية، حيث تواصل السلطنة الاستثمار في مواردها الطبيعية لتحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني.