في خطوة تعكس تطور العلاقات الاقتصادية بين آسيا ودول الخليج، وقّعت ماليزيا والإمارات العربية المتحدة اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA)، وهي الأولى من نوعها التي تربط ماليزيا بدولة من دول مجلس التعاون الخليجي، وصرح تنكو ظفرول عزيز، وزير التجارة والاستثمار والصناعة الماليزي، في مقابلة مع CNN الاقتصادية، بأن هذه الاتفاقية ليست مجرد اتفاقية تجارة حرة بل «شراكة شاملة تهدف إلى تحقيق الاستدامة والتحول الرقمي، مع تقديم فصل اقتصادي إسلامي هو الأول من نوعه عالمياً»، وتُعَد هذه الاتفاقية جزءاً من مبادرة الإمارات الاستراتيجية لتوسيع شبكة اتفاقياتها الاقتصادية، التي شملت منذ 2021 توقيع 25 اتفاقية تغطي نحو 2.5 مليار شخص، ما يعزز التجارة غير النفطية ويجذب الاستثمارات الأجنبية.

الاتفاقية الأولى مع دولة خليجية

تشكل اتفاقية CEPA مع ماليزيا علامة فارقة، حيث تُعَد الأولى من نوعها بين ماليزيا ودولة من دول مجلس التعاون الخليجي، وصرح تنكو ظفرول عزيز في مقابلة مع CNN الاقتصادية، وزير التجارة والاستثمار والصناعة في ماليزيا، أن الاتفاقية تتجاوز كونها اتفاقية تجارة حرة عادية، وأوضح أن الاتفاقية تتضمن «فصلاً اقتصادياً إسلامياً»، الأول من نوعه على الإطلاق، يعالج قضايا الحلال والحوكمة الإسلامية، ما يعكس التزام البلدين بتعزيز التعاون في القطاعات ذات الطابع الإسلامي.

تخفيض التعريفات الجمركية وتحفيز التجارة

من المقرر أن تؤدي الاتفاقية إلى تخفيض تدريجي في التعريفات الجمركية على الصناعات والقطاعات المختلفة، ما يسهم في زيادة تدفقات التجارة بين البلدين، وأشار الوزير الماليزي إلى أن التجارة والاستثمار بين الإمارات وماليزيا شهدت نمواً مطرداً خلال السنوات الأخيرة، مع ارتفاع أرقام التجارة بنسبة 8% خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الحالي، كما تضاعفت التجارة بين ماليزيا ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام خلال السنوات الخمس الماضية.

الإمارات كبوابة للأسواق الإقليمية والعالمية

يرى الجانب الماليزي في الإمارات ليس فقط شريكاً تجارياً، ولكن أيضاً بوابة رئيسية إلى الأسواق الإقليمية والإفريقية، وأكد الوزير الماليزي أن دبي وأبوظبي تعتبران منصتين استراتيجيتين للشركات الماليزية الراغبة في توسيع أعمالها إلى أسواق دول مجلس التعاون الخليجي وإفريقيا.

كما لفت الوزير إلى أهمية الاستثمارات الإماراتية في ماليزيا، حيث زادت صناديق مثل صندوق أبوظبي للاستثمار (ADIA) استثماراتها في ماليزيا خلال العام الماضي، وأبدت شركة «مصدر» اهتماماً كبيراً بتطوير مشاريع الطاقة المتجددة، بينما عززت شركة «مبادلة» وجودها في قطاعات النفط والغاز الماليزية.

نمو الاستثمارات الثنائية

شهدت الاستثمارات المتبادلة بين البلدين نمواً ملحوظاً، مع مشاركة شركات مثل «بتروناس» الماليزية في الإمارات، ومساهمة شركات إماراتية في مشاريع البنية التحتية والخدمات في ماليزيا، وأعرب الوزير الماليزي عن ثقته بأن اتفاقية CEPA ستسهم في فتح المزيد من الفرص للشركات من الجانبين لدخول أسواق جديدة، ما يعزز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين.

رؤية طويلة الأمد لتعزيز التعاون

على الرغم من الإنجازات المحققة، أكد الوزير الماليزي أهمية وضع أهداف طموحة لتعزيز التجارة الثنائية، مشيراً إلى خطط لمضاعفة أرقام التجارة الحالية في المستقبل القريب، وأشار إلى أن الجدول الزمني لتحقيق هذا الهدف لا يزال قيد المناقشة، لكنه شدد على ضرورة تحقيق نتائج قابلة للقياس لضمان نجاح الاتفاقية.

اتفاقيات CEPA: استراتيجية الإمارات للتوسع الاقتصادي

تشكل اتفاقية CEPA مع ماليزيا جزءاً من شبكة أوسع تضم 25 اتفاقية أبرمتها الإمارات منذ عام 2021، ما يعكس طموح الإمارات في تنويع اقتصادها وزيادة انفتاحها على الأسواق العالمية، وتمثل هذه الاتفاقيات استراتيجية رئيسية لدفع النمو الاقتصادي وتعزيز التجارة غير النفطية، حيث تغطي ما يقارب ربع سكان العالم.