نجحت تعاونية فرنسية صغيرة في افتتاح مصنع قرب مدينة تولوز، جنوب غرب فرنسا، يهدف إلى غسل العبوات الزجاجية وإعادة استخدامها بدلاً من إعادة تدويرها. وتوفّر هذه الخطوة المبتكرة والصديقة للبيئة استهلاكاً أقل للطاقة، وتسهم بشكلٍ كبير في تقليل الانبعاثات الكربونية مقارنة بإعادة التدوير التقليدية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
تقليل الانبعاثات 80%
وسط ضجيج آلات الغسل الكبيرة التي جُلبت من إيطاليا، توضّح جودي مارتان، المديرة التنفيذية لتعاونية «كونساين أب»، أنه «بدل تكسير الزجاجات وإذابتها في أفران تستهلك كميات هائلة من الطاقة، نقوم بغسلها وإعادة استخدامها، ما يسهم في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 80 في المئة».
ويعمل في التعاونية خمسة موظفين، بينهم أربع نساء دون سن الثلاثين، داخل المستودع البارد في «بورتيه سور غارون»، إذ يرتدون خوذات واقية من الضجيج في أثناء متابعة العملية الإنتاجية بين الآلات والأحزمة المتحركة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وتعتمد المبادرة على استعادة الزجاجات المستخدمة من المتاجر الشريكة، إذ يحصل المستهلكون على 30 سنتاً لكل زجاجة مسترجعة، وهو نظام كان شائعاً في فرنسا قبل أن يتلاشى في الثمانينات.
وتقوم العاملات بدفع الصناديق الممتلئة بالزجاجات المتسخة، التي تُدخل يدوياً إلى آلة غسيل ضخمة بطول 6.5 أمتار وارتفاع 2.5 متر.
وتوضّح المديرة الفنية للتعاونية، شارلوت رابينوفيتش، أن «الزجاجات تُنقع في مياه بدرجة حرارة 80 مئوية، ثم تخضع لعملية تطهير وشطف ثلاث مرات، قبل أن يتم تجفيفها آلياً».
إعادة الاستخدام حتى 30 مرة
بعد الغسل والتجفيف، يخضع كل زجاج للتدقيق اليدوي أمام لوحة مضاءة لضمان نظافته وخلوّه من أي بقايا أو ملصقات، وبعد ذلك تُعبأ الزجاجات المغسولة وتُغلف بالبلاستيك قبل أن تختمها المهندسة الزراعية رابينوفيتش.
وتتيح هذه العملية إعادة استخدام العبوة حتى 30 مرة، وهو ما يُعدُّ خياراً بيئياً أكثر استدامة، حيث يتطلب تصنيع الزجاجات الجديدة من الزجاج المُعاد تدويره درجات حرارة تتجاوز 1000 درجة مئوية لعدة ساعات، بالإضافة إلى الحاجة إلى مواد خام جديدة.
دراسات تؤكد الفوائد البيئية
أظهرت دراسات أجرتها الوكالة الفرنسية للتحول البيئي (Ademe)، ومنها دراسة تعود إلى عام 2023، الفوائد البيئية لإعادة استخدام الزجاجات مقارنة بإعادة تدويرها.
كما أشارت دراسة أُجريت عام 2009 في منطقة الألزاس إلى أن إعادة الاستخدام توفّر 76 في المئة من الطاقة وتقلل انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 79 في المئة.
عقبات أمام التوسع والدعم المطلوب
رغم المزايا البيئية، تؤكد جودي مارتان أن إعادة التدوير لا تزال تحظى بدعم أكبر من إعادة الاستخدام، وتسعى التعاونية إلى زيادة نشاطها سريعاً لتحقيق الاستدامة المالية، مع خطط لغسل 500 ألف زجاجة في عام 2025، على أن تتجاوز مليون زجاجة عام 2026.
وتشير مارتان إلى أن بعض المنظمات البيئية، مثل «سيتيو»، التي تنظّم عمليات معالجة النفايات، بدأت تقديم الدعم، لكنها تؤكد أن «التعاونية بحاجة إلى تعزيز هذا الدعم»، وتخصص «سيتيو» منذ عام 2023، 5% من مساهماتها السنوية لتطوير إعادة استخدام الزجاجات.
وفي هذا السياق، توضّح فيرونيك ماتوفون، المسؤولة عن الاقتصاد في منظمة أديم أوكسيتاني، أن إعادة استخدام التغليف في فرنسا لا تزال في مرحلة النمو، قائلة «نحن على مسار تصاعدي، لكننا لم نصل بعد إلى مستوى الأهداف المطلوبة، لا يزال أمامنا الكثير من العمل».
من جانبها، تعبّر كلوي دافيد، المسؤولة عن الخدمات اللوجستية في التعاونية، عن الحاجة إلى دعم حكومي أكبر، مؤكدة «ننتظر خطوات أكثر من الحكومة، فنحن لا نسعى فقط للربحية، بل لتحقيق مشروع مستدام ونافع بيئياً».
وتضيف أن «العمل على مشروع مشترك بهذه القيم أسهم في تعزيز روح الفريق داخل التعاونية، ما يمنحنا دافعاً أقوى للاستمرار».
(أ.ف.ب)