تخلي أوروبا عن الغاز الروسي فرصة واعدة للشرق الأوسط

shutterstock_2534515139
تخلي أوروبا عن الغاز الروسي فرصة واعدة للشرق الأوسط
shutterstock_2534515139

في الوقت الذي يخطط فيه الاتحاد الأوروبي لتنفيذ خارطة طريق تنهي تدريجياً اعتماده على النفط والغاز الروسي والطاقة النووية بحلول 2027، يتوقع عدد من محللي قطاع الغاز والطاقة، أن تلجأ أوروبا إلى زيادة اعتمادها على الغاز المسال الطبيعي من خلال عدة دول مختلفة لسد احتياجاتها من الغاز.

وفي 6 مايو أيار الجاري أعلنت المفوضية الأوروبية خارطة طريق تضمن لها الاستقلال التام في مجال الطاقة عن روسيا، وستتبعها بمقترحات تشريعية ستقدّمها الشهر المقبل للدول الأعضاء، متعهدة بضمان استقرار إمدادات الطاقة وأسعارها في أنحاء الاتحاد كافة خلال تنفيذ هذه الخطة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ومنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية سعت أوروبا بشكلٍ حثيث لخفض اعتمادها الكبير على الغاز الروسي الذي كان يشكّل عقبة كبيرة لاتخاذها إجراءات أكبر ضد روسيا بسبب الحرب الأوكرانية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

يقول تشارلز كوستروس، محلل بيانات سوق الغاز لدى كبلر، إنه خلال العام الحالي ستضطر أوروبا إلى الاعتماد بشكلٍ رئيسي على الغاز الطبيعي المسال وذلك لتعويض فقدان الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب، «حيث ستأتي معظم هذه الكميات الإضافية من الولايات المتحدة، التي تعمل على زيادة طاقتها الإنتاجية في محطة بلاكماينز التي تبلغ 23 مليون طن سنوياً، كما سيتم الحصول على كميات إضافية من توسعة المرحلة الثالثة في كوربوس كريستي (10 ملايين طن سنوياً)».

وأضاف كوستروس، أن قرار أوروبا الاستغناء عن الغاز الروسي سيؤدي إلى تفاقم التوازن في أوروبا، وخاصة في وسط وشرق أوروبا، وستضطر المنطقة إلى جذب المزيد من شحنات الغاز الطبيعي المسال من موردين مختلفين لتعويض ذلك، وقد تسعى روسيا إلى تحويل جزء من هذا الغاز الذي كان سيُنقل إلى أوروبا إلى الأسواق الآسيوية، وهو أمر قد يكون أسهل قولاً من الفعل، لأن العديد من أكبر مشتري الغاز الطبيعي المسال الروسي (الصين والهند) حساسون للغاية لسعر الغاز الطبيعي المسال.

وانخفضت واردات أوروبا من الغاز الروسي إلى 52 مليار متر مكعب مقابل 150 مليار متر مكعب في 2021، لتتراجع حصة روسيا من الواردات الغاز إلى أوروبا إلى 19 في المئة مقابل 45 في المئة، وفقاً لبيانات الاتحاد الأوروبي.

ويقول محلل بيانات سوق الغازلدى كبلر، إن قطر ستظل المصدر الرئيسي للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا في الشرق الأوسط، «وفي حال استؤنفت حركة النقل عبر قناة السويس، فقد نشهد المزيد من الكميات القطرية المتجهة إلى هناك أيضاً، من الممكن أيضًا وصول شحنات فورية متفرقة من الإمارات العربية المتحدة أو عُمان».

ويقول أندرياس شرودر، رئيس تحليلات الطاقة في مؤسسة إندبندنت كوموديتي إنتليجنس سيرفيسز ICIS: "إذا انخفضت صادرات روسيا من الغاز، فالدول الاوربية ستلجأ إلى استيراده بشكل أساسي من خلال الغاز الطبيعي المسال المرن من خلال الأسواق الفورية، حيث هناك مجال لمزيد من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا ولم تُستنفد قدرات إعادة التغويز بالكامل بعد. كمصدر محتمل للغاز الطبيعي المسال".

وأضاف شرودر، أنه على المدى البعيد، إذا لم يعد الغاز الروسي قبل عام 2030، نتوقع أن يكون لتركيا دورٌ أبرز كدولة عبور لواردات الغاز الأوروبية، أذربيجان، والغاز الطبيعي المسال إلى تركيا، وبشكل غير مباشر، يُمكن الحصول على الغاز الروسي ونقله عبر تركيا إلى دول جنوب شرق أوروبا/البلقان.

ولا تزود روسيا أوروبا حالياً بالغاز عبر خطوط الأنابيب إلا عبر طريق تورك ستريم بعد أن أوقفت أوكرانيا عبور الغاز الروسي بعد انتهاء اتفاقية العبور مع موسكو في نهاية 2024.

وأصبحت أميركا الآن أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال للاتحاد الأوروبي، مع خطط لتوسيع القدرة التصديرية حتى عام 2026، إذ تشير البيانات إلى أن أميركا زودت أوروبا بنحو 45 في المئة من وارداتها خلال 2024 أي 114 مليار متر مكعب، بينما مثلت صادرات أميركا إلى أوروبا نحو 43 في المئة من إجمالي الصادرات الأميركية للغاز المسال.

فرصة لنمو صادرات الغاز من الشرق الأوسط

ويتوقع رئيس تحليلات الطاقة في مؤسسة إندبندنت كوموديتي إنتليجنس سيرفيسز ICIS، أن تستفيد شمال إفريقيا من حظر الغاز الروسي إلى حدٍ محدود، حيث يمكن زيادة صادرات شمال إفريقيا إلى أوروبا بشكل طفيف، ولكن هناك حدوداً.

ويتوقع ديفيد جوربناز، المتخصص في أسواق النفط ومحلل أسواق النفط في ICI، أن تلجأ أوروبا إلى تنويع مصادر الغاز الطبيعي المسال من خلال تأمين عقود أكثر مرونة مع الولايات المتحدة وقطر ونيجيريا والجزائر، حيث يعمل هذا التحول الهيكلي على إعادة تشكيل سوق الغاز العالمية، وتشجيع المنتجين على بناء القدرة التصديرية وتأمين اتفاقيات شراء طويلة الأجل مع المرافق والتجار الأوروبيين.

ويقول أندريه كوفاتاريو، المؤسس المشارك في ECERA، إن الاتحاد الأوروبي استكشف أيضاً، ويواصل استكشاف، خيارات أخرى داخل حدوده وخارجها، بما في ذلك في الشرق الأوسط، مع دول مثل قطر والإمارات العربية المتحدة.

واتخذت أوروبا خطوات جادة في سبيل دعم وارداتها من الغاز من الشرق الأوسط عبر توقيع عقود طويلة الأجل ففي أكتوبر تشرين الأول 2023 وقّعت قطر 3 اتفاقيات طويلة الأجل لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى 3 دول أوروبية هي فرنسا وهولندا وإيطاليا لمدة 27 عاماً على أن يبدأ التوريد العام المقبل 2026.

وفي نوفمبر تشرين الثاني 2024 اتفقت شركة أدنوك الإماراتية مع شركة SEFE الألمانية على توريد الغاز المسال لها لمدة 15 عاماً بداية من عام 2028، بكميات مليون طن سنوياً.

وفي ديسمبر كانون الأول 2024 وقعت أدنوك اتفاقية لتوريد الغاز المسال لشركة مرافق ألمانية ثانية بنحو 600 ألف طن سنوياً، لمدة 15 عاماً اعتباراً من 2028.

ولدى أدنوك مشروع الرويس للغاز الطبيعي المسال، الذي يجري تطويره حالياً في مدينة الرويس الصناعية بأبوظبي، وهي أول منشأة لتصدير الغاز الطبيعي المسال في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا تعمل بالطاقة النظيفة.