منظمة العمل الدولية: ملايين الوظائف فُقدت بفعل الأتمتة

مع نهاية عام 2023 وبداية 2024، أعلنت منظمة العمل الدولية (ILO) أن معظم مناطق العالم تعافت إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19. وفي مقابلة مع CNN الاقتصادية، أكد مديرها العام، غيلبرت هونغبو، أن من أبرز الأخبار الإيجابية انخفاض معدل البطالة العالمي إلى أدنى مستوى له خلال 15 عاماً، حيث استقر عند 5%.

لكن رغم هذه المؤشرات الواعدة، لا تزال سوق العمل تواجه حالة من عدم اليقين، مدفوعة بعوامل متعددة، منها الأزمات الجيوسياسية، والتطورات السريعة في التكنولوجيا، والاستثمارات المتزايدة في التغير المناخي، فضلاً عن التحديات المزمنة المتعلقة بتوظيف الشباب.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

بين الفرص والتحديات: كيف تتغير سوق العمل؟

خلال حديثه لـCNN الاقتصادية، أوضح هونغبو أن التغيرات في سوق العمل تتسارع بوتيرة غير مسبوقة، حيث ظهرت قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا، وتحليل البيانات، واقتصاد الرعاية، إلى جانب الازدهار المستمر لاقتصاديات التوصيل، الذي أصبح أحد المصادر الرئيسية للوظائف في العديد من البلدان، ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو التوفيق بين ما يريده الأفراد وما تحتاج إليه سوق العمل.

لكن القلق الحقيقي يكمن في تأثير الأتمتة والذكاء الاصطناعي، حيث أقر هونغبو أن ملايين الوظائف قد فُقدت بالفعل بسبب الأتمتة، في حين تم خلق ملايين الوظائف الجديدة، وتتوقع منظمة العمل الدولية أنه بحلول عام 2030، سيكون هناك نحو 80 مليون وظيفة جديدة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

التكيف أو الاختفاء؟!

رغم هذه التوقعات الإيجابية، حذر هونغبو في مقابلته من أن «لا أحد منا يريد أن يكون في فئة الوظائف التي ستُفقد»، فالتغيرات التقنية تتسارع، ولا أحد يستطيع التنبؤ بدقة بمستقبل الذكاء الاصطناعي خلال عام أو عامين من الآن، ولذلك، فإن التدريب المستمر، وإعادة التأهيل، ورفع المهارات أصبحت ضرورات ملحّة وليست مجرد رفاهية.

يؤكد مدير منظمة العمل الدولية أن الحكومات والقطاعات الاقتصادية بحاجة إلى التركيز بشكل أكبر على برامج التدريب المهني والتلمذة الصناعية، إضافةً إلى تعزيز الحوار بين القطاعات المختلفة لضمان توافق أفضل بين احتياجات السوق وبرامج التدريب.

الأزمات العالمية.. العائق الأكبر؟

إلى جانب التحديات التقنية، أشار هونغبو إلى أن الصراعات والأزمات الجيوسياسية تشكل عائقاً رئيسياً أمام استقرار سوق العمل، فاستمرار عدم الاستقرار في مناطق مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا يؤثر فقط على فرص التوظيف محلياً، بل يمتد ليؤثر على الاقتصاد العالمي ككل.

وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار والأمن في المنطقة سيخلق بيئة أكثر جذباً للاستثمارات، ما يؤدي إلى تحسن الظروف الاقتصادية وزيادة فرص العمل، كما شدد على ضرورة أن تعمل الحكومات على توفير مناخ اقتصادي مستقر يمكن أن يعزز نمو الأسواق ويخلق وظائف مستدامة.

نظرة مستقبلية: ما المطلوب لمواكبة التغيير؟

في ظل هذه التحديات، ترى منظمة العمل الدولية أن مفتاح النجاح في سوق العمل المستقبلية يكمن في التكيف مع التحولات السريعة، من خلال الاستثمار في المهارات الجديدة، وتطوير برامج تعليمية تواكب احتياجات السوق، إلى جانب خلق بيئة اقتصادية مستقرة تعزز من فرص النمو.

قد يكون المستقبل حافلاً بالتغيرات غير المتوقعة، لكن كما أكد هونغبو في مقابلته، فإن «الأهم هو أن نكون مستعدين دائماً لإعادة التأهيل واكتساب المهارات الجديدة، لضمان أن نكون في الفئة التي تكسب من التغيرات بدلاً من أن نخسر وظائفنا بسببها».