المرأة والذكاء الاصطناعي.. بين تحدي التحيّز وفرصة الإنصاف

في عالم يشهد تسارعاً في تبنّي الذكاء الاصطناعي عبر مختلف القطاعات، من التعليم إلى الصحة والأعمال، تظل الفجوة الجندرية تحدياً بارزاً يؤثر على تطوير هذه التكنولوجيا وتطبيقها.

تكشف الدراسات أن التحيّز الجندري متجذّر في أنظمة الذكاء الاصطناعي، ليس بسبب التكنولوجيا بحد ذاتها، بل بسبب البيانات التاريخية غير المتوازنة التي تُستخدم في تدريبها. فمن الخوارزميات التي تميّز ضد النساء في عمليات التوظيف إلى برمجيات التعرف على الوجه التي تجد صعوبة في التعرّف على ملامح النساء، خاصة ذوات البشرة الداكنة، يصبح من الواضح أن غياب التمثيل النسائي في تطوير هذه التقنيات يؤدي إلى إنتاج أنظمة غير عادلة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

لكن، على الرغم من هذه العقبات، فإن الذكاء الاصطناعي يشكل فرصة ذهبية للمرأة لدخول هذا المجال وتحقيق المساواة الجندرية، إذا تم اتخاذ الإجراءات الصحيحة.

وفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2023)، تمثل النساء 29% فقط من القوى العاملة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، وهي النسبة نفسها تقريباً في وظائف الذكاء الاصطناعي، وتكشف بيانات منصة كورسيرا التعليمية في تقرير خاص حول «سد الفجوة بين الجنسين في مهارات الذكاء الاصطناعي التوليدي» أن النساء يشكلن 32% فقط من الملتحقين بدورات الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)، على الرغم من أنهن يمثلن نصف إجمالي المتعلمين على المنصة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وتبقى نسبة النساء في المناصب القيادية بمجال الذكاء الاصطناعي منخفضة للغاية، حيث لا تتجاوز نسبة النساء في منصب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا (CTO) في الولايات المتحدة 8% فقط، في حين أن ثلث الشركات فقط تضمّ النساء في قراراتها الاستراتيجية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.

تصل نسبة مشاركة النساء في تعلم الذكاء الاصطناعي إلى أقل من 25%، في دول مثل الإمارات ومصر واليابان، ما يؤكد أن هناك حاجة ملحّة لاتخاذ إجراءات لتشجيع النساء على الانضمام إلى هذا المجال.

الأسباب الخفية

فند تقرير كورسيرا الأسباب الكامنة وراء محدودية التمثيل النسائي في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي عازياً السبب إلى قلة القدوة النسائية حيث تشير بيانات كورسيرا إلى أن دورات الذكاء الاصطناعي التي تضمّ مدرّسات إناث تجذب 30% من المتعلمات، مقارنة بـ23% فقط في الدورات التي يدرّسها رجال.

ويتمثل السبب الثاني في ضعف الثقة بالنفس حيث إن النساء أكثر عرضة للالتحاق بالدورات التمهيدية بدلاً من المتقدمة، ما يشير إلى فجوة في الثقة بالقدرة على التعلّم.

بالإضافة إلى ضيق الوقت والمسؤوليات المتعددة وعدم وضوح الفائدة المهنية، إذ تشير الدراسات وفق التقرير إلى أن 36% فقط من النساء يعتقدن أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز حياتهن المهنية، مقارنة بـ45% من الرجال.

تقليص الفجوة وبذكاء

وأفاد تقرير كورسيرا بأن سدّ الفجوة الجندرية في هذا المجال يتطلب جهوداً مشتركة من الحكومات، والجامعات، والشركات، لجهة تسهيل وصول النساء إلى التعليم في الذكاء الاصطناعي، ففي الهند مثلاً، يحصل 73% من النساء على فرص تدريب مجانية في الذكاء الاصطناعي برعاية الشركات، مقارنة بـ27% فقط في الولايات المتحدة.

ولفت التقرير إلى أهمية دور الحكومات في تقديم منح دراسية خاصة بالنساء في الذكاء الاصطناعي، على غرار مبادرة كندا 50-30، التي تهدف إلى تحقيق التوازن الجندري.