تواجه سيراليون، كغيرها من دول غرب إفريقيا، تحديات متراكمة تتعلق بالأمن الغذائي، والاعتماد على الواردات، والتغيّر المناخي.
وفي هذا السياق، أطلقت الحكومة قبل نحو عامين استراتيجية وطنية تحت اسم «Feed Salone»، تهدف إلى تقليص الاعتماد على الغذاء المستورد، وتوسيع الإنتاج المحلي، وتحسين فرص العمل في القطاع الزراعي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وزير الزراعة والأمن الغذائي، هنري موسى كباكا، قال في مقابلة مع «CNN الاقتصادية»، إن الاستراتيجية بدأت تُظهر مؤشرات أولية، منها انخفاض واردات الأرز بنسبة 7% خلال الفترة 2023-2024، إضافة إلى تراجع في واردات البيض والدجاج والبصل، وزيادة في صادرات محاصيل نقدية مثل الكاكاو.
وتعتمد الخطة على مزيج من الدعم المباشر لصغار المزارعين، إلى جانب سياسات تُشجّع المستوردين على المشاركة في الإنتاج المحلي، ويأمل المسؤولون في أن تؤدي هذه السياسات إلى خفض فاتورة الاستيراد وتحقيق تحسن تدريجي في الميزان الغذائي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
أدوات مناخية في مواجهة التقلبات البيئية
التحديات المناخية تُعدّ من أبرز العوائق أمام تحقيق الاستقرار في القطاع الزراعي.
وأوضح الوزير كباكا أن سيراليون تشهد تغيرات واضحة في نمط الأمطار والحرارة، ما يؤثّر بشكلٍ مباشر في إنتاجية المحاصيل.
لمواجهة ذلك، تبنّت الحكومة مجموعة من التدخلات التقنية، منها توزيع أصناف زراعية مقاومة للجفاف والملوحة، واعتماد أساليب زراعة أقل إضراراً بالبيئة مثل استخدام الأراضي المنخفضة لزراعة الأرز بدلاً من المرتفعات.
كما أطلقت السلطات برنامجَ تأمين زراعياً مرتبطاً بمؤشرات الطقس، يمنح تعويضات مالية للمزارعين في حال تجاوز معدلات الأمطار أو الجفاف حدوداً معينة.
فجوة تمويلية تغطّيها شراكات متعددة الأطراف
ويُعدّ هذا البرنامج محاولة لتقليل أثر المخاطر المناخية في دخل المزارعين، وتعزيز ثقتهم في الاستثمار الزراعي طويل الأجل.
وعلى الرغم من وضوح الأهداف، فإن التنفيذ يواجه صعوبات مالية، وتُقدّر كلفة استراتيجية «Feed Salone» بنحو 1.8 مليار دولار، ما يفوق قدرات الموازنة المحلية. ومن هنا، تعوّل الحكومة على دعم المؤسسات الدولية.
بحسب وزير الزراعة، تلقّت سيراليون تمويلاً من البنك الإسلامي للتنمية وصندوق الحياة وسبل العيش (LLF) لتنفيذ مشاريع أساسية، منها تطوير ستة مراكز لإنتاج الأرز، وإنشاء شبكات ري تغطي 4,000 هكتار باستخدام تقنيات تسمح بزراعة متعددة على مدار العام.
وترافق ذلك مع مبادرات محلية مثل إنشاء صندوق ائتماني بقيمة 10 ملايين دولار، يتيح للمزارعين الحصول على تمويل بفوائد منخفضة مقارنة بأسعار السوق، في محاولة لتخفيف العوائق التمويلية التي تواجه الإنتاج الزراعي.
برنامج صندوق النقد: تصحيح المسار المالي
على المستوى الكلي، تعمل الحكومة على احتواء اختلالات الموازنة العامة من خلال برنامج مشترك مع صندوق النقد الدولي تم إطلاقه في نوفمبر 2024، بقيمة 253 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات.
وأوضح وزير المالية، شيكو أحمد فنتامادي بانغورا، في حوار مع CNN الاقتصادية، أن مراجعة البرنامج تأخرت بسبب عدم تحقيق أهداف الأداء الخاصة بشهر ديسمبر، ما استدعى تنفيذ «إجراءات تصحيحية» لضبط الاقتراض الحكومي والأصول المحلية واحتياطيات البنك المركزي.
وأشار الوزير إلى أن ارتفاع كلفة الدين المحلي يمثّل ضغطاً على المالية العامة، حيث تصل معدلات الفائدة في السوق المحلية إلى مستويات مرتفعة. وقد بدأت الحكومة بإعادة جدولة الدين الداخلي وسداد بعض مستحقات الفوائد، ما أسهم في تراجع تدريجي بمعدلات التضخم التي كانت قد بلغت 54.5% في أكتوبر 2023.
دعم إضافي للثروة الحيوانية وتمكين المجتمعات الريفية
إلى جانب الجهود الزراعية العامة، أعلنت الحكومة مشروعاً جديداً بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية بقيمة 38 مليون دولار يركّز على تحسين الثروة الحيوانية وتمكين النساء والشباب في المناطق الريفية.
يهدف المشروع إلى رفع الإنتاج الحيواني في البلاد –الذي لا يزال منخفضاً من حيث نصيب الفرد– وتوفير دخل بديل في المجتمعات ذات الاعتماد المرتفع على الزراعة التقليدية.
ويُعدّ هذا التمويل جزءاً من دعم أوسع من مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي تم تجديده خلال اجتماع عُقد في فيينا عام 2024، ويشمل مجالات الأمن الغذائي والطاقة المتجددة.