في واحدة من أكبر عمليات الاختراق في تاريخ العملات المشفرة، تعرضت منصة باي بت Bybit لهجوم سيبراني أدى إلى سرقة أكثر من 1.4 مليار دولار من عملة إيثريوم (ETH) وstETH، وتسبب هذا الحدث في موجة من الذعر في سوق العملات الرقمية، حيث انخفضت قيمة إيثريوم وتأثرت باقي الأصول المشفرة وسط مخاوف من تصاعد الهجمات الإلكترونية على المنصات المركزية.
فكيف سيؤثر هذا الاختراق على مستقبل إيثريوم وسوق العملات الرقمية ككل؟ وهل تفقد المنصات المركزية ثقة المستثمرين؟
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
حدث الاختراق عندما تم التلاعب بعملية نقل للأموال من المحفظة الباردة إلى محفظة ساخنة، ما أتاح للمهاجمين السيطرة على المحفظة الباردة وسرقة الأصول المخزنة فيها. على الرغم من هذا الحادث، أكدت Bybit أن أموال العملاء آمنة، وأن العمليات مستمرة دون انقطاع، وفقاً لـCINCO DÍAS.
ويشير محللون إلى أن هذا الاختراق يسلط الضوء على التحديات الأمنية المستمرة في منصات تداول العملات الرقمية المركزية، ويعتقد «آري ريدبورد»، الرئيس العالمي للسياسات في TRM Labs، أن ارتفاع قيمة العملات الرقمية يجعلها أهدافاً أكثر جاذبية للقراصنة، ما يستدعي تعزيز البنية التحتية الأمنية لهذه المنصات، وفقاً لـINVESTING.COM.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
من جانبه، أوضح المحقق المعروف «ZachXBT» أن المهاجمين استخدموا تقنيات متقدمة، بما في ذلك الهندسة الاجتماعية والتلاعب بالعقود الذكية، لتنفيذ هذا الاختراق المعقد، وأشار إلى أن التحويلات غير المعتادة للأموال من محافظ Bybit أثارت الشكوك الأولى حول الحادث، وفقاً لما ذكرته CRYPTOPOLITAN.
تأثير الاختراق على إيثريوم وسوق العملات المشفرة
بعد الإعلان عن الاختراق، شهدت عملة الإيثريوم انخفاضاً في قيمتها بنسبة 6%، ما يعكس تأثير الحادث على ثقة المستثمرين، كما لوحظت عمليات سحب كبيرة من قبل المستخدمين، تعبيراً عن مخاوفهم بشأن أمان أصولهم الرقمية، وفقاً لـCINCO DÍAS.
وقد تواجه السوق موجة جديدة من التقلبات، خاصة مع ازدياد قلق المستثمرين من ضعف الأمان في المنصات المركزية.
إضافةً إلى ذلك، أظهر تقرير «Crypto Crime Report 2025» من شركة «Chainalysis» زيادة بنسبة 21% في الأموال المسروقة عبر العملات الرقمية، خاصة من خدمات التمويل اللامركزي (DeFi)، ما يشير إلى تصاعد التهديدات الأمنية في هذا القطاع.
تأتي هذه الحادثة في وقت تواجه فيه المنصات المركزية تدقيقاً متزايداً، حيث يخشى المستثمرون من أن هذه الاختراقات المتكررة قد تؤدي إلى نزوح كبير نحو حلول التمويل اللامركزي (DeFi).
وقد نشهد تحولاً أكبر نحو استخدام المحافظ الباردة ومنصات تداول لا تتطلب إيداع الأموال مباشرة، وسيؤثر ذلك على حجم التداول والسيولة في المنصات المركزية مثل Bybit وBinance وOKX.
كيف تتم عمليات الاختراق وما هي الثغرات المستخدمة؟
يستخدم المخترقون العديد من الوسائل لارتكاب اختراقات العملات المشفرة، وفي ما يلي أهم ثلاث طرق للاختراق وفقاً لكاسبرسكاي.
التصيد الاحتيالي: أحد أكثر أنواع الهجمات الرقمية شيوعاً، ويتضمن ذلك قيام إرسال الأطراف الخبيثة رسائل بريد إلكتروني تجذب مالكي العملات المشفرة للكشف عن معلومات حساسة أو تنزيل برامج ضارة قد تسمح للمخترق بالوصول إلى محافظ العملات المشفرة الخاصة بهم وسرقة عملاتهم.
استغلال الثغرات البرمجية: نظراً لأن العملات المشفرة والبرامج التي تسهل التعامل معها كلها مبنية على التعليمات البرمجية، فقد تحتوي على ثغرات أمنية يستطيع المخترقون استغلالها، وذلك باختراق العقود الذكية أو البروتوكولات الأمنية غير المحكمة.
ويمكنهم التلاعب بالتعليمات البرمجية في أي نقطة ضعف في البنية التحتية للعملات المشفرة لتطبيق اختراقات بورصة العملات المشفرة لشن الهجمات، على سبيل المثال.
والطريقة الثالثة هي الهجمات على المحافظ الباردة لسرقة المفاتيح، ورغم كونها أكثر أماناً، إلا أن بعض المنصات تحتفظ بجزء من مفاتيحها على خوادم يمكن اختراقها.
حيث تتطلب محافظ وبورصات العملات المشفرة من المالكين استخدام المفاتيح للوصول إلى عملاتهم، وإذا تمكن مجرمو الإنترنت من سرقة هذه المفاتيح، يمكنهم بسهولة تنفيذ اختراقات العملات المشفرة.
ويمكن أيضاً استخدام البرمجيات الخبيثة، وذلك بتحميل برامج ضارة لاختراق أنظمة المنصة الداخلية.
أبرز الاختراقات في تاريخ العملات المشفرة
في ما يلي نوضح أبرز الاختراقات التي هزت سوق العملات الرقمية:
إم تي جوكس Mt. Gox
إم تي جوكس كانت شركة صرافة لعملة البيتكوين مقرها في طوكيو، باليابان، تأسست في يوليو 2010، وفي عام 2014 كانت تستحوذ علي أكثر من 70% من تحويلات البيتكوين بالعالم، وأصبحت أكبر سوق لصرف البيتكوين في العالم في فبراير 2014، أوقفت إم تي جوكس التداول، وأغلقت موقعها على شبكة الإنترنت، وأعلنت إفلاسها.
ففي عام 2014 فقدت المنصة 850,000 بيتكوين (BTC) بقيمة 450 مليون دولار وقتها، ما أدى إلى إفلاس المنصة.
كوين تشيك Coincheck
كوين تشيك Coincheck هي محفظة لتبادل العملات الأجنبية اليابانية وخدمة تبادل مقرها الرئيسي في طوكيو، اليابان، أسسها Koichiro Wada و Yusuke Otsuka، وهي تدير عمليات التبادل بين عملات البيتكوين والعملات الأثيرية والورقية في اليابان ومعاملات البيتكوين والتخزين في بعض البلدان.
في عام (2018)تعرضت المنصة لسرقة 530 مليون دولار من عملة NEM بعد اختراق محفظة ساخنة للمنصة.
رونين Ronin Network
رونين (Ronin Network)، هي شبكة جانبية مبنية على الإيثيريوم تديرها شركة «سكاي مافيس» (Sky Mavis) المرتبطة بلعبة الإنترنت الشهيرة «آكسي أنفينتي» (Axie Infinity)
اخترق قراصنة الشبكة وسرقوا عملات مشفرة بقيمة تقارب 620 مليون دولار، وقالت رونين -التي تسمح بنقل العملات المشفرة عبر تقنية البلوكتشين- إن المتسللين سرقوا في 23 مارس آذار نحو 173 ألفاً و600 من عملة الإيثيريوم و25.5 مليون دولار أميركي، وهو ما يجعل السرقة واحدة من أكبر السرقات المسجلة.
وقالت إن السرقة تمت بسبب ثغرة أمنية في جسر البلوكتشين.
إف تي إكس FTX
رغم انهيار المنصة بسبب سوء الإدارة، فإنها تعرضت لاختراق أدى إلى سرقة 600 مليون دولار، حسب المعلومات التي نشرتها منصة «كوين ديسك»، فقد تعرضت بورصة العملات المشفرة (FTX) لعملية اختراق إلكترونية يوم الجمعة 11 نوفمبر 2022، حسب ما أكد فريق الدعم الفني العامل في هذه البورصة، وقالت التقارير حينها إن أكثر من 600 مليون دولار ضاعت في هذا الاختراق، وخلال يوم واحد فقط.
باي بت Bybit
في 21 فبراير 2024، حدثت أحدث الاختراقات لمنصة Bybit بسرقة 1.4 مليار دولار من عملة الإيثريوم.
أكثر المنصات أماناً في سوق العملات الرقمية
رغم تكرار الاختراقات، هناك منصات معروفة باتباع معايير أمان صارمة مثل: Kraken والتي تعد من أكثر المنصات أماناً بفضل استخدام التحقق الثنائي والتخزين البارد للأصول.
وأيضاً منصة Coinbase التي تحتفظ بـ98% من أموال العملاء في محافظ باردة، ما يقلل من مخاطر الاختراق.
كما أن منصة Binance تطبق إجراءات أمنية متطورة، لكنها تعرضت لمحاولات اختراق متعددة.
وكذلك المحافظ الباردة Ledger & Trezor، والتي تظل الحل الأكثر أماناً لتخزين العملات الرقمية بعيداً عن الإنترنت.
هل تفقد العملات الرقمية ثقة المستثمرين؟
علق العديد من المحللين على إمكانية فقدان المستثمرين الثقة في العملات الرقمية، مشيرين إلى أن هذه الاختراقات ليست جديدة، لكن قد يكون لها العديد من التوابع، مثل ما يلي:
فقدان الثقة قد يعزز التنظيمات الصارمة، حيث يقول جوناثان كارلسون، محلل الأمن السيبراني في CryptoGuard, إن «تكرار عمليات الاختراق الكبرى قد يدفع الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة وأوروبا إلى فرض قيود أشد على منصات التداول المركزية، ما قد يحدّ من سيولتها ويجعل الامتثال أكثر تعقيداً».
تصاعد دور التمويل اللامركزي (DeFi)، إذ يعتقد إيثان لو، الخبير في Messari, أن «كل عملية اختراق لمنصة مركزية تدفع المزيد من المستثمرين نحو التمويل اللامركزي (DeFi)، حيث يحتفظ المستخدمون بالسيطرة الكاملة على أصولهم دون الاعتماد على وسطاء قد يكونون عرضة للهجمات».
ازدياد الطلب على المحافظ الباردة، فتقول تشير ليزا هوانغ، محللة في Glassnode, إلى أن «المستثمرين الكبار (الحيتان) بدؤوا في سحب أصولهم من المنصات المركزية بعد كل اختراق، والاتجاه نحو المحافظ الباردة لحماية أصولهم من عمليات القرصنة».
هل يمكن أن تنهار ثقة المستثمرين؟
يقول مايكل بنتون، خبير العملات الرقمية في Bloomberg Crypto إن «اختراقات المنصات المركزية ليست جديدة، لكن استمرارها قد يؤدي إلى بطء في تبني العملات الرقمية على نطاق أوسع، خاصة من قبل المؤسسات المالية الكبرى»، لكنه أضاف: «في النهاية، السوق تكيف مع مثل هذه الأحداث، وهناك تقنيات جديدة لتعزيز الأمان».
التوجه نحو منصات أكثر أماناً
وفقاً لبن آرنولد، محلل في Cointelegraph، فإن «بعد كل اختراق كبير، يبرز تساؤل حول أكثر المنصات أماناً، ومن المتوقع أن تزداد المنافسة بين المنصات لتعزيز ميزات الأمان، ما قد يؤدي إلى تحسين البنية التحتية الأمنية للصناعة ككل».
ويؤكد اختراق Bybit مجدداً هشاشة أمن بعض المنصات المركزية، ما يضع تحديات جديدة أمام قطاع العملات المشفرة، ومع تزايد هذه الهجمات، ستصبح إجراءات الأمان وتحسين البروتوكولات الأمنية عوامل حاسمة في استعادة ثقة المستثمرين.