يشكل البيتكوين حوالي 2.7 بالمئة من إجمالي قيمة محفظة الحكومة الأميركية من الذهب والبيتكوين ونحو 0.13 بالمئة من إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي العالمية (12.8 تريليون دولار)، بحسب بيتكوين بوليسي انستيتيوت. ويتمتع البيتكوين بعائد سنوي مرتفع بلغ 75.5 بالمئة بين 2015 و2024، ولكنه يحمل تقلباً شديداً بنسبة 407.4 بالمئة سنويًا.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وتشير هذه الأرقام إلى أنه على الرغم من أن احتياطيات الحكومة الأميركية من البيتكوين كبيرة، إلا أنها لا تزال تشكل نسبة صغيرة نسبياً من الاحتياطيات الوطنية العالمية. ويبدو أن بعيد قمة ترامب للعملات الرقمية لم تعد هذه العملات مجرد أدوات مالية لامركزية بل أوراق ضغط اقتصادية وسياسية في يد الحكومات.
تصفيات كبيرة
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
منذ إعلان ترامب عن خططه لدمج
البيتكوين في احتياطي الولايات المتحدة الاستراتيجي، شهد السوق تحركات حادة فارتفعت عمليات التصفية إلى 2 مليار دولار يومياً، وهو أعلى مستوى منذ انهيار FTX. وشهد السوق تقلبات ضخمة دفعت سعر البيتكوين إلى ما دون 80,000 دولار بعد أن كان قد اقترب من 110,000 دولار في يناير كانون الثاني الماضي.
وقال سيرغيج كونز المؤسس المشارك لـ 1Inch - 1inch وهو بروتوكول DeFi لامركزي يعمل كأداة تجميع للسيولة عبر عدة منصات تداو، إن السوق اليوم عالية المخاطر نظراً للمضاربات الكبيرة في سوق العملات المشفرة.
وأفاد أن حجم التصفية تراوح بين 500 مليون دولار ومليار دولار، ولكن منذ أن بدأ ترامب في إطلاق هذه الإعلانات الضخمة وعقد قمم العملات الرقمية، لاحظنا أن حجم التصفية ارتفع إلى ما بين 1 و2 مليار دولار في كلا الاتجاهين سواءً في المراكز الطويلة (تعني أن المتداول يشتري الأصل مثل البيتكوين أو الأسهم متوقعاً ارتفاع سعره في المستقبل ليبيعه لاحقاً بسعر أعلى) أو القصيرة (أي أن يبيع المتداول أصلاً لا يملكه -يستعيره من وسيط- متوقعاً انخفاض سعره، ليشتريه لاحقاً بسعر أقل، محققاً ربحاً من الفرق).
وأضاف «لذلك، أصبحت السوق حالياً أكثر خطورة بكثير، حيث إن التعامل مع المراكز القصيرة يشبه إلى حد كبير المقامرة من وجهة نظرنا».
الفجوة الأخلاقية
وكشف راشد الخزاعي – شريك مؤسس في OFX Strat أن البيتكوين استطاع تحقيق شمولية مالية قارع بها اضخم مؤسسات التمويل الدولية ولكن منذ دخول الميستثمرين الكبار والبنوك والحكومات أصبحت البيتكوين أداة سياسية جعلته رهينة للإعلانات السياسية والمضاربات والرهنات واسعة النطاق أفقدته جوهره الأساسي كبديل للنظام المالي التقليدي.
وعبّر الخزاعي عن تردده في الاستمرار في الاستثمار بالعملات المشفرة بسبب تزايد الفجوة الأخلاقية، حيث أصبحت السوق مدفوعة بالمقامرة أكثر من كونها أداة مالية حقيقية. فهو يرى أن الغرض الأساسي من البيتكوين كان توفير فرصة اقتصادية للشرائح المحرومة من النظام المالي التقليدي، لكنه انحرف عن هذا المسار بسبب الطمع والجشع في دينامكية السيولة وتصرفات المستثمرين.
وقال إنه منذ ظهورها، كانت العملات المشفرة تحمل شعارات الحرية المالية والاستقلال عن الأنظمة التقليدية، لكن التدخلات الحكومية والمضاربات العنيفة تضعف هذا الأساس، مشيراً الى تحولها من لا مركزية إلى تحكم مؤسسي حيث يسيطر كبار المستثمرين وصناديق الاستثمار والتحوط اليوم على جزء كبير من السوق، مما يجعل البيتكوين يشبه الأصول المالية التقليدية.
أصل مالي مقنع؟
ويرى الخزاعي أن تبني الولايات المتحدة البيتكوين كأصل احتياطي جاء من ذهنية عدم تفويت الفرص مجدداً أكثر من استراتيجية واضحة للتعامل مع العملات المشفرة. والتحوط كان من أجل تفادي الوقوع بأخطاء الماضي وحرمان الخزانة الأميركية من عائدات البيتكوين التي كلف الخزانة خسائر تقدر بنحو 17 مليار دولار اذا ما قيم سعرها على تاريخ اليوم إلى جانب الفائدة المرجوة من الإيرادات الضريبية رغم اعلان ترامب انها أصول غير خاضعة للضريبية في الوقت الحالي.
ورأى ان إعلانات ترامب لم تكن إلا تصريحات عابرة تقوم على سياسة الاحتفاظ وتفتقر الى خطط واضحة تفسر لمجتمع العملات المشفرة ولدافعي الضرائب الدوافع وموقف أميركا الحقيقي من البيتكوين.
وأضاف أن التلاعب السياسي والاقتصادي سيسمح للحكومات فرض لوائح وتنظيمات جديدة تحدّ من قدرة الأفراد على استخدام البيتكوين بحرية. «فإذا استمرت الحكومات في التدخل، فإن البيتكوين لن يكون مختلفاً عن أي عملة ورقية أخرى، بل مجرد أصل مالي مركزي مقنّع».
حروب تجارية وعقوبات مستقبلية
لفت الخزاعي إلى ان أهمية العملات الرقمية تكمن في بنيتها التحتية أي في صناعة التعدين وعندما تدرك الدول مدى أهمية ذلك سنشهد استثمارات كبيرة من قبلها ومن قبل الصناديق السيادية في ها المجال.
وحذر من أن الولايات المتحدة قد تشن حرباً تجارية على الدول التي تهيمن على قطاع تعدين البيتكوين، من خلال التحكم في معدات التعدين وفرض ضرائب على التعاملات المشفرة.
وأشار الى أن إمكانية استخدام ترامب لهذا الملف كأداة اقتصادية وسياسية بهدف تحقيق مكاسب داخلية وخارجية. مما سيفسح الباب أمام مرحلة جديدة من العقوبات الاقتصادية باستخدام العملات الرقمية.
مستقبل البيتكوين: إلى أين؟
وتوقع الخزاعي أن يهمين التقلب الحاد على البيتكوين، وأن تستمر العملة المشفرة في الارتفاع والانخفاض الحاد، وهو ما يعد مشابهاً لسوق الأسهم، ولكنه أكثر تقلبًا.
ورأى أن الجيل الحالي قد لا يكون مستعداً بعد لتبني العملات المشفرة بشكل كامل، ولكن الأجيال القادمة قد تشهد تحولاً كبيرًا في طريقة تعاملها مع الأنظمة المالية. وتوقع استمرار الدول الكبرى في محاولة تنظيم أو السيطرة على سوق العملات المشفرة من خلال الضرائب والتشريعات.
في ظل هذه التحولات، يبقى مستقبل البيتكوين معلقًا بين الاندماج في النظام المالي العالمي أو الحفاظ على هويته اللامركزية. الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد الوجهة النهائية للبيتكوين، سواء كأداة تحرر مالي أو كأداة في أيدي الحكومات والمؤسسات الكبرى.