لعقود متتالية عزلت العقوبات الاقتصادية سوريا عن النظام المالي العالمي. واليوم، مع رفع العقوبات الأميركية رسمياً، كشفت منصة تداول العملات المشفرة الأكبر في العالم «بينانس»، عن افتتاح خدماتها للمستخدمين السوريين، ما يمثّل لحظة محورية في الشمول المالي وإعادة التواصل. بينانس تفتح أبوابها للسوريين لتداول الأصول المشفرة
حسب ما ورد في تقرير تلقت «CNN الاقتصادية» نسخة منه، سيتمكن المستخدمون السوريون الآن من الوصول إلى مجموعة منتجات وخدمات بينانس، بما في ذلك مئات
العملات المشفرة، وتداول العقود الفورية والآجلة، ومنتجات الإيداع والربح، والعملات المستقرة، وخدمة «بينانس باي» للتحويلات المالية عبر الحدود بسلاسة، بالإضافة إلى محتوى تعليمي مخصص باللغة العربية ودعم محلي للمستخدمين مع إمكانية الانضمام بثقة والتداول بأمان.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
ويبلغ عدد سكان سوريا نحو 24 مليون نسمة، ويُقدّر عدد المقيمين في الخارج بما يتراوح بين 8 و15 مليون نسمة.
وقد أدّت سنوات من عدم الاستقرار الاقتصادي وارتفاع التضخم إلى اعتماد الكثيرين على التحويلات المالية والشبكات غير الرسمية وعدم استقرار العملات المحلية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
هذه العوامل كلّها دفعت سوريا سابقاً للتصنيف ضمن أفضل 10 دول عالمياً في نشاط البحث المتعلق بالعملات الرقمية في عام 2021، والآن مع تعليق العقوبات، أصبحت لدى السوريين فرصة أكبر للتفاعل مع العملات الرقمية.
للسوريين بالخارج.. تحويلات مالية سريعة وسلسة
بالنسبة للجالية السورية في الخارج، يعني هذا تحويلات مالية سلسة، وبالنسبة للشركات الصغيرة، تُعدّ أداة لمكافحة التضخم والتواصل مع العملاء العالميين.
وقال ريتشارد تنغ، الرئيس التنفيذي لشركة بينانس: «بعد سنوات من الإقصاء، أصبحت لدى السوريين الآن فرصة للبناء والاستثمار والتواصل. مع بينانس، يمكنهم الوصول إلى واحدة من أقوى منظومات العملات الرقمية في العالم، بدءاً من فرص التداول والربح وصولاً إلى مدفوعات العملات الرقمية السلسة.. الأمر لا يقتصر على فتح الحسابات فحسب، بل يشمل أيضاً فتح آفاق مستقبلية.»
سوريا تحت العقوبات منذ 1979
لم تكن
العقوبات الدولية على سوريا وليدة الحرب الأخيرة عام 2011 فقط، بل منذ عام 1979 كانت الولايات المتحدة قد أصدرت قائمة لما وصفته بـ«الدول الداعمة للإرهاب»، ووضعت عليها سوريا إلى جانب ثلاث دول عربية أخرى هي اليمن والعراق وليبيا.
لكن التحول الأساسي في العقوبات الدولية التي أحكمت الخناق على السوريين، جاء بعد اندلاع الثورة على نظام بشار الأسد عام 2011.
وفي عام 2019 تحديداً، أقر الكونغرس الأميركي قانون «حماية المدنيين السوريين» الذي عرف بقانون «قيصر»، الذي كان له الدور الأكبر في تحطيم الاقتصاد السوري حتى يومنا هذا.
وتُعدّ العقوبات الاقتصادية إحدى أبرز أدوات الضغط على النظام السوري، حيث فرضت الولايات المتحدة حظراً شبه شامل على التعاملات التجارية والمالية مع سوريا، يشمل ذلك حظراً على تصدير أو إعادة تصدير معظم السلع الأميركية إلى سوريا، باستثناء بعض المواد ذات الطابع الإنساني مثل الغذاء والدواء.
كما حُظر تصدير الخدمات الأميركية، بما فيها الاستشارات والتكنولوجيا، إلى الداخل السوري.
في المقابل، مُنع استيراد المنتجات السورية إلى الولايات المتحدة، وعلى رأسها النفط ومشتقاته، فيما فُرضت قيود مشددة على الاستثمارات الأميركية داخل سوريا، إلى جانب حظر المعاملات المالية عبر البنوك الأميركية ذات الصلة بالدولة السورية.
وتم أيضاً تجميد الأصول التابعة للحكومة السورية داخل الولايات المتحدة، ومنع الأفراد والشركات الأميركية من التعامل التجاري أو المالي مع مؤسسات النظام أو الشركات التابعة له.
أدّت هذه التدابير إلى عزل سوريا فعلياً عن النظام المالي العالمي، إذ امتنعت معظم المصارف الدولية عن تنفيذ أي تحويلات مالية مرتبطة بسوريا، خشية التعرض للعقوبات الأميركية.
وفي عام 2022، أضيفت إلى منظومة العقوبات على سوريا إجراءات جديدة عُرفت باسم قانون «الكبتاغون»، وركّزت على مكافحة شبكات إنتاج وتهريب مخدر الكبتاغون التي يُتهم النظام السوري ومليشيات موالية له بالضلوع فيها.
كما تشير التقديرات غير النهائية إلى أن قانون قيصر الأميركي تسبب في خسائر اقتصادية هائلة حيث أشارت دراسات أبحاث أن خسائر الاقتصاد السوري منذ بدء الحرب عام 2011 حتى مطلع 2020 بلغت نحو 530 مليار دولار، أي ما يعادل 9.7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2010.