أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك بناء على توصية مباشر من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.
وجاء هذا الإعلان خلال كلمة ألقاها ترامب يوم الثلاثاء من العاصمة السعودية الرياض، في خطوة وصفها بأنها تهدف إلى منح سوريا «فرصة للازدهار».
والتقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض اليوم الأربعاء، الرئيس السوري أحمد الشرع الذي يزور الرياض لحضور اجتماعات مع مجلس التعاون الخليجي.
وأوضح ترامب أن قراره برفع العقوبات يهدف إلى منح السوريين «فرصة جديدة» للخروج من أزمتهم، مشيراً إلى أن العقوبات السابقة كانت تعوق تعافي الاقتصاد السوري.
هذا التحول يثير تساؤلات واسعة حول طبيعة العقوبات التي تم رفعها، ومدى تأثير ذلك على الواقع الاقتصادي في سوريا.
رفع العقوبات الأميركية عن سوريا
قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمام منتدى الاستثمار السعودي الأميركي: «سأصدر الأوامر برفع العقوبات عن سوريا، من أجل توفير فرصة لهم للنمو».
وأضاف ترامب: «تلك العقوبات كانت تشل الاقتصاد السوري وكانت مطلوبة في وقت سابق، والآن آن الأوان كي تلمع سوريا».
كما أكد ترامب اليوم الأربعاء، أنه سيقوم بإلغاء كامل العقوبات عن سوريا، مشيراً أن ذلك سيعطيهم فرصة عظيمة.
من جهتها، رحّبت وزارة الخارجية والمغتربين السورية بهذه الخطوة، معتبرةً أنه من شأنها إنهاء معاناة الشعب السوري، المتضرر الأول والرئيسي من هذه العقوبات، التي عرقلت تعافي الاقتصاد وإعادة إعمار البلاد.
لطالما شكّلت العقوبات عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد السوري، إذ عطّلت المشاريع الكبرى وزادت من معاناة الناس والقطاعات الأساسية.
ومع رفع هذه العقوبات، توقعت دراسة تحليلية صادرة عن مركز جسور للدراسات أن يشهد الاقتصاد السوري انتعاشاً كبيراً.
وأشارت الدراسة إلى احتمال انخراط النظام المصرفي السوري في النظام المالي الدولي، ما سيفتح المجال أمامه للتعامل مع المؤسسات العالمية، وينشّط القطاع التجاري، ويُسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية.
كما توقعت الدراسة أيضاً زيادة فرص تنشيط قطاعات حيوية مثل النفط والغاز، والاتصالات، والتقنيات، الأمر الذي من شأنه أن يعزز فرص التطور التقني في البلاد التي أنهكتها سنوات الحرب.
وفقد الاقتصاد السوري قرابة 85 في المئة من قيمته خلال 12 عاماً، إذ تراجع من نحو 67.5 مليار دولار في عام 2011 إلى ما يقارب 9 مليارات دولار في عام 2023، بحسب تقديرات البنك الدولي.
سجلت الليرة السورية قفزة ملحوظة أمام الدولار الأميركي في السوق الموازية، حيث ارتفعت بنحو 10 في المئة خلال دقائق قليلة، وذلك عقب إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من العاصمة السعودية الرياض عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا.
تداولت منصات ومواقع لتداول العملة السورية اليوم الأربعاء، ارتفاعاً في قيمة الليرة، حيث بلغ سعرها 8700 مقابل الدولار في السوق الموازية، فيما وصل سعر المبيع إلى 9000 ليرة.
هذا التحسن السريع في قيمة العملة السورية جاء بعد إعلان رفع العقوبات، ما أثار تفاؤلاً بشأن تحسن الوضع الاقتصادي في البلاد.
تطوّرت العقوبات المفروضة على سوريا عبر السنوات لتشمل مجموعة واسعة من التدابير الاقتصادية والدبلوماسية، إلى جانب استهداف مباشر لأفراد وكيانات محددة.
وتُعد العقوبات الاقتصادية إحدى أبرز أدوات الضغط على النظام السوري، حيث فرضت الولايات المتحدة حظراً شبه شامل على التعاملات التجارية والمالية مع سوريا، يشمل ذلك حظراً على تصدير أو إعادة تصدير معظم السلع الأميركية إلى سوريا، باستثناء بعض المواد ذات الطابع الإنساني مثل الغذاء والدواء.
كما حُظر تصدير الخدمات الأميركية، بما فيها الاستشارات والتكنولوجيا، إلى الداخل السوري.
في المقابل، مُنع استيراد المنتجات السورية إلى الولايات المتحدة، وعلى رأسها النفط ومشتقاته، فيما فُرضت قيود مشددة على الاستثمارات الأميركية داخل سوريا، إلى جانب حظر المعاملات المالية عبر البنوك الأميركية ذات الصلة بالدولة السورية.
وتم أيضاً تجميد الأصول التابعة للحكومة السورية داخل الولايات المتحدة، ومنع الأفراد والشركات الأميركية من التعامل التجاري أو المالي مع مؤسسات النظام أو الشركات التابعة له.
أدت هذه التدابير إلى عزل سوريا فعلياً عن النظام المالي العالمي، إذ امتنعت معظم المصارف الدولية عن تنفيذ أي تحويلات مالية مرتبطة بسوريا، خشية التعرض للعقوبات الأميركية.
في عام 2020، فرضت الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات المشددة على سوريا بموجب ما عُرف بقانون قيصر.
واستهدف القانون بشكل خاص كل من يشارك أو يدعم جهود إعادة الإعمار في سوريا، سواء من الأفراد أو الشركات أو الدول، وفرض عقوبات على الأطراف الثالثة داخل وخارج البلاد ممن يتعاونون مع النظام السوري، بما في ذلك كيانات روسية وإيرانية مؤيدة له.
وأسهم قانون قيصر في تعميق عزلة النظام السوري على الصعيد الاقتصادي، وأدى إلى تراجع حاد في الاستثمارات الخارجية، خصوصاً تلك المرتبطة بإعادة الإعمار، ما فاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية داخل البلاد.
في عام 2022، أضيفت إلى منظومة العقوبات على سوريا إجراءات جديدة عُرفت باسم قانون الكبتاغون، وركّزت على مكافحة شبكات إنتاج وتهريب مخدر الكبتاغون التي يُتهم النظام السوري ومليشيات موالية له بالضلوع فيها.