في الحروب.. كما هي حال الحرب الراهنة بين إسرائيل وإيران، تجد المستثمرين في أسواق المال صنفين؛ جريء مغامر مقامر، وآخر مرتعش يتصبب عرقاً.. وهذه هي الأسواق تدور بين أموال جريئة وسيولة جبانة.
هناك دوماً مستثمرون يرقصون على جثث الفرص وآخرون يهربون من الخطر.. وفي أسواق المال «مقامرون وجبناء».. متداولون بين سيولة تراقص الصواريخ وأموال تحتضن الوسائد، فحين يتصاعد إيقاع الحرب لا ترتبك فقط الحدود والمطارات، بل ترتبك معها المحافظ الاستثمارية حول العالم. فالبورصات خلقت لبيئات آمنة لا تحب المفاجآت.. لكنها أيضاً تعرف كيف تتعامل مع الدراما.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وفي هذا الجو المشحون، ينقسم المستثمرون كما تنقسم الجيوش: فرقة اقتحام، وفرقة إنقاذ نفسي.
الأول: المغامر.. أو «المقامر الذكي»
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
هذا النوع يدخل السوق كما يدخل جندي نخبة إلى المعركة؛ يعرف موقع كل فخ، ويشتمّ رائحة الفرص حتى وسط الدخان.. تراه يركض إلى شركات السلاح، يقفز على أسهم الطاقة كأنها دبابة رابحة، ويتتبع الذهب كما تتبع القطة رائحة العشاء.
لكنه لا يفعل ذلك بعشوائية، بل بعين تراقب ونفس لا ترتجف بسهولة.. لا ينجرّ مع القطيع، بل يراقبه ثم يسبق خطاه، وإذا خسر؟ لا يبكي.. بل يعيد التموضع كما يفعل الجنرالات: «نخسر معركة.. نربح صفقة».
مشتريات المغامر
المغامر يشتري أسهم الدفاع والأسلحة، فشركات تصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية عادة ما تسجل قفزات في أسعار أسهمها.
المغامر يشتري أسهم الطاقة (النفط والغاز) فمع تصاعد التوترات الجيوسياسية ترتفع أسعار النفط والغاز نتيجة المخاوف من انقطاع الإمدادات.
المغامر يشتري الذهب والمعادن الثمينة، فدائماً يلجأ المستثمرون إلى الذهب باعتباره ملاذاً آمناً تقليدياً في فترات الحروب.
المغامر يشتري أسهم الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.
مبيعات المغامر
المغامر يبيع أسهم الطيران والسفر، فمع تزايد المخاطر الأمنية وارتفاع أسعار الوقود، تتعرض شركات الطيران لخسائر حادة.
المغامر يبيع أسهم الترفيه والضيافة، فالحروب تخلق مناخاً غير مستقر، ما يحدّ من إنفاق المستهلكين ويؤثر على الفنادق والمطاعم والشركات السياحية.
المغامر يبيع أسهم التكنولوجيا الاستهلاكية، فالشركات التي تعتمد على مبيعات إلكترونيات أو خدمات للمستهلك النهائي تتأثر عادة بسبب تراجع الثقة والإنفاق.
الثاني: الجبان.. أو ذو اليد المرتعشة
هذا النوع ينهار قبل أن ينهار السوق.. لا يبيع ولا يشتري من منطلق استثماري، بل يندفع للتخارج الفوري، فما إن يسمع خبراً عن صاروخ في مكان ما، حتى يهرع ليبيع كل شيء: الذهب، الأسهم، وربما حتى جهاز الحاسوب.
المرتعش يضع أمواله تحت الوسادة، يجلس يتابع الأخبار، ويتنهد بل ويتصبب عرقاً كلما قال المذيع: «الوضع متوتر».
تجده في زاوية المنصة يراقب المؤشر كما يراقب شخص فيلم رعب من بين أصابعه، وعندما يُسأل عن سبب الخروج يقول بثقة: «الاحتياط واجب»، لكنه لا يدري أن المال لم يخلق للاختباء تحت الوسائد، بل يحب أن يُخاطر به بعقل.
السوق تستوعب الجميع
السوق لا ينتظر أحداً، يتحرك بين من يغامر ومن يتفرج، يصنع فرصاً للبعض، ويصنع خيبات لمن تأخر، فالحروب تكشف معدن الإنسان، والسوق يكشف معدن المستثمر: هل هو مغامر ذكي قناص؟، أم «جبان»، ممن يقول «نقودي وأنا حرّ فيها»؟
والأرباح؟ لا تذهب دوماً لمن قرأ الأخبار جيداً، بل لمن قرأ السوق بعقل جريء وأيادٍ لا ترتعش، ففي زمن الحرب، لا يكن تحليلك كما هو في أوقات السلم.. بل اجعل عنوانك:«الحرب فرصة لا تنتظر».