«معانقة السراب».. حين يسقط المتداولون في فخ «خوارزميات العرض والطلب»

حين يسقط المتداولون في فخ «خوارزميات العرض والطلب» (شترستوك)
حين يسقط المتداولون في فخ «خوارزميات العرض والطلب»
حين يسقط المتداولون في فخ «خوارزميات العرض والطلب» (شترستوك)

البلوك اوردر BLOCK ORDER كتل أوامر الشراء والبيع أو (كتلة العرض والطلب) هي كهف الأسرار الخفي في أسواق المال والسر الأعظم الذي يحرّك كل شيء. ومَن يعرفه، ويفهم أنماطه، ويتحرى بصمته، ويفك طلاسمه يملك كل خيوط اللعبة.

البلوك أوردر حقيقة كبرى في التداول، وسراب أكبر.. كيف؟، نعم، فحال صدقت الأرقام وأصبحت ساحة التداول عادلة وأحجام العرض والطلب حقيقية غير مزيفة، فهي سر وسلاح مهم، أما حال كذبت الأرقام فهي الهلاك المبين.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

البلوك أوردر ليس مجرد أوامر بيع أو شراء ضخمة فقط، بل هي مناطق سعرية مخادعة وضعت بذكاء فائق، فهي أوامر شراء في باطنها بيع وأوامر بيع في باطنها شراء، حيث تخفي المؤسسات ما تنوي فعله ليوم التداول ككل في دهاليز أوامر شراء وبيع قصيرة الأجل مركبة بشكل معقد للغاية.

البلوك أوردر BLOCK ORDER هو إشارات مضللة قد تُحذف فجأة بعد أن يكون الأفراد قد اتخذوا مراكز بناء على حسابات هذه الأوامر، لذا فهي سر مهم لا يفهمه سوى المحترفين العارفين بالهيكل العام للسوق وطبيعة الحركة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

الرصيد صفر.. والحساب مغلق

في دهاليز أسواق المال منطقة رمادية تتحرك خلالها أوامر البيع والشراء بصمت دون أن تقرع لها أجراس وفي مواجهة هذه الكتلة المالية المتخفية يقف صانع السوق حارس السيولة وسيد دفاتر الأوامر، منطقة سعرية عند مستوى الدولار بها مليون دولار شراء نصف المليون بيع.. إذاً عليك أن تشتري استجابة لكتلة الطلب والعرض BLOCK ORDER ، هنا يقرر صانع السوق البيع عكس الاتجاه.. بالنهاية تخرج خاسر.

نعم.. تظن نفسك قد فهمت اللعبة.. هنا منطقة سعرية عند مستوى الدولار بها مليون دولار شراء نصف المليون بيع.. إذاً عليك أن تبيع عكس بيانات كتلة الطلب والعرض، هنا يقرر صانع السوق الشراء ويستجيب لكتلة الطلب والعرض BLOCK ORDER .. بالنهاية، تصاب بالذهول وتخرج خاسر.

في الحالتين تخسر!.. الرصيد صفر.. والحساب قد أغلق.

إذاً.. أين كتلة الطلب والعرض BLOCK ORDER الحقيقية وأين الواهية؟! لا أحد يعرف.

خوارزميات الأطر الزمنية

المؤسسات المالية التي تلعب دوراً استثمارياً بصناديقها الخاصة لا ترسل أمراً واحداً BLOCK ORDER صريحاً، بل تقسمه الى مئات الأوامر الصغيرة موزعة على أطر زمنية صغيرة (دقيقة، 5 دقائق، 15 دقيقة) تشكل في مجملها أمراً كبيرا BLOCK ORDER يعاكس الأطر الزمنية الصغيرة، وهنا تأتي حنكة التنفيذ لمؤسسة تسعى لشراء مليون سهم، لكنها لا تعلن نواياها. ترسل الأمر BLOCK ORDER عبر خوارزمية توزعه على مدار 4 ساعات وهو الإطار الزمني الأشهر بين المتداولين، حيث يكون الأمر بيعياً، وتجد صانع السوق يشتري ثم يشتري معه الأفراد، وفي لحظة معينة يعكس اتجاهه سريعاً لضرب أوامر وقف الخسارة تاركاً كل مراكز الأفراد خاسرة.

فالأوامر الشرائية على إطار زمني لخمس دقائق هي بالأساس بيعية على إطار زمني لربع ساعة وساعة وهكذا.

ما سبق ليس خيالاً روائياً بل تم توثيقه بدقة في أعمال مايكل لويس في كتابه Flash Boys وسكوت باترسون في كتابه Dark Pools، فقد كشف كتاب Flash Boys من تأليف مايكل لويس والمطبوع بتاريخ 31 مارس 2014 كيف تتلاعب المؤسسات بكتل العرض والطلب على مختلف الأطر الزمنية لتضليل المتداولين.

أما كتاب Dark Pools من تأليف سكوت باترسون والمطبوع بتاريخ 12 يونيو 2012 الذي تناول تطور منصات التداول وما تخفيه أوامر البيع والشراء وكيف تحولت من أدوات شفافة إلى سلاح بيد المؤسسات الكبرى بعيداً عن أعين المستثمرين العاديين.