بعد السقوط الحر.. هل انتهت سوق الرموز غير القابلة للاستبدال NFTs؟

هل انتهت سوق الرموز غير القابلة للاستبدال؟

تخيلوا أن يخسر أصلٌ ما نسبته 99.64 في المئة من قيمته، هذه نسبة هبوط سوق الرموز غير القابلة للاستبدال "NFTs" من ذروتها عام 2022، حتى اليوم، وبالأرقام هبطت القيمة السوقية من قمتها عند 424.3 مليار دولار في أغسطس 2022، إلى نحو 1.5 مليار دولار فقط اليوم، استناداً إلى بيانات موقع "كوين ماركت كاب" الذي يُحصي قيمة 7353 رمزاً، فهل اندثرت هذه السوق كلياً؟

سوق الـNFTs.. مشهد متكرر لفقاعة الدوت كوم

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

بين 1995 و2000، شهد مؤشر ناسداك الأميركي المعروف بأنه بيت شركات التكنولوجيا قفزة ضخمة رفعته من مستويات دون 1000 نقطة إلى أكثر من خمسة آلاف نقطة، مدفوعاً بالارتفاع الضخم لأسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، مدعومة بالسيولة الهائلة التي قام كبار المستثمرين بضخها طمعاً بأرباح ثورة الإنترنت حينها.

لكن عام 2000، انفجرت فقاعة الدوت كوم المعروفة أيضاً بفقاعة الإنترنت، ماحية أكثر من 76 في المئة خلال عام من قيمة ناسداك، إثر هبوط قياسي لأسهم شركات التكنولوجيا على رأسها أوراكل وسيسكو وإنتل وغيرها، حيث فقدت هذه الشركات ما يوازي 80 في المئة من قيمتها.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

هذا السيناريو شبيه جداً –ولو بفرق ضخم بالأرقام- بما حصل في سوق الرموز غير القابلة للاستبدال، التي حازت شعبية ضخمة إبان انتشار فيروس كورونا، لتبدأ صعودها حينذاك مرتفعة من 7 مليارات دولار بداية عام 2020، إلى أكثر من 424 مليار دولار في أغسطس 2022، مدعومة بالمكاسب التاريخية التي شهدتها سوق العملات المشفرة حينذاك.

السقوط الحر

فورة الرموز غير القابلة للاستبدال لم تقاوم كثيراً في قممها، فالسقوط الحر خلال شهر واحد من 424 مليار دولار إلى نحو 89 مليار دولار كان بداية لسقوط أكبر تبخرت على إثره المليارات، وجاء متبوعاً أيضاً بهبوط سوق العملات المشفرة حينذاك الذي أعلن سقوطاً أبكر بهبوطه الذي بدأ نهاية 2021 من مستويات قرب 2.9 تريليون دولار إلى أقل من 860 مليار دولار في أكتوبر 2022.

هذا السقوط الذي وصف بأنه أكبر انهيار تاريخي في السوق الرقمي، كان وراءه أسباب عدة، أبرزها التضخم المرتفع الذي أعقب انتشار كورونا –والذي أنذر برفع كبير لأسعار الفائدة وهو ما شهدناه بالفعل، إضافة إلى النكسات المتتالية لمنصات وشركات ضخمة مختصة بمجال التشفير أمثال "لونا" و"إف تي إكس"– اللتين محيتا عشرات المليارات من الدولارات لآلاف المستثمرين، ما دفع لهجرة واسعة النطاق للأصول المشفرة عالية المخاطر وقليلة التنظيم حينذاك.

لكن السؤال الأبرز اليوم، هل تعود سوق الرموز غير القابلة للاستبدال كما عادت سوق العملات المشفرة بصورة أقوى مما كانت عليه سابقاً؟

الأرقام التي نراها اليوم لا تؤشر لذلك، أقله على المدى القريب، فغياب السيولة والطلب العالي عليها إضافة إلى غياب الزخم الإعلامي لها وتفضيل العملات المشفرة حتى من المجتمعات التي سبق أن تبنتها سابقاً، لا ينذر بتعافٍ قريب.

هبوط حجم التداول

فالركود العميق الذي يتجلى في بيانات موقع "أوبن سي" وهو أكبر منصة لهذه الأصول، يشير إلى هبوط حجم التداول من أكثر من 200 مليون مستخدم في 2022 إلى أقل من خمسة ملايين اليوم.

أضف إلى ذلك، أن نحو 95 في المئة من الرموز الشهيرة التي تجاوزت عام 2022 مستويات فوق 300 ألف دولار و400 ألف دولار يتم بيعها اليوم بدولارات زهيدة، أمثال رموز مشاريع "كريبتو بانكس" التي بيعت إحدى رموزها بأكثر من 11 مليون دولار، سعرها اليوم أقل من 50 ألف دولار، حتى أن بعضها انخفضت قيمته من 30 ألف دولار إلى أقل من 600 دولار، كرمز "ميتبيتس".

في الخلاصة، السيولة التي شهدناها عام 2022 خرجت تماماً اليوم من السوق وسط الإقبال الجماهيري على العملات المشفرة للذين يحبون المخاطرة، خصوصاً بعد الدعم الذي تلى انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب للبيتكوين وأخواتها، إضافة إلى الإقبال المؤسساتي الذي تشهده البيتكوين، مقابل غياب هذا العامل تماماً من سوق الرموز غير القابلة للاستبدال، لذا مما لا شك فيه أن التعافي إن حصل سيكون بطيئاً ومحدوداً جداً فيما لو قمنا بمقارنته بأيام الذروة، والتنظيم القانوني لهذه السوق، لا بد أن يوضع على الطاولة العالمية للمشرعين، كي لا تبقى هذه الرموز مجرد فكرة.