تتعرض البنية التحتية تحت البحر في أوروبا لسلسلة من الحوادث منذ 2022، ما يثير مخاوف من هجمات تخريبية تستهدف أمن الطاقة والاتصالات.
هجوم جديد في بحر البلطيق
أعلنت لاتفيا، يوم الأحد، عن تعرض كابل بحري ينقل البيانات بين السويد ولاتفيا للتلف، على الأرجح بسبب «قوة خارجية».. هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، بل تأتي ضمن سلسلة حوادث استهدفت البنية التحتية الأوروبية تحت البحر، من أنابيب الغاز إلى كابلات الكهرباء والبيانات، ما أثار تساؤلات حول مدى هشاشة هذه الشبكات أمام التهديدات الخارجية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
تصاعد الشكوك حول أعمال تخريبية
منذ أواخر عام 2022، ازدادت وتيرة الحوادث التي تستهدف أنابيب الغاز وكابلات الاتصالات في بحر البلطيق، ما دفع المسؤولين الأوروبيين إلى فتح تحقيقات واسعة.
بعض المسؤولين الأوروبيين لم يترددوا في توجيه أصابع الاتهام إلى موسكو، معتبرين أن هذه العمليات قد تكون جزءاً من استراتيجية روسية لزعزعة استقرار أوروبا.
في المقابل، نفت روسيا أي علاقة لها بهذه الحوادث، معتبرة أن «تهديدها» مجرد ذريعة لتعزيز الوجود العسكري لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في المنطقة.
ورغم أن التأثير على تدفقات الغاز الطبيعي والكهرباء والبيانات كان محدوداً حتى الآن، فإن هجوماً منسقاً على كابلات البيانات يمكن أن يشل البنية التحتية للاتصالات، ما يعطل العمليات الجراحية في المستشفيات، ويؤثر على استجابة الشرطة، بل ويؤدي إلى انهيار قطاعات اقتصادية حيوية.
ما الذي يحدث في بحر البلطيق؟
بدأت الحوادث الكبرى في عام 2022، بعد أشهر من الحرب الروسية الأوكرانية؛ كان الحدث الأبرز هو انفجار خط أنابيب نورد ستريم 1، الذي ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا، إلى جانب تضرر خط أنابيب نورد ستريم 2.. رغم أن الخطين لم يكونا في الخدمة حينها، فإنهما كانا يحتويان على الغاز تحت ضغط مرتفع، ما أدى إلى انفجارات ضخمة أثارت قلق أوروبا.
أثبتت التحقيقات أن الحادث كان نتيجة «عمل تخريبي»، ما دفع السويد إلى فتح تحقيق رسمي.. وفي أغسطس آب 2023، أصدرت ألمانيا مذكرة اعتقال دولية بحق شخص أوكراني مشتبه به في تنفيذ التفجيرات.
لاحقاً، في أكتوبر تشرين الثاني 2023، تعرض خط أنابيب الغاز «Balticconnector» بين فنلندا وإستونيا إلى تسريب غامض، تبعه حادث قطع كابلين بحريين للإنترنت في نوفمبر تشرين الثاني، أحدهما يربط السويد بليتوانيا، والآخر بين فنلندا وألمانيا، وفي بيان مشترك، قال وزراء خارجية فنلندا وألمانيا إن الحادث «يثير الشبهات على الفور»، مشيرين إلى أن الأمن الأوروبي مهدد.
وفي 25 ديسمبر كانون الأول، تعطل كابل طاقة بين فنلندا وإستونيا، مما دفع السلطات الفنلندية إلى احتجاز ناقلة النفط الروسية «Eagle S»، التي كانت متوجهة إلى تركيا، للاشتباه في أنها تسببت في الضرر عبر سحب مرساتها على الكابل.
ما حجم المخاطر؟
تتمتع البنية التحتية للكابلات في أوروبا بمستوى عالٍ من المرونة، ما يسمح بإعادة توجيه البيانات والطاقة عبر كابلات بديلة.. لكن بعض المناطق النائية، مثل الجزر القريبة من اسكتلندا والنرويج، تعتمد على كابل واحد أو اثنين فقط، ما يجعلها أكثر عرضة للخطر.
تكاليف إصلاح هذه الأضرار ليست بسيطة، إذ قد تستغرق العمليات شهوراً وتكلف ملايين الدولارات.. حتى الأضرار الطفيفة قد تعرقل التجارة الإلكترونية، وتؤخر عمليات التسليم، وتحرم عشرات الآلاف من الوصول إلى خدمات الإنترنت والترفيه.
وفي ظل هذه التهديدات، شدد الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، على أهمية «حماية البنية التحتية الحيوية»، مؤكداً أن ذلك ضروري «لتأمين إمدادات الطاقة وحركة الإنترنت»، خاصة أن أكثر من 95 في المئة من حركة الإنترنت العالمية تمر عبر الكابلات البحرية.
(آنا كوبان- CNN)