فعل الرئيس دونالد ترامب بالضبط ما قال إنه سيفعله، إنه يشن حروباً تجارية ويحاول إغلاق الحدود ويدمر البيروقراطية الأميركية الراسخة، وهذا كله لإرضاء الناخبين المهمشين بسبب حرية التجارة العالمية، وهجوم المهاجرين على وظائفهم، وضعف الاستفادة من خطط التمويل الحكومية غير الكفؤة.
إن إيمان ترامب بالرسوم الجمركية يمثل مقامرة ضخمة، فهي الأداة التي ساعدت في تسريع حدوث الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن العشرين، وربما تدفع بعض الشركاء التاريخيين للولايات المتحدة إلى أحضان الصين.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
كتب نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، على منصة (إكس) مساء السبت «عندما ينتخب الشعب رئيساً ثم يفعل ما وعد به، فهذه ديمقراطية، وعندما يحبط البيروقراطيون غير المنتخبين الرئيس، فهذا حكم الأقلية، يرفض الرئيس ترامب الرضوخ لهذه الأقلية، لذلك أربطوا أحزمة الأمان!».
ولكن تنفيذ مطالب الأغلبية له ثمن، وقد ولت أيام المد العالي الذي يرفع كل القوارب.
في الخارج يهدد هذا التوجه بتقويض الزعامة الأميركية التقليدية للعالم الغربي والالتزامات التي حددتها البلاد لنفسها منذ فترة طويلة، والتي تشكل أهمية حيوية لعمل الاقتصاد العالمي، وفي الداخل أدت عمليات التطهير السريعة لموظفي الحكومة الفيدرالية وقرارات وقف الإنفاق غير المدروسة إلى تعطيل المساعدات الفيدرالية التي تشكل أهمية بالغة لرفاهة الملايين من المواطنين.
لذلك تزداد التساؤلات حول ما إذا كانت الحلول الجذرية لترامب سوف تعمل على إصلاح أي من المشكلات التي انتُخِب لحلها.
كتب الرئيس على موقع تروث سوشيال أمس الأحد «اصنع منتجك في الولايات المتحدة ولن تكون هناك تعريفات جمركية!»، وتسأل «لماذا تخسر الولايات المتحدة تريليونات الدولارات في دعم الدول الأخرى؟».
قال لاري سامرز، وزير الخزانة في عهد الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون، لشبكة سي إن إن «هذا جرح ذاتي للاقتصاد الأميركي، أتوقع أن يكون التضخم على مدى الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة أعلى نتيجةً لهذه التصرفات، لأن مستوى الأسعار يجب أن يرتفع عندما تفرض ضريبة على السلع التي يشتريها الناس».
إن التجميد المؤقت للإنفاق الفيدرالي يمكن أن يكون خطيراً أيضاً، وقد عرفنا الأسبوع الماضي شكل الفوضى التي قد تحدث إذا اختفت الخدمات الفيدرالية التي يعتمد عليها الملايين.
ردود انتقامية
قالت كندا يوم السبت إنها ستفرض رسوماً جمركية انتقامية على أكثر من 100 مليار دولار من الواردات الأميركية، وحث العديد من قادة الأقاليم الكندية المواطنين على بدء مقاطعة المنتجات الأميركية.
وتعهدت المكسيك بإعلان ردها على قرارات الولايات المتحدة اليوم الاثنين، وأكدت الرئيسة كلوديا شينباوم، أمس الأحد، أن المحادثات، وليست المواجهة، هي أفضل السبل لحل المشكلات، مع التحذير من أن «السيادة غير قابلة للتفاوض».
والبلدان هما أفضل أصدقاء أميركا، حيث تتمتع الولايات المتحدة بأشمل شراكة تجارية ممكنة مع البلدين عبر اتفاقية التجارة الحرة القارية التي وقعها ترامب نفسه في فترته الأولى.
وفي حين أن المكسيك وكندا في وضع تفاوضي ضعيف بسبب اقتصاديهما الأصغر حجماً نسبياً مقارنةً بالولايات المتحدة، فإنهما لا تزالان قادرتين على إلحاق الأذى بالولايات المتحدة، فقد تؤدي التعريفات الجمركية الانتقامية التي فرضتاها إلى رفع أسعار السلع الرئيسية، على عكس تعهد ترامب بخفض تكاليف البقالة للمتسوقين الأميركيين.
كما تضر هجمات ترامب الجمركية على كندا مشروعاً دام عقوداً من الزمان لدمج الاقتصادين الأميركي والكندي، وهو جزء من هدف أوسع للسياسة الخارجية الأميركية يتمثل في بناء نظام عالمي قائم على الدول الديمقراطية الحرة.
ووصفت وزيرة المالية الكندية السابقة، كريستيا فريلاند، إجراءات ترامب، لشبكة سي إن إن أمس الأحد «إنه عمل من أعمال الحرب الاقتصادية، هذا هجوم مباشر على سيادتنا».
وأضافت فريلاند، المرشحة لزعامة الحزب الليبرالي الكندي، وبالتالي من المتوقع أن تحل محل ترودو كرئيسة للوزراء «سوف يندهش الأميركيون من الرد الكندي، نحن غاضبون».
قال نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس «اربطوا أحزمة الأمان!»، لكنه لم يفصح عن اتجاه الطائرة.