انخفاض معدلات الزواج في الصين يعمق الأزمة الديموغرافية والاقتصادية

يان تشنغ مينغ، 94 عاماً، يقبل يد زوجته تشو سو تشينغ، 90 عاماً، خلال حفل زفافهما الذي أقامه بعد أن استطاع تحمل تكاليفه الباهظة بعد سبعين عاماً من الزواج، في مقاطعة سيتشوان، الصين. رويترز
انخفاض معدلات الزواج في الصين يعمق الأزمة الديموغرافية والاقتصادية
يان تشنغ مينغ، 94 عاماً، يقبل يد زوجته تشو سو تشينغ، 90 عاماً، خلال حفل زفافهما الذي أقامه بعد أن استطاع تحمل تكاليفه الباهظة بعد سبعين عاماً من الزواج، في مقاطعة سيتشوان، الصين. رويترز

انخفض عدد الزيجات الجديدة المسجلة في الصين إلى أدنى مستوى في التاريخ في عام 2024، على الرغم من الجهود الحكومية لتشجيع الشباب على الزواج وإنجاب الأطفال لوقف الانحدار الديموغرافي في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وفقاً للبيانات الصادرة يوم السبت عن وزارة الشؤون المدنية الصينية، تم تسجيل نحو 6.1 مليون زيجة جديدة في عام 2024، وهو انخفاض بنسبة 20.5 في المئة عن العام السابق، ويمثل هذا أدنى مستوى قياسي منذ بدأت الوزارة في إصدار الإحصاءات في عام 1986.

يشكل انخفاض الزيجات والمواليد تحدياً اقتصادياً صعباً لبكين التي تكافح انخفاض نسبة القوى العاملة إلى إجمالي السكان، وزيادة معدلات شيخوخة السكان، هذا في اقتصاد متباطئ بالفعل.

وبهذا يكون عام 2023 هو الاستثناء الوحيد لعقد كامل من الانخفاض الحاد المستمر في عدد الزيجات الجديدة بدأ عام 2013 ومستمر حتى الأن.

وسجل عام 2013 نحو 13 مليون حالة زواج جديدة، أي أكثر من ضعف المعدل الحالي.

أظهرت البيانات الصادرة يوم السبت أيضاً زيادة طفيفة في عدد حالات الطلاق، حيث سجل العام الماضي ما يقرب من 2.6 مليون طلب طلاق، بزيادة قدرها 28 ألف حالة على عام 2023.

وفرضت الصين فترة "تهدئة" مدتها 30 يوماً على الأشخاص الذين يتقدمون بطلبات الطلاق منذ عام 2021.

وتأثير تراجع معدلات الزواج واضح على التعداد الصيني الذي انكمش لثالث سنة على التوالي.

وعلى مستوى القوى العاملة انخفض عدد السكان في سن العمل (بين 16 و59 عاماً)، بمقدار 6.83 مليون العام الماضي، بينما استمر عدد السكان الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً في الزيادة، ليشكلوا 22 في المئة من إجمالي السكان.

لوقف هذا الانحدار طرح المسؤولون الصينيون مجموعة من التدابير، من الحوافز المالية إلى الحملات الدعائية، لدفع الشباب إلى عقد القران وإنجاب الأطفال.

ونظم المسؤولون فعاليات مواعدة بين الغرباء الراغبين في الزواج وحفلات زفاف جماعية، وحاولوا الحد من تقليد دفع مهر كبير للعروس، الذي جعل الزواج بعيداً عن متناول العديد من الرجال الفقراء في المناطق الريفية.

حتى إن بعض الحكومات المحلية وزعت حوافز نقدية للأزواج الشباب من أجل الترغيب في الزواج.

منذ عام 2022 أطلقت جمعية تنظيم الأسرة الصينية برامج "ثقافة الزواج والإنجاب في عصر جديد"، وبدأت عشرات المدن في الترويج لـ"القيمة الاجتماعية للإنجاب" وتشجيع الشباب على الزواج والإنجاب في "سن مناسب"، لكن حتى الآن فشلت هذه السياسات في إقناع الشباب الصينيين الذين يعانون من ارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع تكاليف المعيشة، ونقص الدعم الاجتماعي القوي وسط التباطؤ الاقتصادي.

يؤجل الكثيرون قرار الزواج والإنجاب، بل إن عدداً متزايداً من الشباب يختارون تجنبهما تماماً.

"الحياة مرهقة للغاية، فكيف يمكن أن يمتلك أحدنا الشجاعة للزواج؟"، هكذا قال أحد أبرز المعلقين على منصة التواصل الاجتماعي الصينية (ويبو) أمس الأحد، رداً على بيان انخفاض معدلات الزواج إلى أدنى مستوى في التاريخ.

يرجع الانخفاض في كل من الزيجات والمواليد جزئياً إلى عقود من السياسات المصممة للحد من النمو السكاني في الصين، ما أدى إلى انخفاض عدد الشباب في سن الزواج، وفقاً لمسؤولين وعلماء اجتماع صينيين.

في عام 2015 أعلنت الصين عن إنهاء سياسة الطفل الواحد التي استمرت لعقود من الزمان، ما يعني السماح للأزواج بإنجاب طفلين، ثم زاد الرقم المسموح به إلى ثلاثة أطفال في عام 2021، لكن معدلات الزواج والولادة استمرت في الانخفاض.

والأمر لا يرتبط بأعداد الشباب في سن الزواج فقط، فالصين تشهد تغيراً ثقافياً أيضاً، خاصةً بين الشابات اللاتي أصبحن أكثر تعليماً واستقلالاً مالياً، وأصبحن أقل تقبلاً للتقاليد الصينية التي تُلزم المرأة بمسؤولية رعاية الأطفال والأعمال المنزلية.