طوابير طويلة تمتد لساعات في حديقة حيوانات في تايلاند مليئة بالزوار الذين جاؤوا لرؤية مو دينج، فرس النهر القزم الذي أصبح ظاهرة على الإنترنت بعد ولادته في يوليو 2024.
أصبح مو دينج الآن علامة تجارية بذاته، حيث تبيع حديقة حيوان كاو خياو المفتوحة بضائع تحمل صورته، وأصدرت أغنية بصوته.
في الوقت نفسه أصبح بيستو، طائر البطريق الملكي الصغير، مشهوراً لدرجة أن كثير من مشاهير الغناء، مثل أوليفيا رودريغو وكاتي بيري، سعوا لمقابلته.
ولكن ماذا يحدث عندما تصبح هذه الحيوانات اللطيفة أقل جاذبية؟ لقد بدأت حديقة أسماك سي لايف ملبورن بالفعل في التخطيط للمرحلة التالية من حياة بيستو، والإجابة عن أسئلة الجمهور حول مظهره المتغير.
من الطبيعي أن تفقد طيور البطريق الملكية ريشها المُفضل للجماهير ببلوغ العام الأول، ونتيجة لذلك يقول متحدث باسم الحديقة إن الضيوف بدؤوا يسألون لماذا يبدو بيستو مختلفاً أو لماذا لا يمكنهم العثور عليه على الإطلاق «نستقبل بعض الضيوف الذين يعتقدون أننا أبعدناه عن العرض تماماً، يقضي الفريق معظم الوقت في تعريف الضيوف به لأنه يبدو مختلفاً جداً الآن».
خلاصة القول هي إن الحيوانات الصغيرة اللطيفة تكسب الكثير من المال.
تذاكر الدخول ليست سوى نقطة البداية في الإيرادات، حيث تقدم العديد من حدائق الحيوان والأسماك باقات خاصة للزوار من الأطفال، مثل باقة «خلف الكواليس» أو باقة «حارس حديقة الحيوان ليوم واحد» بأسعار أعلى بكثير.
ويتمكن الطفل «حارس الحديقة ليوم واحد» من رعاية الحيوانات وإطعامها والتعامل المباشر معها تحت إشراف حارس مُخضرم، وفي منتصف اليوم يحصل على راحة غذاء مثل أي حارس تقليدي، بينما تستهدف باقة «خلف الكواليس» المهتمين بحقوق الحيوان والعلماء الأكاديميين والأطفال الذين يرغبون في الالتحاق مستقبلاً بهذه المجالات.
في حديقة الحياة البحرية بملبورن، تبدأ أسعار تذاكر الدخول العادية من 51 دولاراً، بينما يبلغ سعر «جواز سفر البطريق» 199 دولاراً، لأنه يضمن للزائر جولة لمدة 45 دقيقة في منطقة الطيور وإلقاء نظرة على كيفية تحضير طعامها.
لكن المصدر الرئيسي لإيراد الحدائق هو المنتجات مثل الألعاب والحيوانات المحشوة بالقطن والقمصان والألعاب المغناطيسية التي توضع على الثلاجة وسلاسل المفاتيح وكتب الأطفال وغيرها من المنتجات التي تعتمد على العلامة التجارية للحديقة وحيوانات الحديقة.
أكد ممثل حديقة الحياة البحرية بملبورن لشبكة (سي إن إن) أن الطلب على دمى البطريق المحشوة كان شديداً لدرجة أن الحديقة اضطرت إلى «سحب المخزون من جميع أنحاء العالم» لمواكبة الطلب، وهذا كله بسبب شهرة البطريق بيستو.
لا شيء من هذا مفاجئ لنيل كار، من قسم السياحة بجامعة أوتاجو بنيوزيلندا «بالطبع الزوار ليسوا المصدر الوحيد للإيرادات، للخروج من أي حديقة حيوان أو أسماك في العالم الآن عليك المرور عبر المتجر».
كما يشير كار إلى «الأرض الخلفية» في حدائق الحيوان، حيث أصبحت رحلة «خلف الكواليس» مصدراً جديداً للدخل، حيث يحب الكثير من الزوار رؤية كل ما يفعله الموظفون خلف الكواليس، من رعاية الحيوانات المريضة إلى تنظيف فضلاتها.
بينما يعتقد الزوار المهتمون بالتعليم والحفاظ على البيئة أنهم يقومون بشيء جيد بدفع ثمن جولة خلف الكواليس، يخبرنا كار أنها مجرد نوع مختلف من الدعاية «إنها مجرد طريقة لكسب المزيد من المال، هذه كواليس مصطنعة، إن العمل الحقيقي لحدائق الحيوان لا يُسمح للجمهور برؤيته».
يمكن أن يخلق حيوان واحد المد العالي الذي يرفع جميع القوارب.
يقول كار إن القليل من الأشياء يمكن أن تجلب المزيد من الاهتمام والإيرادات إلى حديقة الحيوان، مثل طفل باندا.
أوشن بارك، منتزه ترفيهي وحديقة حيوان وأسماك في هونغ كونغ، يرعى إلى جانب حيوانات أخرى، ينغ ينغ، أكبر أنثى باندا في الحديقة، والتي أنجبت توأم في نوفمبر 2024، ما دفع المدينة إلى حالة من هوس بالباندا.
قامت الحديقة بإشعال هذا الهوس عبر نشر صور التؤام (ذكر وأنثى) على وسائل التواصل الاجتماعي، ونجحت في إبقاء الناس منخرطين ومهتمين بالجيل الجديد من الباندا رغم أن الطفلين لن يشاركا في عروض الباندا في الحديقة حتى 16 فبراير الحالي.
أشار فرانكلين لو، رئيس التسويق في حديقة أوشن بارك، إلى الباندا باعتبارها علامة تجارية لها حقوق ملكية فكرية في مقابلة حديثة مع شبكة سي إن إن.
وهكذا تساوت الحيوانات مع شخصيات الثقافة الشعبية مثل أبطال أفلام مارفيل أو حرب النجوم، فالجميع يمتلك حقوقاً ملكية فكرية لا يمكن استخدامها إلا بتفويض من مالكيها.
تقوم حديقة أوشن بارك بتثقيف الضيوف وتعريفهم بالشخصيات المختلفة للحيوانات، وهكذا يمكن للزوار «إيجاد رابط بين شخصياتهم وشخصية أي فرد من عائلة الباندا، بالطريقة نفسها التي ينشأ بها الارتباط بين الجمهور وعضو مفضل في فرقة موسيقية»، وفقاً لفرانكلين لو «يتطور ارتباط عاطفي أعمق بين الضيوف الذين يعرفون الباندا منذ ولادتها».
وتؤكد متاجر الهدايا التذكارية في أوشن بارك هذه النظرية، لم تعد هناك بضائع وأكواب وألعاب محشوة تحمل صورة الباندا فقط، بل أصبح كل منتج مخصصاً لفرد باندا محدد.