في الثامن من ديسمبر 2024، سقطت دمشق في أيدي المعارضة السورية، ومع انهيار نظام بشار الأسد، الذي دام لـ24 عاماً، يأمل المشغلون المحليون مثل أيوب الصمادي، مؤسس شركة سوريا سكوب ترافيل، في تنشيط صناعة السياحة المُدمرة في سوريا.
وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، استأنفت شركات الطيران الدولية بما في ذلك الخطوط الجوية القطرية والخطوط الجوية التركية عملياتها في دمشق.
ورغم أن حكومات عديدة تنصح مواطنيها بعدم زيارة سوريا، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، فإن شركات السفر المغامر قررت وضع جدول للرحلات إلى سوريا على مدار الأشهر المقبلة.
بعد ستة أسابيع فقط من إطاحة المعارضة بالأسد، رحب الصمادي بأول فوج سياحي على الحدود اللبنانية السورية في منتصف يناير كانون الثاني، وقال من دمشق «بسبب الحرب أصبح كل العالم يعرف سوريا، وبسبب رحيل الأسد سوف تنمو السياحة بسرعة كبيرة، وبمجرد أن تتوقف الحكومات عن قول (لا تذهب إلى سوريا) سوف يزدهر القطاع».
جيمس ويلكوكس، مؤسس شركة الحدود الجامحة، وهي شركة متخصصة في الوجهات الغريبة، قرر إرسال أول وفد سياحي إلى سوريا في أبريل 2025، «في عام 2010، زار أكثر من 10 ملايين سائح سوريا، السياحة أداة قوية بشكل لا يُصدق لمساعدة البلدان على التعافي من سنوات الحرب، خاصةً بعد أن تم تدمير العديد من الصناعات الأخرى».
قبل الحرب الأهلية كانت السياحة تُشكل 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا، حيث كان السياح يقبلون على المواقع الأثرية القديمة مثل تدمر، وهي مدينة يونانية رومانية دمر معظمها تنظيم الدولة الإسلامية، بالإضافة إلى القلاع التي تعود إلى عصر الحروب الصليبية مثل قلعة الحصن، وتعد دمشق العاصمة واحدة من أقدم مدن العالم المأهولة بالسكان بشكل مستمر، أما فيما يخص السياحة الترفيهية فساحل البحر الأبيض المتوسط بمياهه الفيروزية يفي بالغرض.
افتتح عدنان حباب، مدير شركة نوافير للسفر والسياحة، فندق بيت الزعفران في منزل عثماني يعود تاريخه إلى عام 1836 في مدينة دمشق القديمة، التي تم إدراجها في قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2010.
قبل اندلاع الصراع كانت غرف فندق حباب محجوزة بالكامل، ولكنه أغلق الأبواب الخشبية التاريخية لفندقه عندما اندلعت الحرب، الآن أعاد حباب فتح أبواب فندقه وينظم جولات لربيع 2025.
تتكون الحكومة السورية المؤقتة من تحالف بقيادة هيئة تحرير الشام، والتي لا يُقدرها العالم الغربي حتى الآن، ويُقدر الصليب الأحمر أن 90 في المئة من السوريين يعيشون في فقر وأن 76 في المئة من السوريين يواجهون نقصاً في التغذية بفضل سنوات الحرب والعقوبات الدولية، مع ذلك تأمل شركات السياحة الدولية، التي تحدثت معها سي إن إن ترافيل، في انتعاش سريع.
عاد ديلان هاريس، مؤسس شركة الرحلات البريطانية، لوبين ترافيل، للتو من رحلته لتقييم الوضع الأمني في سوريا، قبل بدء إرسال أفواجه السياحية في مايو.
قال هاريس "المناطق التي نزورها أصبحت أكثر أماناً مقارنةً بالأعوام الأربعة عشر السابقة، البلاد مستقرة حالياً، والأمور سوف تصبح أكثر وضوحاً في مارس آذار وأبريل نيسان مع استمرار استقرار الحكومة الانتقالية.
وقال ويلكوكس من شركة «الحدود الجامحة» إن المستويات الحالية من «الاستقرار النسبي» واعدة، وأضاف ويلكوكس، الذي يتمتع بخبرة سنوات في تنظيم الجولات السياحية في (مناطق ما بعد الصراع) بما في ذلك الصومال والشيشان، إن شركته سوف تستغل خبراتها للحد من المخاطر إلى «ما نعتقد أنه مستوى مقبول».
ويقول منظمو الرحلات مثل لوبين والحدود الجامحة إنهم سوف يستعينون بمشغلين محليين من ذوي الخبرة وشبكة من المتعاونين السوريين من أجل تخفيف المخاطر التي تواجه ضيوفهم.
قال هاريس من شركة لوبين ترافيل إن دمشق قادرة على إعادة تشغيل صناعة السياحة بسرعة «البنية الأساسية موجودة، وخرجت معظم المواقع السياحية سالمة نسبياً من الحرب الأهلية، ونجا الكثير من الفنادق، ولا يزال العديد من المرشدين والسائقين هناك».
نظم حباب في عام 2017 جولات سياحية لهؤلاء المغامرين الذين يريدون إلقاء نظرة خاطفة على الحياة في سوريا تحت حكم نظام الأسد، «هذا الاتجاه سيستمر»، حيث يشمل برنامج الرحلات لعام 2025 بالفعل سجن صيدنايا الشهير، ومدن مثل حلب وحمص التي دُمرت بالكامل تقريباً.
قال حباب «نحن بحاجة إلى تحويل السجون إلى متاحف، سيساعد ذلك الناس على فهم أنه عندما ركب السوريون القوارب إلى أوروبا أو فروا إلى أميركا الشمالية، كان لديهم سبب للقيام بذلك، كان لديهم ما يخشونه».
ويريد الصمادي أن يزور السياح مواقع مثل تدمر، والتي قال إنها تحمل تاريخ سوريا بين أنقاضها المدمرة، وقال لسي إن إن ترافيل «سيرغب السياح في معرفة المزيد عن الحرب، لهذا السبب اصطحب الناس إلى تدمر، دمرت داعش المعابد في عام 2014، ولكن الآن يتم إعادة ترميمها وبنائها، ببساطة تدمر هي قصة سوريا».