الشركات الأميركية تُخفض أكبر عدد من الوظائف في فبراير منذ 2009

الشركات الأميركية تُخفض أكبر عدد من الوظائف في فبراير منذ 2009

ساعدت التخفيضات الفيدرالية الضخمة التي أقرتها إدارة ترامب إلى جانب تنامي مشاعر عدم اليقين الاقتصادي في ارتفاع عمليات التسريح إلى مستويات تشبه فترات الركود، وفقاً لبيانات جديدة صدرت يوم الخميس.

أعلنت الشركات الأميركية عن خطط لخفض 172,017 وظيفة الشهر الماضي، بزيادة 103% على يناير، وهو أعلى معدل لشهر فبراير منذ عام 2009، وفقاً لتقرير تخفيضات الوظائف الشهري الصادر عن شركة «تشالنجر، غراي & كريسماس».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

يُعد هذا الرقم ثاني عشر أعلى إجمالي شهري في تاريخ بيانات «تشالنجر» الممتد على 32 عاماً، ووقّعت جميع الحالات الـ11 السابقة (أربع منها خلال جائحة كوفيد-19) عندما كان الاقتصاد الأميركي في حالة ركود.

وكانت أكبر نسبة من تخفيضات الوظائف في القطاع الحكومي، حيث قامت وزارة الكفاءة الحكومية التي تم إنشاؤها حديثاً بتسريح عدد كبير من الموظفين، وخفض الإنفاق الفيدرالي، وإلغاء العقود.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وبحسب تقرير «تشالنجر»، تم الإعلان عن 62,242 عملية تسريح في 17 وكالة فدرالية، بزيادة هائلة بلغت 41,311% مقارنة بـ151 عملية تسريح فقط حتى فبراير 2024.

لم تقتصر تأثيرات الوزارة الجديدة على القطاع العام فحسب، إذ أدى فقدان التمويل للمنظمات غير الربحية إلى إلغاء 894 وظيفة إضافية.

أما خارج القطاع الحكومي، فكانت أكبر عمليات التسريح في قطاعات التجزئة (38,956 وظيفة)، والتكنولوجيا (14,554 وظيفة)، والمنتجات الاستهلاكية (10,625 وظيفة).

وقال غريغوري داكو، كبير الاقتصاديين في شركة EY Parthenon: «هذا التقرير يدعو للقلق، حيث إن التخفيضات الحكومية وحدها تشكل ثلث إجمالي تسريحات العمال، ما يشير إلى تحول في طريقة تعامل الشركات مع سوق العمل».

أسباب تسريح العمال وتأثيراتها

جاءت معظم التخفيضات بسبب إجراءات وزارة الكفاءة الحكومية (63,583 وظيفة)، تليها حالات الإفلاس (35,172 وظيفة)، والظروف الاقتصادية (28,098 وظيفة)، وإعادة الهيكلة (16,828 وظيفة).

وصرّح أندرو تشالنجر، نائب الرئيس الأول في «تشالنجر، غراي & كريسماس»: «مع تأثير إجراءات الوزارة الجديدة، وإلغاء العقود الحكومية، والمخاوف من الحروب التجارية، وارتفاع حالات الإفلاس، شهد شهر فبراير قفزة كبيرة في عمليات تسريح العمال».

جانب إيجابي وسط الأزمة

تضمن التقرير نقطة مضيئة، حيث ارتفعت خطط التوظيف في فبراير إلى 34,580 وظيفة، وهو أعلى رقم لشهر فبراير منذ عام 2022.

إشارات تحذيرية في سوق العمل

قدّم تقرير «تشالنجر» أول مؤشر رئيسي حول تخفيضات الوظائف الفيدرالية وتأثيراتها المحتملة، كما يراقب الاقتصاديون بيانات مطالبات البطالة الأسبوعية كمقياس لصحة سوق العمل.

أظهر أحدث تقرير لوزارة العمل الأميركية انخفاض عدد مطالبات البطالة الأولية بمقدار 21,000 مطالبة ليصل إلى 221,000 مطالبة الأسبوع الماضي، ما يشير إلى أن نشاط التسريح لا يزال ضمن المستويات التاريخية.

لكن التقرير أظهر ارتفاعاً في عدد العمال الفيدراليين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، حيث بلغ عدد المطالبات 1,634 للأسبوع المنتهي في 22 فبراير، بزيادة 1,020 طلباً على الأسبوع السابق.

كما أظهر تقرير التوظيف الأخير لشركة ADP تباطؤاً حاداً في نمو الوظائف بالقطاع الخاص، حيث أضاف الاقتصاد 77,000 وظيفة فقط في فبراير، مقارنة بـ186,000 في يناير.

وأشارت نيلا ريتشاردسون، كبيرة الاقتصاديين في ADP، إلى أن إنفاق المستهلكين تراجع في يناير للمرة الأولى منذ عامين، وهو أكبر انخفاض شهري منذ فبراير 2021، ما قد يكون له تأثير كبير على سوق العمل.

ما المتوقع في تقرير الوظائف لشهر فبراير؟

من المقرر أن تصدر وزارة العمل تقريرها الشهري عن الوظائف يوم الجمعة، ويتوقع الاقتصاديون أن يُظهر التقرير إضافة 160,000 وظيفة جديدة، مع بقاء معدل البطالة عند 4%.

ومع ذلك، من غير المرجح أن يظهر تأثير تخفيضات الوظائف الفيدرالية بشكل كبير في تقرير فبراير، نظراً لتوقيتها، حيث حدثت معظم التخفيضات بعد فترة المسح الرسمية، ومن المتوقع أن يكون تأثير هذه التخفيضات أكثر وضوحاً في تقارير مارس وأبريل.

الاقتصاد الأميركي عند مفترق طرق

على الرغم من التباطؤ في نمو الوظائف، لا يزال سوق العمل قوياً بدرجة كافية لدعم الإنفاق الاستهلاكي، ما يجعل الاقتصاد على المسار الصحيح لتحقيق «هبوط سلس» في مكافحة التضخم دون التسبب في ركود.

لكن التحدي الأكبر يتمثل في كيفية استجابة الشركات والمستهلكين لحالة عدم اليقين المتزايدة بسبب التعريفات الجمركية، وتخفيضات الوظائف الحكومية، وخفض التمويل الفيدرالي.

وقالت مارثا غيمبل، الخبيرة الاقتصادية في جامعة ييل: «في ظل هذه الشكوك الكبيرة بشأن الإنفاق الحكومي والسياسات التجارية، تتردد الشركات في توظيف عمال جدد أو الاستثمار في خطط توسعية، ما قد يؤدي إلى مزيد من التباطؤ في سوق العمل».

مع استمرار المخاوف بشأن تأثير السياسات الحكومية الأخيرة، يراقب الاقتصاديون عن كثب ما إذا كان سوق العمل الأميركي سيتمكن من الصمود في وجه هذه التحديات المتزايدة.